دون أدنى شك أن التاريخ البشري على درجة عالية من الأهمية، حيث نجد في الأحداث الماضية الكثير من فرص التعلم والاستفادة. ولأن تاريخ الإنسان طويل، ويضم بين جنباته تجارب الأمم والشعوب المختلفة، ولأن هناك الكثير من الأحداث، والمواقف التي كانت مفصلية، ونعلم كيف تم التعامل معها، وكيف تمت معالجتها في ذلك الحين، فإن هذا يوفر لنا رصيداً معرفياً لا ينضب، ومخزوناً من المعلومات التي لا تقدر بثمن.
وعندما تتم دراسة كل تلك الحضارات والأمم، وما مر بها من أحداث، فإننا نستفيد من وضع اليد على الأخطاء التي تم ارتكابها، وتلك التي تم الوقوع فيها، وبالتالي يمكن تجنبها، أو عدم تكرارها.
يوضح لنا تاريخ الأمم والشعوب، أن هناك نزعة للحروب وحسم كثير من الخلافات بقوة السلاح، والاحتكام كان يتجه دوماً نحو القوة، والحق مع من يملك القوة، وكنتائج لكل تلك المعارك والقتال والتعارك، نفهم وندرك أن كل تلك الصراعات لم تفض إلى شيء، أو لم تحقق غاية وهدفاً مطلقاً، حيث يمكن أن تحسم لك المعركة وتنتصر فيها، لكن تبقى النار تحت الرماد مشتعلة ومتقدة.
والدرس هنا بليغ ومفيد، وهو النزوع نحو السلام، ونحو التفاهمات، عمليات القسوة التي تستهدف إلغاء الآخرين، والتغلب عليهم، وعدم منحهم حقوقهم، أو مصادرة آرائهم، جميعها وسائل باءت بالفشل، ولم تستطع أي قوة التغلب عليها.
لذا أكبر درس هو التسامح، التقبل، والإدراك التام أن العالم يتسع للجميع، ولا داعي للمخاوف من الآخر، وكل ما علينا هو التحلي بالثقة، والانفتاح على الآخر، ومد جسور السلام والتعاون والتبادل معه، ما يسمح بنقل الخبرات والمعارف، وبالتالي المزيد من التطوير، والمزيد من الزخم، والمزيد من حرية نقل المعلومات، ومن ثم القدرة على استلهام المزيد من الأفكار، والمزيد من التوسع في تقديم المنجزات، والبناء على الخبرات التي تمت والمنجزات التي نعيشها، وتطويرها والزيادة فيها وعليها.
التاريخ يبلغنا بأن الخوف من الآخر غير مبرر، وأن أفضل وسيلة هي المعرفة، ولن تتحقق إلا بفهم الآخر، وفهم ثقافته، وتطلعاته، ومن هنا يبدأ التعاون والتقبل. ولا نبالغ عند القول بأن التاريخ البشري بمنزلة كنز من المعلومات، لا يقدر بثمن، يمكن الاستفادة منه، ومما يضمه من خبرات وأحداث ومواقف.
ولنتذكر أن الماضي لم ينته، بل ما زال ينبض، وسيظل بحاجة إلى النهل من معينه الذي لا ينضب.
www.shaimaalmarzooqi.com