أحسنت صنعاً قناة العربية بإجرائها مقابلات حصرية مع زوجتي وابنة زعيم تنظيم داعش الهالك، الذي أعلن ذات يوم بشكل تراجيكوميدي الخلافة الإسلامية وتنصيب نفسه خليفةً للمسلمين، ثم لم يلبث طويلاً حتى اصطادته غارة جوية انتهى بعدها بوقت قصير كابوس داعش الذي أساء للإسلام، وأصبح وصمة سوداء في تأريخ الإنسانية.
جذب ذلك التنظيم آلافاً من الشباب من كثير من البلدان بعد أن حقنهم بفكرة الخلاص من الآثام والذنوب في ظل ما زعمه بالدول الكافرة والمسلمين الذين يعيشون جاهليةً حديثةً، ودار كثير من الجدل حول فكرته بين قلة لا تخطئه وتتعاطف معه وتؤيده بشكل غير مباشر، وغالبية تؤكد جهله وجهالته وخطيئته بحق الإسلام جملةً وتفصيلاً. ولكن رغم كل ذلك استطاع التنظيم بشكل غير معقول ولا مفهوم بسط يده على مساحات كبيرة من العراق وسوريا آنذاك، وتدفقت وفود المنضمين إليه من كل مكان، رجالاً ونساء، معظمهم في سن الشباب، ليعيشوا فانتازيا الدولة الإسلامية التي صوروها لهم، وليكتشفوا لاحقاً أنها جزّ رقاب، وسبايا، ورقيق، وتنكيل بالبشر، وفظائع غير مسبوقة.
الشهادات التي أدلت بها زوجتاه وابنته تؤكد اختلال ذلك الشخص وزمرته اختلالاً عقلياً ونفسياً وفكرياً وعقائدياً، لم يكن ثمة شيء مهووسون به غير الجنس البشع الذي تعافه حتى البهائم. تخيلوا شخصاً يعيش مع أربع زوجات، يبدلهن من حين لآخر، وعدد كبير من أطفاله في منزل واحد ثم يضيف لهم عدداً أكبر من الطفلات المختطفات اللاتي اعتبرهن سبايا، ويمارس معهن ما يشاء بين زوجاته وأطفاله، وكذلك تفعل بقية أعوانه وجنوده، اغتصاب وبيع وشراء الرقيق، تحت راية الدولة الإسلامية، هذا هو الإغراء الحقيقي الذي دغدغوا به خيالات المراهقين، وهذا هو التشوه النفسي والانحراف الأخلاقي الأساسي الذي كان يعاني منه فريق قيادة داعش، لا علاقة لهم بإسلام ولا خلافة ولا شيء قريباً أو بعيداً من ذلك.
إن تشريح البنية الفكرية والنفسية لمثل هذه التنظيمات السيئة مهم جداً كي تطّلع عليه الأجيال الراهنة والقادمة، لأنه ليس مستبعداً نشوء تنظيمات مشابهة مستقبلاً في ظل ظروف تسمح بظهورها، وأجهزة عالمية تصنعها وتستفيد منها. كل التنظيمات المتطرفة تتدثر في البداية بأفكار تبدو نبيلة تستقطب الحيارى والتائهين واليائسين والمغامرين، لكن حقيقتها تتكشف لاحقاً بعد أن تسبب الخراب وتسلب أرواح الشباب.