: آخر تحديث
أثار نزوحهم أزمة في أرمينيا

لاجئو قره باغ يستبعدون السلام مع أذربيجان

29
24
36

نوياكيرت (ارمينيا): قبل هربه إلى أرمينيا من القوات الأذربيجانية، ألقى سورين مارتيروسيان نظرة أخيرة على حديقته في ناغورني قره باغ في لحظة بقيت مطبوعة في ذاكرته.

وقال الأرمني البالغ 65 عاما "ما زالت صورة حديقتنا الرائعة التي رأيتها مرة أخيرة ماثلة أمام عيني: أشجار الرمّان والكاكي التي كانت تلمع تحت أشعّة الشمس الساطعة".

تعد عائلة مارتيروسيان المكوّنة من ثمانية أفراد من بين أكثر من 100 ألف أرمني فروا من قره باغ بعدما استعادت أذربيجان المنطقة المتنازع عليها منذ عقود في هجوم خاطف في أيلول/سبتمبر ضد القوات الانفصالية الأرمنية.

أثار نزوح كامل سكان الجيب الجبلي الأرمن أزمة لجوء في أرمينيا.

وتقول أريفيك، زوجة ابن سورين، "سمعنا أصوات الرشاشات وقذائف المدفعية تنفجر على مسافة قريبة من منزلنا" في 19 أيلول/سبتمبر.

وأضافت "اعتقدنا في البداية أن ما حصل كان مجرّد مناوشة أخرى مع الأتراك"، في إشارة إلى الأذربيجانيين الناطقين بالتركية.

وتابعت "لكن مختار قريتنا سارع مذعورا إلينا وقال إن علينا جميعا الفرار إذ أن الأتراك باتوا بالفعل على أطراف القرية".

تقيم عائلة مارتيروسيان حاليا في منزل متهالك استأجرته بفضل مساعدات حكومية في قرية نوياكيرت الواقعة على بعد نحو 50 كيلومترا عن العاصمة الأرمينية يريفان.

بعد قتال لم يدم أكثر من يوم واحد، استسلمت القوات الانفصالية الأرمنية التي سيطرت على قره باغ على مدى ثلاثة عقود ووافقت على الاندماج مع باكو.

حمّل سورين قوات حفظ السلام الروسية التي انتشرت في قره باغ بعدما لعبت موسكو حليفة أرمينيا دور الوسيط للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في خريف 2020 من جهة، والحكومة في يريفان من جهة أخرى، المسؤولية عن سقوط الجمهورية الانفصالية في قره باغ.

وقال "قاتل جيشنا ببسالة لحماية أرضنا، إلا أن روسيا والحكومة الأرمينية هما اللتان تعرّضتا إلى هزيمة في قره باغ".

في 26 أيلول/سبتمبر، وقّع زعيم الانفصاليين الأرمن سامفيل شهرمانيان مرسوما ينص على أن الجمهورية الانفصالية "ستزول من الوجود" بحلول نهاية العام.

لكن في خطوة مفاجئة الأسبوع الماضي، تراجع عن الإعلان خلال تصريحات أدلى بها في يريفان.

وبدا أن بيانه إلغاء للخطوة التاريخية التي قام بها الانفصاليون لحل إدارة المنطقة المتنازع عليها والتي كانت سببا لحربين بين أرمينيا وأذربيجان في 2020 وفي تسعينات القرن الماضي.

إلا أن القرار لن يؤثر على أرض الواقع نظرا إلى أن قره باغ باتت تحت سيطرة أذربيجان الكاملة ويستبعد بأن تدعم يريفان تواصل عمل المؤسسات الانفصالية على أراضيها.

لكن قرار شهرمانيان لاقى أصداء في أوساط العديد من لاجئي قره باغ الذين ما زالوا متشبّثين بحلم قائم منذ عقود بالانفصال عن أذربيجان.

وقالت أريفيك "يعاني الأطفال بشكل دائم من الكوابيس ويبكون ليلا ويسألونني مرة تلو الأخرى عن موعد العودة".

وتابعت "سنعود بشرط واحد: إذا واصلنا العيش بشكل منفصل عن الأتراك وعندما يتم ضمان سلامة أطفالنا بنسبة 100 في المئة".

أكدت كل من أرمينيا وأذربيجان بأنهما اقتربتا من التوقيع على اتفاق سلام مبني على اعتراف كل منهما بسلامة أراضي الأخرى.

لكن قلة من لاجئي قره باغ يتشاركون هذا الأمل إذ ما زالت الكراهية العنصرية المتأصّلة تسمم العلاقات بين الأرمن والأذربيجانيين بعد عقود من العداوة.

وأفاد اللاجئ بوريس دولوخانيان الذي قتل نجله في حرب العام 2020 مع أذربيجان "لا أؤمن بالسلام.. كيف يمكنني العيش جنبا إلى جنب مع الأتراك الذين قتلوا ابني؟ يتعيّن علينا بأن نصبح أقوياء بما يكفي من أجل استعادة أرضنا بالقوة".

أوضح دولوخانيان بأن عائلته "عاشت حياة مزدهرة" في مدينة خانكندي (ستيباناكرت بالأرمنية) حيث كانت تملك عددا من المنازل والأراضي إضافة إلى مزرعة تضم أنواعا غريبة من الطيور.

وقال "تركنا جنّتنا خلفنا"، مضيفا أن العائلة باتت الآن تستأجر شقّة من ثلاث غرف في يريفان لم يعد بإمكانها تحمل تكاليفها وتبحث حاليا عن سكن أقل كلفة.

وذكرت حفيدته روزانا البالغة 10 سنوات بأنها تتمنى في عيد الميلاد "معجزة ليكون بإمكاننا العودة".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار