جندت إيران رجلاً ينشط في مجال الاتجار بالبشر ويدعى محمد حسين دوفتاييف، لتنفيذ مخطط "العريس والعروس" لاغتيال اثنين من مقدمي قناة "إيران إنترناشيونال" في لندن. رسم المخطط عنصر في الحرس الثوري على صلة وثيقة بآل الأسد بهدف ترويع منتقدي النظام برسالة مفادها أنه "يمكن أن نطالكم في أي وقت"!
إيلاف من لندن: كان مخطط الحرس الثوري الإيراني يقضي أن تنفجر سيارة مفخخة أمام مقر قناة "إيران إنترناشيونال" المعارضة في غرب العاصمة البريطانية لندن في الخريف الماضي. إلا أن انتشارًا مكثفاً لقوات الأمن البريطاني حول المبنى دفع إلى استبدال الخطة بأخرى: اغتيال المذيع في القناة فرداد فرحزاد والمذيعة السابقة في القناة سيما ثابت.
وقال تقرير بثته قناة "آي تي في" البريطانية إن عملاء تابعين للحرس الثوري الإيراني عرضوا على رجل ينشط في مجال الاتجار بالبشر في أكتوبر(تشرين الأول) 2022 اغتيال فرحزاد وثابت مقابل 200 ألف دولار، غير أن الرجل كان عميلاً مزدوجًا، فكشف للأمن البريطاني المؤامرة بتفاصيلها.
ITV News can reveal a $200,000 assassination plot to murder two news presenters outside their London studio, commissioned by associates of the Syrian president Bashar al-Assad.
— ITV News (@itvnews) December 20, 2023
ITV News Global Security Editor @RohitKachrooITV reportshttps://t.co/fn4QTDVYav
كان دافع إيران لاغتيال المذيعين، وخصوصًا ثابت، هو "توجيه الإهانات إلى الجمهورية الإسلامية في إيران"، وقال العميل المزدوج: "قالوا لي إنهم يريدون أن يلقنوا من يحل محلهما درسًا لا ينسونه".
عريس وعروس
وبحسب تقرير "آي تي في"، حمل مخطط اغتيال ثابت وفرحزاد رمز "العريس والعروس". العروس في هذه الخطة هي سيما ثابت، الحاصلة على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية، والتي قدمت سابقًا برنامجًا حواريًا في التاسعة مساءً على قناة "إيران إنترناشيونال". وقد علقت على نبأ التخطيط لاغتيالها بالقول: "حقيقة أنهم حاولوا قتلي يظهر أنني أجدت في أداء عملي. أنا لم أخن الناس بل وقفت معهم، حتى لو وضع حياتي في دائرة الخطر". أما العريس فهو فرداد فرحزاد، مراسل سابق في قناة "بي بي سي"، قال: "لم أكن أعلم أن هناك مخططًا يهدد حياتي، وسماع هذا الخبر بشكل مباشر يجعله أكثر واقعية". وأضاف بعدما اطلع على الأدلة التي حصلت عليها قناة "آي تي في": "إنه أمر صادم".
المخطط الأول لعملية التصفية هو محمد رضا أنصاري، القيادي في الوحدة 840 المكلفة تنفيذ العمليات الخارجية في "فيلق القدس"، الذراع الخارجية لـ"الحرس الثوري". لأنصاري ارتباط وثيق بعائلة رئيس النظام السوري بشار الأسد، والمدرج على قائمة العقوبات الأميركية، وهو نفسه من أمر محمد عبد الرزاق كنفاني بتنفيذ عملية الاغتيال، علمًا أن كنفاني مقرب أيضًا من الأسد. يضيف تقرير "آي تي في": "أتت أوامر اغتيال المذيعين من مسؤولين على صلة مباشرة بالأسد في دمشق"، إذ أرسل كنفاني ملفات تعريف ثابت وفرحزاد على إنستغرام إلى أحد عناصره السوريين، محمد عبد الرازق كنفاني، وأمره بترتيب خطة الهجوم التي أشاروا إليها باسم "الزفاف" خلال مكالماتهما.
عميل مزدوج
في أكتوبر(تشرين الأول) 2022، اتصل كنفاني بمن اختاره لتنفيذ الاغتيال، وطلب منه قتل مدير قناة "إيران إنترناشيونال" ونائبه وخمسة آخرين يعملون في القناة، بدلاً من فرجزاد وثابت، "لكن تغيرت الخطة لاحقًا، وكان القرار الاكتفاء بقتل المذيعين وحدهما، من دون أن يعلم المخططون أن ثابت وحدها موجودة في لندن، بينما غادر فرحزاد إلى واشنطن"، كما يأتي في التقرير، مضيفًا أن العميل المستأجر لتنفيذ الاغتيال تعامل أول مرة مع الحرس الثوري في عام 2016، في مسألة تتعلق بالشحن، "لكن جندته لاحقًا وكالة استخبارات غربية، فأبلغ رؤساءه الجدد باتصال الحرس الثوري به في عام 2022، وبمضمون الاتصال وتفاصيل المؤامرة".
يتابع التقرير: "أخبر كنفاني العميل المستأجر أنه أرسل صديقًا لالتقاط صور لمكتب القناة بلندن"، علمًا أن محكمة لندن الجزائية وجدت في 20 ديسمبر(كانون الاول) الجاري أن النمساوي من أصل شيشاني محمد حسين دوفتاييف مذنباً بتنفيذ عمل "استطلاع عدائي" يستهدف القناة، بجمع معلومات يمكن استخدامها في هجوم إرهابي، وقد ألقت السلطات البريطانية القبض على دوفتاييف في فبراير(شباط) الماضي أثناء التقاطه صورًا للمبنى السابق للقناة في غرب لندن لإرسالها لطرف ثالث، تمهيدًا لتنفيذ عملية إرهابية ضدها. وانتقل دوفتاييف من النمسا إلى لندن في فبراير، قبل أن يتوجه مباشرةً إلى مقر القناة في غرب لندن.
حكم المحكمة
ونفى دوفتاييف تهمة بمحاولة جمع معلومات من المحتمل أن تكون مفيدة لشخص يرتكب أو يُعدّ لعمل إرهابي، وادّعى أنه "تم الإيقاع به" من قبل جهة اتصال مجهولة، لزيارة مكتب إيران الدولي في لندن.
وأدانت هيئة محلفين دوفتاييف، الأربعاء. وحكمت محكمة أولد بيلي اللندنية، اليوم الجمعة، على دوفتايف بالسجن لمدة ثلاث سنوات وستة أشهر، ويتعين عليه أن يقضي ثلثي مدة العقوبة، مطروحا منها الوقت الذي قضاه بالفعل في الحجز.