قطاع غزة: تواصل اسرائيل الإثنين قصف قطاع غزة حيث تهدد مجاعة المدنيين بعد ليلة عيد ميلاد حزينة للفلسطينيين في بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة تحت وطأة الحرب المستمرة منذ أكثر من شهرين.
وفي ليلة الميلاد، لم يتوقف القصف في القطاع الفلسطيني للحظة. وفي وقت مبكر من الإثنين، أسفر قصف عن مقتل 12 شخصا بالقرب من قرية الزوايدة الصغيرة (وسط)، حسب وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
وقالت الوزارة في بيان إن قصفا في خان يونس (جنوب) أودى بحياة 18 شخصا على الأقل. ووجهت اسرائيل نحو خمسين ضربة متتالية لوسط القطاع.
وشهدت نهاية الأسبوع سقوط عدد كبير من القتلى في القطاع المكتظ بالسكان وتسيطر عليه منذ 2007 حركة حماس التي تعتبرها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "منظمة إرهابية".
وقتل سبعون شخصا على الأقل في غارة على مخيم المغازي للاجئين الأحد، حسب حكومة حماس.
في الجانب الاسرائيلي، قتل أكثر من 15 عسكريا خلال الأيام الثلاثة الماضية. وصباح الإثنين أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل جنديين آخرين مما يرفع إلى 156 حصيلة خسائر القوات العاملة عى الأرض في غزة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الأحد "ندفع ثمنا باهظا جدا للحرب، لكن ليس أمامنا خيار سوى مواصلة القتال".
وأكد في رسالته بمناسبة عيد الميلاد الموجهة إلى المسيحيين في جميع أنحاء العالم "نحن نواجه وحوشا"، معتبرا أن "هذه معركة ليست فقط لإسرائيل ضد هؤلاء الهمج بل معركة الحضارة ضد الهمجية أيضا".
قال الفلسطيني المسيحي فادي الصايغ الذي أمضى ليلة الميلاد في قسم غسيل الكلى في أحد مستشفيات خان يونس حيث كثفت اسرائيل عملياتها في الأيام الأخيرة "في الحرب لا أحد يشعر بروح الأعياد".
وأضاف هذا اللاجئ الذي بات بعيدا عن عائلته المتبقية في مدينة غزة "كان يجب أن نكون نصلي الآن ونزور الأماكن المقدسة لكننا تحت القصف والحرب، لا يوجد فرحة للعيد، لا شجرة ميلاد، لا زينة، لا عشاء عائلي ولا احتفالات"، مؤكدا "أصلي أن تنتهي الحرب بأسرع وقت".
وأدى النزاع إلى مقتل 20424 شخصًا في قطاع غزة، معظمهم من النساء والمراهقين والأطفال، حسب آخر تقرير صدر عن وزارة الصحة التابعة لحماس. كما أجبر 1,9 مليون شخص أو 85 بالمئة من سكان القطاع، على الفرار من منازلهم، حسب الأمم المتحدة.
وتوعدت إسرائيل بالقضاء على حماس بعد الهجوم غير المسبوق والعنيف الذي شنته الحركة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي وأسفر عن 1140 قتيلا، معظمهم من المدنيين كما تفيد آخر الأرقام الرسمية الإسرائيلية.
وفي ذلك اليوم، خطف مسلحو حماس نحو 250 شخصا، لا يزال 129 منهم محتجزين في غزة، حسب اسرائيل.
وقال بطريرك القدس للاتين بييرباتيستا بيتسابالا الذي حضر للاحتفال بعيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية وهو يضع كوفية سوداء وبيضاء حول عنقه، الأحد "يجب أن نوقف هذه الأعمال العدائية ونطوي الصفحة".
في هذه المدينة مهد يسوع المسيح وفقا للتقاليد المسيحية، ألغت البلدية الفلسطينية جزءا كبيرا من احتفالات عيد الميلاد وتسود جواء من الحزن.
أمام كنيسة المهد غابت مغارة عيد الميلاد هذا العام وحل محلها رمز إلى المذبحة التي يتعرض لها مواطنو غزة، بتمثالين رماديين للسيدة العذراء ويوسف وسط أنقاض وخلف أسلاك شائكة.
وقالت الطالبة نيكول نجار (18 عاما) لوكالة فرانس برس "من الصعب جدا أن نحتفل بأي مناسبة وشعبنا يموت".
قال البابا فرنسيس خلال قداس عيد الميلاد في روما "قلبنا هذا المساء في بيت لحم"، منددا بـ"منطق الحرب الخاسر".
في رفح بجنوب قطاع غزة، تنهار إسراء أبو العوف (27 عاما) بعد قصف الأحد على حي سكني لجأت إليه. وقالت لفرانس برس "كفى معاناة! لنتوقف عن جعل هؤلاء الأطفال يعانون، دعونا نتوقف عن فرض هذا المستقبل المؤلم عليهم".
وأضافت "أقول لك يا نتانياهو، كل طفل (...) سيكبر وهو يريد الانتقام لأبيه وأمه وعمه (...) جيش كامل سينهض للانتقام من إسرائيل مرة أخرى، لنوقف هذا".
وما زال الوضع الإنساني في غزة كارثيا. فمعظم المستشفيات هناك خارج الخدمة، وفي الأسابيع الستة المقبلة، يواجه جميع السكان خطر مستوى عال من انعدام الأمن الغذائي مما قد يؤدي إلى مجاعة، كما تقول الأمم المتحدة.
وصرح رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس الأحد أن "تدمير النظام الصحي في غزة هو مأساة".
وعلى الرغم من تبني مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الجمعة قرارا يدعو إلى تسليم المساعدات الإنسانية "الفورية" و"على نطاق واسع"، لم تسجل زيادة كبيرة في هذا المجاتل.
وأعلن الجيش الأردني مساء الأحد أن طائراته أسقطت مساعدات لنحو 800 شخص لجأوا إلى كنيسة القديس فرفوري في شمال قطاع غزة.
أما الوسطاء المصريون والقطريون فما زالوا يحاولون التفاوض على هدنة جديدة بعد توقف للقتال لمدة سبعة أيام في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر سمح بالإفراج عن 105 رهائن و240 أسيراً فلسطينياً بالإضافة إلى دخول قوافل مساعدات إنسانية كبيرة إلى غزة.
وذكر مصدر في حركة الجهاد الإسلامي، أن الأمين العام للحركة زياد النخالة وصل على رأس وفد إلى القاهرة.
أعلن الجيش الإسرائيلي الأحد أنه اكتشف "مخزن أسلحة مجاور لمدارس ومسجد ومركز طبي" يحتوي على "أحزمة ناسفة مناسبة للأطفال وعشرات من قذائف الهاون ومئات القنابل اليدوية ومعدات استخباراتية".
وقال إنه يقوم في إطار عملياته باعتقال "أشخاص يشتبه بتورطهم في أنشطة إرهابية"، مؤكدا أن الذين "يثبت عدم مشاركتهم في أنشطة إرهابية يتم إطلاق سراحهم".
لكن فلسطينيين أفرج عنهم بعد اعتقالهم في قطاع غزة قالوا لفرانس برس إنهم خضعوا لتعذيب وهو ما ينفيه الجيش.
وأكد نايف علي (22 عاما) "أوثقوا يدي وراء ظهري لمدة يومين. لم يكن لدينا ما نشربه أو نأكله ولم يسمحوا لنا باستخدام المراحيض.. ضرب وفقط ضرب".
ودعت حماس الأحد اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى التحقيق في هذه الاعتقالات.