مر أكثر من شهر منذ هجوم حماس على إسرائيل، لكن صدمة باقية من حدث لم يسبق له مثيل في التاريخ الإسرائيلي. أحد أشد العواقب هو الشعور بانعدام الأمن، ما يدفع بالإسرائيليين إلى التسلح
إيلاف من دبي: للحرب المستمرة تأثيرات مباشرة على حياة الإسرائيليين اليومية. وفي الأسابيع الأولى بعد هجوم حماس، أُغلقت المدارس والمطاعم ومراكز التسوق والنوادي في إسرائيل، وعمل موظفو الشركات والمكاتب عن بعد، وتم تسجيل زيادة في المبيعات في المتاجر الكبرى، خصوصًا مبيعات المواد الغذائية، بينما بقيت المدن مهجورة، كما في زمن الجائحة. اليوم، تحاول إسرائيل العودة إلى الحياة الطبيعية، مع بعض التعقيدات. فنحو 5 في المئة من الإسرائليين تركوا الدراسة والعمل استجابة لطلب التعبئة العامة في الجيش.
منذ نهاية أكتوبر الماضي، أعيد تشغيل المدارس بشرط توفير ملجأ يقي التلاميد من الصواريخ والقذائف. ويواصل بعض المدارس التي لا تضم ملاجئ التعليم عن بعد، في حين ظلت المناطق القريبة من قطاع غزة ولبنان مغلقة. كما أدت استدعاء الاحتياط إلى تقليص عدد أعضاء هيئة التدريس. ولم تبدأ الدروس حتى بالنسبة إلى 20 في المئة من عرب إسرائيل، إذ تم تأجيل بداية العام الدراسي حتى 3 ديسمبر المقبل، ويمكن تأجيله إلى الصيف.
موسيقى خافتة
أعيد فتح معظم المطاعم والنوادي، خصوصًا في تل أبيب. وحتى في سوق الشوك الكبير بالقدس، تعود الحياة الليلية تدريجياً إلى طبيعتها. وبعد أسابيع قليلة من الإغلاق، أعيد فتح بعض الأماكن، على الرغم من إبقاء الموسيقى الصاخبة خافتة في الخلفية.
يواجه قطاع البناء صعوبات جمة بسبب إغلاق الحدود مع غزة والضفة الغربية، علماً أن جزءاً كبيراً من 150 ألف تصريح عمل ممنوحة للمواطنين الفلسطينيين تتعلق بهذا القطاع. وكان غياب العديد من المهاجرين الآسيويين، الذين عادوا إلى بلدانهم في الأيام التي تلت الهجمات، محسوسًا بشكل خاص في الريف، حيث تم استبدال العديد من العمال المفقودين بمتطوعين من المدن.
وكانت آثار الحرب واضحة بشكل خاص في الأماكن الأكثر جذبًا للسياح. بعد مرور شهر على الهجمات، لا تزال القدس القديمة التي تزدحم عادة بالزوار، يأتونها من جميع أنحاء العالم، خالية تمامًا. وتم إلغاء الرحلات الجوية والجولات السياحية، وما زال معظم المحلات التجارية المتعلقة بالسياحة مغلقًا، والشوارع شبه مهجورة.
تفشي السلاح الفردي
بعد هجوم 7 أكتوبر، تم إجلاء أكثر من 200 ألف إسرائيلي من المناطق القريبة من الحدود مع قطاع غزة ولبنان. صارت سديروت (كان عدد سكانها 35 ألف نسمة) والمجتمعات الصغيرة القريبة من عسقلان مدن اشباح، في حين أن أماكن أخرى تعاني من المشكلة المعاكسة: في إيلات على البحر الأحمر، وصل أكثر من 60 ألف لاجئ. فنادق المنطقة ممتلئة والمدارس تنظم فترتين تعليميتين لاستيعاب الأطفال. كذلك، وصل إلى القدس 25 ألف شخص، منهم 7 آلاف من الحدود مع لبنان، ووضعت المدينة سلسلة من إجراءات المساعدة للعائلات النازحة، بما في ذلك قاعدة بيانات للمربيات المتطوعين. وحتى أولئك الذين بقوا في منازلهم غيّروا عاداتهم. تروي الصحف الإسرائيلية قصصًا عن مواطنين مصابين بصدمات نفسية يواجهون مشكلات في مغادرة منازلهم، وينامون في غرف آمنة.
مع ذلك، الأثر الأكثر وضوحًا هو تفشي ظاهرة التسلح بين الإسرائيليين: المسدسات منتشرة على نطاق واسع، ويمكن رؤية بنادق نصف آلية أيضًا. وفقاً لبيانات وزارة الأمن القومي الإسرائيلية، تم طلب 120,000 رخصة سلاح منذ 7 أكتوبر، وهو العدد نفسه الذي تم طلبه في العامين الماضيين. ميادين الرماية مزدحمة بشكل خاص، ونظمت في مدن مختلفة مجموعات في فرق مسلحة للاستجابة للطوارئ في حال وقوع أي هجوم.
الشعور بانعدام الأمن عقّد التعايش مع الأقليات العربية في إسرائيل. قال المؤرخ والكاتب الإسرائيلي جدعون أفيتال إبستين لصحيفة الباييس الإسبانية : "إن أغلبية الإسرائيليين اليوم يعانون من تنافر إدراكي: حتى وقت قريب كانوا مقتنعين بإمكانية السلام".
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "إيل بوست" الإيطالي