: آخر تحديث

ما دون الدولة

22
26
30
مواضيع ذات صلة

علمنا التاريخ فيما يتعلق بالدول والقوة فيها وتهدد الفاعلين، أن قوة الدولة ومؤسساتها يجب أن تكون المحتكرة للقوة في المجتمع، وعلمنا وهذا هو المهم، أن التفريط في شكل من أشكال القوة لفاعل رقم من الدولة بمعنى خارج عن سلطتها، ولا يمت بصلة لمؤسساتها وهياكلها التنظيمية، يعد خطراً إستراتيجياً، احتمالية بروزه وتشكله كمنافس للدولة وأدوارها وتوجهاتها، احتماليته كبيرة بل قد تكون مؤكدة في لحظة ما، وهذه اللحظة هي لحظة الانقلاب على الدولة والنظام العام، والمؤسسات المستقرة. في الدول المتأخرة أو الأقل نمواً يفهم السبب أحيانا في اللجوء إلى السماح ببروز فاعلين ما دون الدولة، وهو في الأغلب يكون لخلق توازنات سياسية، أو عسكرية، أو حتى مناطقة وحزبية. وفي الدول المتقدمة جرت العادة أن يكون السماح ببروز فاعل ما دون الدول للقيام بأعمال توفر إما من قدرة الدولة ومؤسساتها، أو للقيام بأعمال نيابة عن الدولة، ولكن بطريقة لا تتحمل فيها الدولة أي مسؤولية عن تبعات ما يقوم به الفاعل ما دون الدولة. الذي حدث في روسيا يوم ٢٣ يونيو ٢٠٢٣، نموذج على بروز الفاعل ما دون الدولة، وتجاوزه للخطوط الحمراء وهو في هذه الحالة أمامه ثلاثة احتمالات، لا غير. الاحتمال الأول: أن يكتب النجاح للفاعل ما دون الدولة سواء كان اسمها شركة أو تنظيما أو عصابة، أو أي شيء آخر وتحل محل الدولة. الاحتمال الثاني: أن تتوازن قوة الفاعل ما دون الدولة مع قوة الدولة، وتنشب حرب أهليه لا ينتصر فيها أحد، لكن تذهب فيها قوة الدولة، ومقدراتها. ويلجأ لحلول ترقيعية في النهاية تفرضها في الغالب قوى خارجية. الثالث: وهذا نادراً ما يحدث أن تتمكن مؤسسات الدولة التقليدية من القضاء على الفاعل ما دون الدولة بشكل جذري، وهذا يعني دماء وتصفيات، ومجازر لم يك هناك أي داعٍ لها. وتسيير للبلد، واستقراره وأمنه، وتؤثر بشكل كبير على سمعته الدولية. في روسيا شهد العالم ساعات من التوتر، والذي حدث بالضبط هو محاولة انقلاب امتصتها الدولة والقيادة الروسية بهدوء، وساعد في ذلك علاقات روسيا القوية ببعض الدول التي لا تزال نظرياً تعيش على تاريخ اعتبارها جزءًا من القوة، والثقافة الروسية. وأصبح مصير الفاعل ما دون الدولة واضحا، وهو خسارة الإرث الذي بناه والامبراطورية المالية التي تكونت على مدى سنوات. خروج شركة فاغنر الروسية من المشهد الروسي بالشكل الذي تابعه الملايين في العالم لا يعني نهايتها، فمن المرجح أن دورها العام لم ينته، وهذا ما ستخبرنا به الأيام القادمة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد