نبدأ عرض الصحف بسؤال مهم تكرر طرحه في أعقاب بدء الغارات الإسرائيلية على غزة وتحديد إسرائيل لأهداف معركتها في القطاع، وهو: "من سيحكم غزة؟"، وهو عنوان مقالة كتبها عبد الرحمن الراشد في صحيفة الشرق الأوسط السعودية التي تصدر في لندن.
ويرى الكاتب أن هناك ثلاثة مرشحين لإدارة قطاع غزة، هم: حركة حماس، والسلطة الفلسطينية، وإسرائيل نفسها.
ويقول إن جامعة الدول العربية وأعضاءها لا يحبذون الحديثَ بصوتٍ مسموع عن "اليوم التالي" لانتهاء الحرب، لأن في ذلك "انحناءً لمطالبِ إسرائيل".
ويرى أن "انتظار إسرائيلَ حتى تنتهي من حربِها خيارٌ أسوأ؛ لأن عدم التفاوض على حلّ سيطلق يدَ الإسرائيليين في التدمير، وعندما يسيطرون على معظم القطاع سيصبحون هم من يقرّر مصيرَ غزة".
ويرى الراشد أن "إسرائيل تهيئُ الرأيَ العامَّ الدولي إلى ترتيبات مختلفة، أبرزُها أن تجعل عام 2024 في غزةَ من دون حماس، ورفض الدعوة إلى وقف الحرب".
حرب غزة: لماذا تختلف عن غيرها من الحروب السابقة؟
ماذا نعرف عن اتفاق غزة بين إسرائيل وحماس بشأن الرهائن؟
كما يستبعد الكاتب خيار "ضمّ حماس إلى كيان السلطة الفلسطينية، وتكليف السلطة حينها بإدارة غزة أمنيا، وإداريا، وماليا"، لرفض الطرفين له.
لكنه يرى أن "أي تكليف للسلطة الفلسطينية بحكم غزة بشكل كامل أو بالشراكة مع حماس هو الأفضل، لأنَّه سيجنّبها الاحتلال الإسرائيلي وسيوقف مشروع التهجير الإسرائيلي للفلسطينيين، سواء إلى مصرَ أم داخل غزة نفسها".
ويختتم الكاتب مقالته بأنه "لا توجد حلولٌ سهلة، وقد حانتِ اللحظةُ للضغط على الطرفين للقبولِ بحل الدولتين، وهو نفسه حل الدولة الفلسطينية، والاستفادة من الأزمة الحالية التي روَّعت الطرفين، وأعادت شيئاً من التفكير البراغماتي للسياسيين".
كيف يتعامل الطرفان مع المعتقلين والرهائن؟
وفي مقال بعنوان "ملاحظات على هامش تبادل الأسرى"، للكاتب وسام رفيدي، في صحيفة القدس الفلسطينية، يشير الكاتب بداية إلى أن التبادل هذه المرة يتم "تحت النار تماما، هدنة مؤقتة ليتم التبادل، وبعده ربما يستمر القتال.. ولأنه تبادل تحت النار ففيه تنعكس موازين القوى على أرض القتال".
ويرى الكاتب أن "الاتفاق وشروطه وتوقيته وتفاصيله، وكيفية التعامل معه، تعكس تلك الموازين".
ويتحدث وسام رفيدي عن عدة سمات لتبادل المعتقلين والرهائن هذه المرة منها "ظروف الاعتقال السيئة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول التي غدت حقيقة مثبتة بشهادات النساء والأطفال المحررين خلال اليومين الماضيين" وهو الأمر الذي تحركه نزعة انتقام تعم مجتمع المستوطنين، بحسب رفيدي.
ويضيف الكاتب أن هناك سمة "الندية" التي فرضها "المفاوض الغزي بقوة الدم، فجسدها في موقف تأجيل البدء في الصفقة في اليوم الثاني لإجبار المحتل على الالتزام ببنود الاتفاقية".
ويقول رفيدي إن نزعة الانتقام أيضا تمثلت في مهاجمة الشرطة الإسرائيلية "بيت أسيرة محررة من القدس، وصادرت الحلويات الجاهزة للتوزيع على المحتفين بتحررها، وفي القدس صادرت الكراسي المعدة لاستقبال المهنئينن، ومنعت الصحفيين من تغطية الحدث، وطردت الناس من البيوت"، إلى جانب قرار بن غفير "بتغطية شبابيك الحافلات التي تنقل الأسيرات والأطفال الأسرى كي لا يراهم أحد، ولا يرون أحدا في الشارع، يحييهم ويحييونه".
ويقول إن "دولة تهوي بأهدافها الكبيرة إلى حد ملاحقة (علبة حلويات) لا مستقبل لها".
ويرى الكاتب أن من يتابع ما قالته الرهينة العجوز "التي أطلق القسام سراحها مبكرا لاعتبارات إنسانية، وما ينقله الإعلام عن المحتجزين المطلق سراحهم، عبر أهاليهم وأسباب منع الجيش والأجهزة الأمنية المطلق سراحهم من مخاطبة الإعلام نهائيا، يرى حقيقة المعاملة الإنسانية التي تلقوها أثناء احتجازهم، إذ وفر لهم المأكل والملبس والدواء، ولم يعتد عليهم أو يعذبوا أويضربوا"، ويستشهد الكاتب بملامح "الوجوه في بعض الفيديوهات التي نشرها القسام للحظة إطلاق سراحهم، التي تؤكد تلك المعاملة".
وفي المقابل أعادت إسرائيل، بحسب ما يقوله الكاتب، "شروط الاعتقال في السجون للأيام الأولى من عام 1967: عدم تقديم العلاج إلا في فترات متباعدة، مصادرة الفرش والأغطية طوال النهار، قطع الكهرباء والماء لساعات طويلة، الاعتداءات الجسدية التي أدت إلى استشهاد ستة معتقلين". ويعقب قائلا: "نحن تحركنا أخلاقنا، وهم تحركهم نزعتهم الفاشية وهذا هو الفرق بين المستمعَر والمستعمِر".
"لقد قسمنا أنفسنا إلى قبائل سياسية"
وننتقل إلى صحيفة جيروسالم بوست التي كتب فيها جيه جيه سوسمان مقالة قال فيها "لا نستطيع أن نعود إلى عالم ما قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول، حين كنا نظن أن هؤلاء الذين على الجانب الآخر من الناحية السياسية أو الدينية هم أعداؤنا".
ويرى سوسمان أنه مع حالات الرعب والتوتر وعدم اليقين التي يواجهها الإسرئيليون اتضحت بينهم وحدة وطنية غير متخيلة، ويعبر عن رغبته في "تعبئة" هذا الشعور والحفاظ عليه لجني فوائده.
وهنا يتساءل عن المحفز الأساسي الذي أدى إلى هذا الشعور.
وقال سوسمان إنه يجب "تقييم الأخطاء التي ارتكبت على المستوى العسكري لتحديد إن كانت هناك أخطاء مماثلة كادت أن تمزق إسرائيل من الداخل .. خلال العام الماضي".
ويضيف سوسمان "اعتمدت إسرائيل بشكل كبير على التكنولوجيا في غزة وما حولها، لقد أنفقنا المليارات لبناء نظام استشعار تحت الأرض لا يمكن اختراقه، إلى جانب الكاميرات الذكية والأسوار التكنولوجية، أقنعنا أنفسنا بأنه يمكن اكتشاف نشاط العدو في وقت كافٍ حتى تتمكن قواتنا الدفاعية من التعبئة والصمود في وجه الهجوم. وكان هذا هو المفهوم "الخاطئ الذي أدى إلى قائمة طويلة من القرارات التي كانت في نهاية المطاف مميتة".
ويقول الكاتب: "هذا قلل من أهمية ذكائنا البشري، وقمنا برفض المناقشة والمناظرة، وقللنا من تفاعلنا مع العدو - وهذا أمر مكلف- وتجاهلنا تقارير الراصدين على الحدود، وبدلا من فحصها، لقد قسمنا أنفسنا إلى قبائل سياسية".
إغفال الجانب الآخر
ويلقي الكاتب باللوم في هذا على طريقة الإسرائيليين في العيش خلال العقد الماضي مع "أولئك الذين يشبهوننا، والتفاعل مع من لديهم آراء مماثلة، وتلقي التعليم في مدارس يوضع فيها جميع الطلاب والمدرسين في نفس القالب.. وهو ما يجعلنا محددين بشكل لا يصدق في أفكارنا، إذ يعززها كل من حولنا".
ويتهم سوسمان الساسة في إسرائيل "باستغلال هذا الاتجاه، إذ يتحدث كل منهم فقط إلى قاعدة ناخبيه"، وضرب مثلا بقضية الإصلاحات القضائية، التي "فقد الناس فيها القدرة على الاستماع، والمناقشة، ولم يستطيعوا لذلك التوصل إلى تسوية".
ويدعو الكاتب إلى إيجاد السبل للتفاعل مع الآخر، مؤكدا أنه "لا يمكننا الاعتماد على إطارنا التعليمي الحالي المنعزل ولا يمكننا الاعتماد على برامج التوعية المجتمعية، لأن معظمنا اختار العيش بالقرب من أشخاص مثلنا تماما، ومن المؤكد أننا لا نستطيع الاعتماد على وسائل الإعلام أو الحكومة، التي يبدو أنها لا تستفيد إلا من خلال دعم مواقفها عن طريق إبعادنا عن بعضنا بعضا".