: آخر تحديث

زلزلة طبيعية أم مصنوعة؟

19
23
21

بحسب تقرير المنظمة الدولية للأرصاد الجوية الصادر مؤخراً، فإن الكوارث الطبيعية ارتفعت بمعدل خمسة أضعاف خلال الخمسين عاماً الماضية، وذهب ضحيتها قرابة مليوني شخص، و90 % من إجمالي الوفيات من الدول النامية، وأحدثت خسائر اقتصادية وصلت لأربعة تريليونات دولار، دفعت دول العالم المتحضر 60 % من فاتورتها..

زلزال تركيا وسورية مازال متسيداً عناوين الأخبار العالمية، وحضوره في منصات السوشيال ميديا لم يتوقف، وقد يرجع هذا، في جزء منه، إلى حملات التبرعات التي مازالت قائمة في دول الخليج بما فيها المملكة، وكذلك في المنظمات الأممية، وجسور الإغاثة المتواصلة من كل مكان في العالم، والقصص الإنسانية المصاحبة لهذا النوع من الكوارث الطبيعية، ومعها التنبؤات العجائبية للبروفيسور الهولندي فرانك هوغربيتس، والذي أصبحت شهرته كشهرة رئيس منظمة الصحة العالمية أيام كورونا، فرغم أنه متخصص في علم الفلك لا علم الزلازل، إلا أن ما يقوله يجد رواجاً عند بعض المتحمسين، وبالأخص من يحاولون إيجاد رابط بين حركة الأجرام السماوية والظواهر الطبيعية، أو من يجتهدون لإدخال الزلازل في دائرة الكوارث الممكن تحديد توقيتها بدقة عالية.

هذا الزلزال الإقليمي تحول إلى نميمة يومية في كل بيت عربي وغربي، مع أنه حتى في خسائره الاقتصادية المقدرة بنحو 84 مليار دولار، يعتبر مقارباً لخسائر إعصار باولا البنغالي في نوفمبر 1970، وقدرها 86 مليار دولار، وأرقام ضحاياه التي وصلت لقرابة 50 ألف شخص، لا تقارن بزلزال حلب الكبير في أكتوبر 1137، والذي يعتبر ثالث أكثر الزلازل دموية في التاريخ الإنساني، فقد كانت قوته 8 درجات ونصف الدرجة على مقياس ريختر، وسجل المؤرخ (ابن القلانيسي) وهو من شهود الزلزال، أنه خلف 240 ألف ضحية، وقبله زلزال أنطاكية الذي ضرب المدينة عام 526 ميلادية، وتسبب في حرائق ضخمة، ووصلت أعداد ضحاياه إلى 250 ألفاً، أو ما يعادل نصف سكان المدينة في تلك الأيام، ومعهما زلزال وتسونامي إندونيسيا في ديسمبر 2004، فقد بدأ بزلزال قوته تسع درجات وثلاثة أعشار الدرجة على مقياس ريختر، ومن ثم تحول إلى سلسلة ضخمة من موجات التسونامي، وبارتفاع وصل إلى 30 متراً، وموجات المد البحري امتدت لمئات الكيلومترات، واجتاحت سواحل 14 دولة، من بينها، سيرلانكا والهند وتايلاند وبطبيعة الحال إندونيسيا.

بخلاف السابق خرجت أفكار تروج لتحليلات ونظريات جدلية، أبرزها، تورط مشروع (هارب) الأميركي في الزلزال، والقول: إن القوات الأميركية الموجودة في قاعدة (إنجرليك) التركية، نفذت تعليماته لتحفيز الزلزال، وتم تثبيت هذا الاستنتاج بالتأكيد على تزامنه مع ظهور برق أزرق في السماء، و(هارب) أقيم بجوار الجبل الكهرومغناطيسي العظيم (موميرو)، وهو برنامج مشترك بين القوات الجوية والبحرية الأميركية، ووكالة البحوث العلمية المتقدمة للدفاع المعروفة اختصاراً باسم (داربا)، بالإضافة لجامعة آلاسكا في أميركا، ويستهدف البرنامج، في شكله الخارجي المعلن، دراسة خصائص الأيونوسفير لتحسين تقنية الاتصال وأنظمة المراقبة، وهناك اتهامات بتورطه في مجموعة من الكوارث، وذلك في كل من إيران وباكستان وهاييتي وتركيا واليونان والفلبين واليابان.

لجنة الشؤون الخارجية والأمن والدفاع في البرلمان الأوروبي، سبق وأن عقدت ندوة عامة في بروكسل عام 1998، وكان موضوعها عن قيام حرب مناخية بمعرفة الولايات المتحدة، عن طريق مشروع (هارب) السري، وخرجت الندوة بتوصيات أكدت فيها على أضراره بالبيئة، وأنها تحتاج إلى إجراء تحقيقات قضائية وبيئية وأخلاقية للوقوف على تفاصليه، واشترطت إحالة هذه المهمة إلى لجنة دولية مستقلة، ولكن الملفات أغلقت بعد فترة قصيرة ولم تقتح حتى اليوم، وللمعلومية غالبية الأبحات التي يعمل المشروع على تطويرها مأخوذة من أعمال للعالم الصربي الراحل نيكولا تسلا، قبل ما يزيد على مئة عام.

في المقابل يعتقد البروفيسور الأميركي ويليام إيلسورث، أستاذ الجيوفيزياء في جامعة ستانفورد الأميركية، أنه من المستحيل افتعال الزلازل والأعاصير، ولو كان هذا ممكناً لاستطاعت أميركا إنقاذ نفسها من هذه الظواهر، أو بأقل تقدير، لاستخدمتها ضد خصومها كالصين وروسيا، وهذا التبرير مردود عليه، فأميركا اخترعت السلاح النووي، إلا أنها لا تستطيع حماية نفسها من تهور من يمتلكونه وتجاوزهم عليها، والسابق لا يعني أن السدود الضخمة والتنقيب لا يدخلان باعتبارهما عوامل مساعدة.

المملكة تشغل، وفق المختصين، الترتيب الثاني في قائمة الخمسة الكبار الأقل عرضة للزلازل، ويليها في الترتيب دولة أندورا الأوروبية الصغيرة، التي تقع بين إسبانيا وفرنسا، وفي الترتيب الرابع تأتي السويد، وتلحق بها النرويج في الترتيب الخامس، وبحسب تقرير المنظمة الدولية للأرصاد الجوية الصادر مؤخراً، فإن الكوارث الطبيعية ارتفعت بمعدل خمسة أضعاف خلال الخمسين عاماً الماضية، وذهب ضحيتها قرابة مليوني شخص، و90 % من إجمالي الوفيات من الدول النامية، وأحدثت خسائر اقتصادية وصلت لأربعة تريليونات دولار، دفعت دول العالم المتحضر 60 % من فاتورتها، وأتصور أن التطرف البيئي الحاصل ينتطر تطويراً ملموساً في السياسات البيئية في المملكة، واليابان لديها نظام للإنذار المبكر بالزلازل منذ 2007، والنظام يرتبط بشبكة رصد تقيم الخطر الزلزالي، وانزلاقات الصدوع النشطة، وتحدد أماكن الصفائح التكتونية، وأكبر نشاط زلزالي يمكن أن تحدثه، وأعتقد أنها تجربة تستحق الاستنساخ.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد