: آخر تحديث
حاول الأميركيون غزوها من قبل:

قصة كندا التي يريد ترامب "ضمها"

4
5
4

جدد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب رغبته في ضم كندا للولايات المتحدة واعدا بخفض ضرائبها في حال باتت ولاية أمريكية. ووصف ترامب، عبر منشور على موقعه "تروث سوشال" بمناسبة عيد الملاد، رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو بأنه "حاكم كندا"، وقال: "إنه في حال أصبحت كندا ولايتنا رقم 51، فإن ضرائبها سوف تنخفض بأكثر من 60 في المئة وسوف تتضاعف أعمالها على الفور".

وكندا هي أكبر دولة في العالم من حيث المساحة بعد روسيا، ولكن عدد سكانها قليل نسبيا (41 مليون نسمة)، وتمتد على 6 مناطق زمنية، ويحدها 3 محيطات، وتنقسم البلاد إلى 10 مقاطعات و3 أقاليم، وتعد أحد أكبر البلدان التجارية في العالم وواحدة من أغناها، فبالاضافة الى قطاعها الخدمي النشط، تتمتع باحتياطي نفطي ضخم وهي مصدر رئيسي للطاقة والمواد الغذائية والمعادن. فما هي قصة كندا التي يريد ترامب ضمها للولايات المتحدة؟

تاريخ

كان المستعمرون الأوروبيون يحصلون على الفراء من السكان الأصليين مقابل بضائع منها البنادق
Getty Images
كان المستعمرون الأوروبيون يحصلون على الفراء من السكان الأصليين مقابل بضائع منها البنادق

وصل الفايكنغ من أيسلندا، الذين استعمروا غرينلاند قبل ألف عام، إلى لابرادور وجزيرة نيوفاوندلاند، وتعتبر بقايا مستوطنتهم، لانس أو ميدوز، أحد مواقع التراث العالمي.

وعندما استكشف الأوروبيون كندا وجدوا أن جميع المناطق مأهولة بسكان أصليين أطلقوا عليهم اسم الهنود، لأن المستكشفين الأوائل اعتقدوا أنهم وصلوا إلى جزر الهند الشرقية.

ولقد أدى وصول التجار والمبشرين والجنود والمستعمرين الأوروبيين إلى تغيير أسلوب حياة السكان الأصليين إلى الأبد. فقد توفي عدد كبير منهم بسبب الأمراض الأوروبية التي لم يكن لديهم مناعة ضدها. ومع ذلك، فقد شكل السكان الأصليون والأوروبيون روابط اقتصادية ودينية وعسكرية قوية في أول 200 عام من التعايش الذي وضع أسس كندا.

وكان جون كابوت، المهاجر الإيطالي إلى إنجلترا، أول من رسم خريطة لساحل كندا الأطلسي، فوضع قدمه على جزيرة نيوفاوندلاند أو كيب بريتون في عام 1497 وأعلن أن أرض نيوفاوندلاند تابعة لإنجلترا، ولم تبدأ عملية الاستيطان الإنجليزي حتى عام 1610.

وبين عامي 1534 و1542، قام المستكشف الفرنسي جاك كارتييه بثلاث رحلات عبر المحيط الأطلسي، مطالبًا بالأرض للملك فرانسيس الأول ملك فرنسا، وسمع كارتييه اثنين من المرشدين الأسرى يرددان كلمة كاناتا ، والتي تعني "قرية" باللغة الإيروكوية ( من لغات السكان الأصليين). وبحلول خمسينيات القرن السادس عشر، بدأ اسم كندا يظهر على الخرائط.

وفي عام 1608 أسس المستكشف الفرنسي صامويل دي شامبلان مستعمرة كيبيك، أول مستعمرة كندية دائمة لفرنسا، وسرعان ما أنشأ الفرنسيون المزيد من المستوطنات في المنطقة، التي أطلقوا عليها اسم فرنسا الجديدة.

وقد بنى شامبلان حصنًا في كيبيك حيث كافح المستعمرون ضد المناخ القاسي. وقد تعاون الفرنسيون والسكان الأصليون في اقتصاد تجارة الفراء الواسع النطاق، مدفوعًا بالطلب على جلود القندس في أوروبا، وقام زعماء بارزون مثل جان تالون والأسقف لافال والكونت فرونتيناك ببناء إمبراطورية فرنسية في أمريكا الشمالية امتدت من خليج هدسون إلى خليج المكسيك.

وفي عام 1670، منح الملك تشارلز الثاني ملك إنجلترا شركة خليج هدسون حقوقًا تجارية في منطقة خليج هدسون. وعلى مدار المئة عام التالية، تنافست الشركة مع التجار الفرنسيين المقيمين في مونتريال، على تجارة الفراء. وقد هيمنت شركة خليج هدسون على التجارة في منطقة الشمال الغربي من البلاد.

وبحلول أوائل القرن الثامن عشر، باتت المستعمرات الإنجليزية على طول ساحل المحيط الأطلسي، والتي يعود تاريخها إلى أوائل القرن السابع عشر، أكثر ثراءً واكتظاظًا بالسكان من فرنسا الجديدة.

حروب

رسم يوضح استسلام القوات البريطانية للأمريكيين في يورك تاون عام 1781
Getty Images
رسم يوضح استسلام القوات البريطانية للأمريكيين في يورك تاون عام 1781

في القرن الثامن عشر، خاضت فرنسا وبريطانيا معارك للسيطرة على أمريكا الشمالية، في عام 1759 هزم البريطانيون الفرنسيين مما مثل نهاية إمبراطورية فرنسا في أمريكا الشمالية.

وبعد الحرب، أعادت بريطانيا تسمية المستعمرة بـ"مقاطعة كيبيك". وسعى الكاثوليك الناطقون بالفرنسية، والمعروفون باسم الكنديين ، إلى الحفاظ على أسلوب حياتهم في الإمبراطورية البريطانية الناطقة باللغة الإنجليزية، والتي يحكمها البروتستانت.

وفي عام 1776، أعلنت المستعمرا ت البريطانية الـ 13 الواقعة جنوب كيبيك استقلالها، وشكلت الولايات المتحدة، ومرة أخرى انقسمت أمريكا الشمالية بسبب الحرب.

وخلال حرب الاستقلال الأمريكية، فر أكثر من 40 ألف شخص موالٍ للتاج البريطاني من المستعمرات الأمريكية ليستقروا في نوفا سكوشا وكيبيك.

وكان الموالون لبريطانيا من أصول هولندية وألمانية وبريطانية وإسكندنافية ومن السكان الأصليين، ومن خلفيات دينية مشيخية وأنجليكانية ومعمدانية وميثودية ويهودية وكاثوليكية.

الديمقراطية وإلغاء العبودية

تطورت المؤسسات الديمقراطية تدريجيًا وبصورة سلمية حيث انتُخبت أول جمعية تمثيلية في هاليفاكس بنوفا سكوشا في عام 1758، وقسم القانون الدستوري لعام 1791 مقاطعة كيبيك إلى كندا العليا (أونتاريو لاحقًا)، التي كانت في الغالب موالية وبروتستانتية وتتحدث الإنجليزية، وكندا السفلى (كيبيك لاحقًا)، التي كانت كاثوليكية إلى حد كبير وتتحدث الفرنسية.

وهكذا، منح القانون الدستوري كندا، للمرة الأولى، مجالس تشريعية ينتخبها الشعب. كما أصبح اسم كندا رسميًا في هذا الوقت، واستمر استخدامه منذ ذلك الحين، وكانت المستعمرات الأطلسية وكندا تُعرف مجتمعة باسم أمريكا الشمالية البريطانية.

وكانت العبودية موجودة في جميع أنحاء العالم، من آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط إلى الأمريكتين، ظهرت أول حركة لإلغاء تجارة الرقيق عبر الأطلسي في البرلمان البريطاني في أواخر القرن الثامن عشر.

وفي عام 1793، أصبحت كندا العليا، بقيادة الحاكم جون غريفز سيمكو أول مقاطعة في الإمبراطورية تتحرك نحو إلغاء العبودية. وفي عام 1807، حظر البرلمان البريطاني شراء وبيع العبيد، وفي عام 1833 ألغى العبودية في جميع أنحاء الإمبراطورية، وقد هرب الآلاف من العبيد من الولايات المتحدة، وتبعوا "نجم الشمال" واستقروا في كندا.

وعلى الصعيد الاقتصادي، افتُتحت أولى المؤسسات المالية في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، وتم افتتاح بورصة مونتريال في عام 1832. وعلى مدى قرون من الزمان، كان اقتصاد كندا يعتمد في الأساس على الزراعة وتصدير الموارد الطبيعية مثل الفراء والأسماك والأخشاب، التي يتم نقلها عبر الطرق والبحيرات والأنهار والقنوات.

الغزو الأمريكي

بعد هزيمة أسطول نابليون بونابرت في معركة الطرف الأغر (1805)، هيمنت البحرية الملكية على المحيط الأطلنطي. وكانت الإمبراطورية البريطانية، التي شملت كندا، قد قاومت محاولة بونابرت للهيمنة على أوروبا، فاعترضت أساطيلها السفن التجارية بين فرنسا والولايات المتحدة مما أدى إلى استياء الأمريكيين.

واعتقادًا من واشنطن أنه سيكون من السهل غزو كندا، شنت الولايات المتحدة غزوًا في يونيو/ حزيران من عام 1812.

وكان الأمريكيون مخطئين، فقد دعم المتطوعون الكنديون والسكان الأصليين الجنود البريطانيين في الدفاع عن كندا.

وفي يوليو/ تموز، استولى الجنرال السير إسحاق بروك على ديترويت لكنه قُتل أثناء صد هجوم أمريكي في كوينستون هايتس، بالقرب من شلالات نياغرا، وهي المعركة التي خسرها الأمريكيون.

وفي عام 1813 أحرق الأمريكيون مبنى الحكومة ومبنى البرلمان في يورك (تورنتو حاليًا). وردًا على ذلك، قاد الجنرال روبرت روس في عام 1814 حملة من نوفا سكوشا أحرقت البيت الأبيض وغيره من المباني العامة في واشنطن العاصمة.

وبرزت قصص بطولية خلال هذه الحرب، ففي عام 1813، قامت لورا سيكورد، وكانت أم لخمسة أطفال، بقطع رحلة خطيرة بطول 30 كيلومترا سيرًا على الأقدام لتحذير الضابط البريطاني جيمس فيتزجيبون من هجوم أمريكي وشيك، وقد ساهمت شجاعتها في تحقيق النصر في معركة بيفر دامز، ولا تزال تُعرف بأنها بطلة حتى يومنا هذا.

وقد أرسل القائد البريطاني آرثر ويلسلي دوق ويلينغتون بعضًا من أفضل قواته للدفاع عن كندا في عام 1814، واختار بايتاون (أوتاوا) كموقع رئيسي لهذه القوات ضمن شبكة من الحصون لمنع الولايات المتحدة من غزو كندا مرة أخرى. وبالتالي، لعب دوق ويلينغتون، الذي هزم نابليون في عام 1815، دورًا مباشرًا في تأسيس العاصمة الوطنية لكندا.

وهكذا، وبحلول عام 1814، فشلت المحاولة الأمريكية لغزو كندا، وتُعتبر الحدود الحالية بين كندا والولايات المتحدة جزئيًا نتيجة لحرب عام 1812، والتي ضمنت بقاء كندا مستقلة عن الولايات المتحدة.

التمرد والحكومة المسؤولة

كندا
BBC

في ثلاثينيات القرن التاسع عشر، اعتقد الإصلاحيون في كندا العليا والسفلى أن التقدم نحو الديمقراطية الكاملة كان بطيئًا للغاية، واعتقد البعض أن كندا يجب أن تتبنى القيم الجمهورية الأمريكية أو حتى تحاول الانضمام إلى الولايات المتحدة.

وعندما اندلعت التمردات المسلحة في عامي 1837 و1838 في المنطقة الواقعة خارج مونتريال وفي تورنتو، لم يكن لدى المتمردين الدعم الشعبي الكافي لتحقيق النجاح، وهزمتهم القوات البريطانية والمتطوعين الكنديين، وتم شنق عدد من المتمردين أو نفيهم.

وفي عام 1840، تم توحيد كندا العليا والسفلى تحت مسمى مقاطعة كندا، وقد عمل المصلحون مثل السير لويس هيبوليت لافونتين وروبرت بالدوين، بالتوازي مع جوزيف هاو في نوفا سكوشا، مع الحكام البريطانيين من أجل إرساء حكومة مسؤولة.

وكانت نوفا سكوشا أول مستعمرة بريطانية في أمريكا الشمالية تحصل على حكومة مسؤولة بالكامل في الفترة بين عامي 1847 و1848، وفي تلك الفترة، قدم حاكم كندا المتحدة، اللورد إلغين، بتشجيع من لندن، نظام الحكومة المسؤولة.

وهذا هو النظام المعمول به إلى اليوم والذي ينص على أنه إذا خسرت الحكومة تصويت الثقة في الجمعية الوطنية، فلابد أن تستقيل.

اتحاد كونفدرالي

من عام 1864 إلى عام 1867، عمل ممثلو نوفا سكوشا ونيو برونزويك ومقاطعة كندا، بدعم من بريطانيا، على إنشاء دولة جديدة. ويُعرف هؤلاء الرجال باسم آباء الاتحاد، ولقد أنشأوا مستويين من الحكومة: الحكومة الفيدرالية والحكومة الإقليمية.

وانقسمت مقاطعة كندا القديمة إلى مقاطعتين جديدتين هما أونتاريو وكيبيك، والتي شكلت مع نيو برونزويك ونوفا سكوشا الدولة الجديدة التي أطلق عليها دومينيون كندا (سيادة إقليم كندا)، وانتخبت كل مقاطعة هيئتها التشريعية الخاصة، وكانت لها السيطرة على مجالات مثل التعليم والصحة.

وأقر البرلمان البريطاني قانون أمريكا الشمالية البريطانية في عام 1867، وأُعلن دومينيون كندا رسميًا في الأول من يوليو/ تموز من عام 1867. وحتى عام 1982، كان يتم الاحتفال بيوم الأول من يوليو/ تموز باعتباره "يوم الدومينيون" لإحياء ذكرى اليوم الذي أصبحت فيه كندا تتمتع بالحكم الذاتي، واليوم يُعرف رسميًا باسم يوم كندا.

وقد اقترح السير ليونارد تيلي، وهو مسؤول منتخب ومن آباء الاتحاد، مصطلح " سيادة كندا" في عام 1864. وقد استوحى فكرته من المزمور 72 في الكتاب المقدس الذي يشير إلى "سيادة من البحر إلى البحر ومن النهر إلى أقاصي الأرض"، وتجسد هذه العبارة رؤية بناء دولة قوية ومتحدة وثرية وحرة تمتد عبر قارة، وقد كُتب هذا العنوان في الدستور، واستُخدم رسميًا لمدة 100 عام تقريبًا، ولا يزال جزءًا من تراث كندا.

أول رئيس وزراء والسكك الحديدية

رسم للسير جون ألكسندر ماكدونالد أول رئيس وزراء لكندا
Getty Images
رسم للسير جون ألكسندر ماكدونالد أول رئيس وزراء لكندا

في عام 1867، أصبح السير جون ألكسندر ماكدونالد، أحد آباء الكونفدرالية، أول رئيس وزراء لكندا، وقد وُلد في اسكتلندا في 11 يناير/ كانون الثاني من عام 1815، وجاء إلى كندا العليا وهو طفل، وكان محامياً في كينغستون بأونتاريو، وسياسياً موهوباً، واعترف البرلمان بيوم 11 يناير/ كانون الثاني باعتباره يوم السير جون ماكدونالد والذي توجد صورته على الورقة النقدية بقيمة 10 دولارات كندية.

وكان السير جورج إتيان كارتييه المهندس الرئيسي للاتحاد من كيبيك، وبصفته محاميًا، وحليفًا وثيقًا لماكدونالد، وكنديًا وطنيًا ، قاد كارتييه كيبيك إلى الاتحاد وساعد في التفاوض على دخول الأقاليم الشمالية الغربية ومانيتوبا وكولومبيا البريطانية إلى كندا.

وانضمت كولومبيا البريطانية إلى كندا في عام 1871 بعد أن وعدت أوتاوا ببناء خط سكة حديد إلى الساحل الغربي، والذي اكتمل في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1885.

وقد نما اقتصاد كندا وأصبح أكثر تصنيعًا خلال فترة الازدهار الاقتصادي في تسعينيات القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وهاجر مليون بريطاني ومليون أمريكي إلى كندا في ذلك الوقت.

وكان السير ويلفريد لورييه أول رئيس وزراء فرنسي كندي منذ تأسيس الكونفدرالية، وشجع الهجرة إلى الغرب، وتظهر صورته على ورقة الخمسة دولارات كندية.

وقد مكن خط السكة الحديدية المهاجرين، بما في ذلك 170 ألف أوكراني و115 ألف بولندي وعشرات الآلاف من ألمانيا وفرنسا والنرويج والسويد، من الاستقرار في الغرب قبل عام 1914 وتطوير قطاع زراعي مزدهر.

الحرب العالمية الأولى

شاركت قوات كندية إلى جانب بريطانيا في الحرب العالمية الأولى
Getty Images
شاركت قوات كندية إلى جانب بريطانيا في الحرب العالمية الأولى

كان أغلب الكنديين فخورين بكونهم جزءًا من الإمبراطورية البريطانية، وقد تطوع أكثر من 7 آلاف كندي للقتال في حرب جنوب أفريقيا (1899-1902)، المعروفة باسم حرب البوير، ولقي أكثر من 260 كنديًا حتفهم. وفي عام 1900، شارك الكنديون في معركتي بارديبيرغ (جبل الخيول) وليليفونتين، وهما انتصاران عززا الفخر الوطني في كندا.

وعندما هاجمت ألمانيا بلجيكا وفرنسا في عام 1914 وأعلنت بريطانيا الحرب، شكلت أوتاوا قوة المشاة الكندية (التي أصبحت فيما بعد الفيلق الكندي)، وخدم أكثر من 600 ألف كندي في الحرب، معظمهم من المتطوعين، من إجمالي عدد السكان البالغ 8 ملايين نسمة.

وتحت قيادة الجنرال السير آرثر كوري تقدمت القوات الكندية جنبًا إلى جنب مع قوات الإمبراطورية الفرنسية والبريطانية في معركة أميان (شمال فرنسا) في 8 أغسطس/ آب من عام 1918، والتي أطلق عليها الألمان "اليوم الأسود للجيش الألماني".

ومع استسلام ألمانيا والنمسا، انتهت الحرب بهدنة 11 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1918. وفي المجموع قُتل 60 ألف كندي وجُرح 170 ألفًا، وعززت الحرب الفخر الوطني والإمبريالي في كندا.

ويتذكر الكنديون تضحيات قدامى المحاربين والشجعان الذين سقطوا في جميع الحروب حتى يومنا هذا، ففي كل عام في الحادي عشر من نوفمبر وهو يوم الذكرى، يرتدي الكنديون زهرة الخشخاش الحمراء ويلتزمون بلحظة صمت في الساعة الحادية عشرة من اليوم الحادي عشر من الشهر الحادي عشر تكريمًا لضحايا تلك الحرب.

تصويت النساء وفترة ما بين الحربين

الدكتورة إميلي ستو مؤسسة حركة حق المرأة في التصويت في كندا
Wikipedia
الدكتورة إميلي ستو مؤسسة حركة حق المرأة في التصويت في كندا

كان التصويت حتى ذلك الوقت مقتصرًا على الذكور البيض البالغين من أصحاب العقارات، وكان هذا شائعًا في معظم الدول الديمقراطية في ذلك الوقت، وتُعرف الجهود التي بذلتها النساء لتحقيق حق التصويت باسم حركة حق المرأة في التصويت، وكانت مؤسستها في كندا الدكتورة إميلي ستو، أول كندية تمارس الطب في كندا، وفي عام 1916، أصبحت مانيتوبا أول مقاطعة تمنح حق التصويت للنساء.

وفي عام 1917، منحت الحكومة الفيدرالية بقيادة السير روبرت بوردن النساء حق التصويت في الانتخابات الفيدرالية، وهو الحق الذي مُنح أولاً للممرضات في جبهة القتال، ثم للنساء اللائي شاركن في المجهود الحربي.

وفي عام 1918، مُنِحَت أغلب المواطنات الكنديات اللائي يبلغن من العمر 21 عاماً حق التصويت في الانتخابات الفيدرالية. وفي عام 1921 أصبحت آغنيس ماكفيل، المزارعة والمعلمة، أول امرأة عضو في البرلمان، وبفضل عمل تيريز كاسجراين وآخرين، منحت كيبيك النساء حق التصويت في عام 1940.

وبعد الحرب العالمية الأولى، تطورت الإمبراطورية البريطانية إلى اتحاد حر من الدول يُعرف باسم الكومنولث البريطاني، وتظل كندا عضوًا رائدًا في الكومنولث حتى يومنا هذا، إلى جانب دول أخرى خلفت الإمبراطورية مثل الهند وأستراليا ونيوزيلندا والعديد من الدول الأفريقية والكاريبية.

وكانت فترة العشرينيات الصاخبة فترة ازدهار، حيث ازدهرت الأعمال وانخفضت معدلات البطالة. لكن انهيار سوق الأوراق المالية في عام 1929 أدى إلى الكساد العظيم حيث بلغ معدل البطالة 27 في المئة في عام 1933، وانهارت العديد من الشركات، وكان المزارعون في غرب كندا الأكثر تضرراً من انخفاض أسعار الحبوب.

وكان هناك طلب متزايد للحكومة بإنشاء شبكة أمان اجتماعي تتضمن الحد الأدنى للأجور وأسبوع عمل قياسي وبرامج مثل التأمين ضد البطالة، فتم إنشاء بنك كندا عام 1934 وهو بنك مركزي لإدارة المعروض النقدي وتحقيق الاستقرار في النظام المالي. وانخفضت الهجرة وتم رفض العديد من اللاجئين، بما في ذلك اليهود الذين حاولوا الفرار من ألمانيا النازية في عام 1939.

الحرب العالمية الثانية

الجنرال ألكسندر كامبريدج يتفقد جنودًا من فرقة المشاة الكندية الأولى في 4 مايو 1940 بالقرب من ألدرشوت في هامبشايربإنجلترا
Getty Images
الجنرال ألكسندر كامبريدج يتفقد جنودًا من فرقة المشاة الكندية الأولى في 4 مايو 1940 بالقرب من ألدرشوت في هامبشايربإنجلترا

بدأت الحرب العالمية الثانية في عام 1939 عندما غزا أدولف هتلر، الدكتاتور النازي الألماني، بولندا واحتل جزءًا كبيرًا من أوروبا، وانضمت كندا إلى حلفائها الديمقراطيين في النضال من أجل هزيمة الطغيان بقوة السلاح.

وخدم أكثر من مليون كندي ومواطن من نيوفاوندلاند (كانت نيوفاوندلاند كيانًا بريطانيًا منفصلاً) في الحرب العالمية الثانية، من أصل تعداد سكاني بلغ 11.5 مليون نسمة، وكانت هذه نسبة عالية، وقُتل من بين هؤلاء 44 ألفًا.

ولقد تكبد الكنديون خسائر في الدفاع الفاشل عن هونغ كونغ ضد الهجوم الياباني في عام1941، وفي غارة فاشلة على دييب التي يسيطر عليها النازيون على ساحل فرنسا في عام 1942.

وشاركت القوات الجوية الملكية الكندية في معركة بريطانيا ووفرت نسبة عالية من أطقم الطائرات التابعة للكومنولث في القاذفات والطائرات المقاتلة فوق أوروبا. وعلاوة على ذلك، ساهمت كندا في الجهود الجوية للحلفاء أكثر من أي دولة أخرى في الكومنولث، حيث تم تدريب أكثر من 130 ألف فرد من طاقم الطائرات التابعة للحلفاء في كندا بموجب خطة التدريب الجوي للكومنولث البريطاني.

وشهدت البحرية الملكية الكندية أفضل لحظاتها في معركة الأطلسي، حيث قامت بحماية قوافل السفن التجارية ضد الغواصات الألمانية، كما ساعدت البحرية التجارية الكندية في إطعام بريطانيا وتزويدها بالملابس والإمدادات، وفي نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت كندا تمتلك ثالث أكبر بحرية في العالم.

وفي حرب المحيط الهادئ، غزت اليابان جزر ألوشيان، وهاجمت منارة في جزيرة فانكوفر، وأساءت معاملة أسرى الحرب الكنديين الذين تم أسرهم في هونغ كونغ.

ومن أجل هزيمة النازية والفاشية، غزا الحلفاء أوروبا المحتلة من قبل النازيين، وشارك الكنديون في تحرير إيطاليا في عامي 1943 و1944.

وفي الغزو الملحمي لنورماندي في شمال فرنسا في 6 يونيو/ حزيران من عام 1944، المعروف باسم يوم النصر، اقتحم 15 ألف جندي كندي شاطئ جونو واستولوا عليه من الجيش الألماني. وكان ما يقرب من واحد من كل عشرة جنود من الحلفاء في يوم النصر كنديًا.

وحرر الجيش الكندي هولندا في عامي 1944 و1945 وساعد في إجبار ألمانيا على الاستسلام في 8 مايو/ آيار من عام 1945، مما أنهى 6 سنوات من الحرب في أوروبا، وفي آسيا، استسلمت اليابان في 14 أغسطس/آب من عام 1945.

الاستقلال

بحلول ثلاثينيات القرن العشرين، كان دومينيون كندا يتألف من مقاطعات جزيرة الأمير إدوارد، ومانيتوبا، وساسكاتشوان، وألبرتا، وكولومبيا البريطانية، بالإضافة إلى إقليم يوكون، والأقاليم الشمالية الغربية، وقد انضمت المقاطعة الأخيرة، نيوفاوندلاند، إلى البلاد في عام 1949.

وفي بداية ستينيات القرن العشرين، طالب العديد من الكنديين الفرنسيين في كيبيك بالانفصال عن كندا، وأراد الكيبيكيون (الشعب الناطق بالفرنسية في كيبيك) إنشاء دولة ناطقة بالفرنسية. وفي عام 1995، صوت شعب كيبيك بأغلبية ضئيلة ضد الانفصال عن كندا، ومع ذلك، استمر العديد من الكنديين الفرنسيين في المطالبة بالانفصال.

وفي عام 1982، منح البرلمان البريطاني لكندا حق السيطرة على دستورها، وظلت الملكة البريطانية هي رئيسة الدولة الشرفية، لكن كندا أصبحت في النهاية دولة مستقلة.

وفي تسعينيات القرن العشرين، طالب العديد من السكان الأصليين الحكومة الكندية بإعادة أراضيهم إليهم، واستجابت كندا بإنشاء إقليم نونافوت، وهو وطن يتمتع بالحكم الذاتي للإنويت في عام 1999، وقد تشكل الإقليم الجديد من الجزء الشرقي من الأقاليم الشمالية الغربية.

القرن الـ 21

وصف ترامب رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو بأنه
Getty Images
وصف ترامب رئيس الوزراء الكندي جاستين ترودو بأنه "حاكم كندا"

سيطر الحزب الليبرالي على الحكومة خلال معظم فترة التسعينيات من القرن الماضي وحتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وخلال هذا الوقت، جلبت اتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة والمكسيك نموًا اقتصاديًا كبيرًا إلى كندا، كما أجرت الحكومة إصلاحات كبرى في مجال الرعاية الصحية.

وفي عام 2006، انتقلت السيطرة على البرلمان إلى حزب المحافظين بعد فوزه بأكبر عدد من المقاعد.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2014، شهدت البلاد هجومين إرهابيين منفصلين حيث قُتل شخص واحد في كيبيك وآخر في أوتاوا. وفي أوتاوا، دخل المهاجم مبنى البرلمان مما دفع الوزراء إلى حبس أنفسهم في غرف حتى تم القبض على الإرهابي، ودفعت هذه الأحداث البرلمان إلى إقرار تشريعات صارمة لمكافحة الإرهاب.

وشهد الاقتصاد الكندي تباطؤًا في عام 2015، عندما انخفضت أسعار النفط، وساعد الاقتصاد الضعيف وقضايا أخرى الحزب الليبرالي على استعادة السلطة بعد انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2015.

وشجع رئيس الوزراء الليبرالي جاستين ترودو التنوع وتعهد بالنضال من أجل البيئة. وفي ديسمبر/ كانون الثاني من عام 2016، أعلن ترودو أنه سيكون هناك حظر على حفر النفط في مياه القطب الشمالي الكندية.

وقد واجهت كندا وبقية العالم أزمة صحية عامة كبرى بدأت في مارس/ آذار من 2020 عندما أعلنت منظمة الصحة العالمية تفشي المرض المعروف باسم كوفيد-19، واستجابت كندا للمراحل المبكرة من الوباء بشكل أفضل من الولايات المتحدة وبريطانيا.

وقد أعلن ترودو في أغسطس/ آب من عام 2021 أنه يدعو إلى انتخابات مبكرة، وتساءل الناخبون عن سبب دعوته لإجراء انتخابات بعد وقت قصير من الانتخابات الأخيرة، لكنهم أعادوا انتخاب ترودو لولاية ثالثة على التوالي في سبتمبر/ أيلول من عام 2021.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار