القاهرة: فتحت مراكز الاقتراع في مصر أبوابها صباح الأحد لانتخابات رئاسية تجرى على مدار ثلاثة أيام، تبدو محسومة النتائج لجهة فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بولاية ثالثة.
ودعي 67 مليون مصري للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التي طغت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة على الاهتمام بها، خصوصا في غياب أي منافسة جدية. ويخوض السباق الى جانب السيسي (69 عاما)، ثلاثة مرشحين غير معروفين على نطاق واسع من الجمهور.
واصطف مصريون خارج المراكز التي فتحت أبوابها عند التاسعة صباحا (07,00 ت غ). وبعد ثلاثة أيام من الاقتراع تختتم الانتخابات عند الساعة 19,00 ت غ الثلاثاء، على أن تعلن النتائج الرسمية في 18 كانون الأول/ديسمبر.
في حي عابدين بوسط القاهرة، تجمع عشرات المصريين من أعمار مختلفة، غالبيتهم من النساء، أمام مدرسة تستخدم كمركز اقتراع أحيط بتواجد أمني كبير، بحسب صحافي من فرانس برس.
ورفعت لافتات كتب عليها "أخرج وشارك"، بينما صدحت في المكان أغنيات وطنية.
وقالت سيدة خمسينية قبل الإدلاء بصوتها "لنكن واقعيين، هذه انتخابات محسومة للسيسي بسبب عدم معرفة الناس بالمنافسين".
وأضافت "رغم الغلاء وصعوبة الحياة إلا إننا بحاجة الى شخص يستطيع التعامل مع ما يحدث على الحدود مع غزة".
وتتصدر المشكلة الاقتصادية الاهتمامات في بلد يواجه أكبر أزمة اقتصادية في تاريخه، مع معدل تضخم يلامس 40% وعملة محلية فقدت 50 بالمئة من قيمتها ما أدى الى انفلات الأسعار. ويعيش 60 بالمئة من سكان مصر الذين يناهز عددهم 106 ملايين نسمة، حول خط الفقر.
تجرى عمليات الاقتراح الأحد والاثنين والثلاثاء ما بين التاسعة صباحا والتاسعة مساء (07,00 و19,00 ت غ).
لا تثير هذه الانتخابات حماسة المصريين بعد أن ألقت الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة المجاور، ظلالها على الحملة الانتخابية التي أجريت في تشرين الثاني/نوفمبر.
وباتت البرامج التلفزيونية المسائية في القنوات المحلية المقربة من أجهزة المخابرات المصرية، تحاول الآن الربط بين الانتخابات والحرب في غزة.
وقال مقدم البرامج على قناة صدى البلد أحمد موسى "هناك مليونان (في غزة) يريدون الدخول عندنا... لا يمكن أن نكتفي بالمشاهدة... يجب أن نخرج (للمشاركة في الانتخابات) ونقول لا للتهجير".
إضافة الى السيسي، يخوض الانتخابات ثلاثة مرشحين هم فريد زهران رئيس الحزب المصري الديموقراطي (يسار وسط)، عبد السند يمامية من حزب الوفد الليبرالي العريق الذي بات اليوم هامشيا، وحازم عمر من الحزب الشعبي الجمهوري.
وبدا أن الأخير كان الأكثر إقناعا في مناظرة تلفزيونية وحيدة شارك فيها كل المرشحين باستثناء السيسي الذي أوفد أحد أعضاء حملته بالنيابة عنه.
وحاول وجهان من المعارضة خوض غمار الانتخابات، دون جدوى. ويقبع أحدهما، وهو الناشر الليبرالي هشام قاسم، في السجن حاليا. أما الآخر، وهو النائب السابق المعارض أحمد الطنطاوي، فبدأت محاكمته بتهمة "تداول أوراق تخص الانتخابات بدون إذن السلطات".
وقال الناشط السياسي الصحافي خالد داوود إن الانتخابات تأتي "في ظل جو خانق وقمع للحريات والسيطرة التامة (من قبل السلطات) على الاعلام الرسمي والخاص وإصرار الأجهزة الأمنية على منع المعارضة من العمل في الشارع".
وأضاف "لسنا واهمين أن الانتخابات تجري في ظروف مثالية أو تلبّي الضمانات التي طالبنا بها لكي تتمتع بالمصداقية والنزاهة".
غير أنه أكد أنه سيشارك ويعطي صوته لفريد زهران "لتصل رسالة واضحة وصريحة للنظام الحالي: اننا نطمح الى التغيير ونتمسك به، وبعد عشر سنوات من إدارته للبلاد أصبحنا في وضع شديد الصعوبة وتدهورت الأوضاع المعيشية للمصريين ونواجه خطر الافلاس بسبب سياسات النظام الحالي".
ووصل السيسي، وزير الدفاع والقائد السابق للجيش، الى السلطة إثر إطاحته الرئيس السابق محمد مرسي في تموز/يوليو 2013. وفي انتخابات عامي 2014 و2018، فاز السيسي بأكثر من 96% من الأصوات.
وبعد ذلك أدخل تعديلا دستوريا لتصبح ولايته الثانية ست سنوات بدلا من أربع وليتمكن من الترشح لولاية ثالثة.
وفي هذا السياق تتجه الأنظار الى نسبة المشاركة التي بلغت 41،5% في 2018، أقل بست نقاط عن الانتخابات السابقة.
ويرى مصريون مؤيدون للرئيس المصري، أن السيسي هو مهندس عودة الهدوء الى البلاد بعد الفوضى التي أعقبت ثورة العام 2011 وإسقاط حسني مبارك.
منذ بداية 2014، وعد السيسي باعادة الاستقرار بما في ذلك اقتصاديا.
وأطلق الرئيس المصري في العام 2016، برنامجا طموحا للاصلاحات المالية والاقتصادية شمل تحرير سعر صرف العملة المحلية وخفض دعم السلع الأساسية الذي تمنحه الدولة لبعض الفئات المحدودة الدخل.
وأدى ذلك الى ارتفاع الأسعار وتصاعد الغصب الشعبي.
وتضاعف الدين الخارجي لمصر ثلاث مرات خلال السنوات الأخيرة، ولم تدرّ المشروعات الكبرى التي تنفذها الدولة ويسند تنفيذها غالبا الى الجيش، العوائد المتوقعة منها.
ويشير الباحث يزيد صايغ الى أن "السيسي لا يمكنه فرض أي تغيير على الجيش وإلا أصبح مهددا بفقدان منصبه".
ويستبعد أن تشهد البلاد أي احتجاج جدي لأن الرئيس المصري المنبثق من الجيش، يحكم البلاد بيد من حديد.
ويقبع آلاف السجناء السياسيين خلف القضبان في مصر. وأطلقت لجنة العفو الرئاسية قرابة ألف منهم على مدى عام، لكن المنظمات الحقوقية تؤكد أن "ثلاثة أضعاف هذا العدد تم توقيفه خلال الفترة نفسها".