يقوم وزير الخارجية الأمريكية بجولة في الشرق الأوسط في إطار مساعي تستهدف الوفاء بتعهدات واشنطن بالدعم "المطلق" لإسرائيل و"بحث جهود منع انتشار الصراع، وتأمين الإفراج الفوري والآمن عن الرهائن، وتحديد آليات حماية المدنيين"، عقب الهجوم الذي شنته حركة حماس على عشرات البلدات في الداخل الإسرائيلي، السبت الماضي.
كما وصل وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى إسرائيل صباح الجمعة في زيارة تهدف إلى إظهار تضامن الولايات المتحدة الكامل مع حليفتها الأولى في الشرق الأوسط، مما يظهر مدى الاهتمام الرسمي من قبل إدارة بايدن بالتركيز على الموقف الأمريكي الداعم بقوة لإسرائيل.
ومرت جولة بلينكن بعدة محطات في الشرق الأوسط، أبرزها العاصمة القطرية الدوحة حيث يُعتقد أن المحادثات بين وزير الخارجية الأمريكي والأمير تميم بن حمد آل ثاني، ركزت على قضية الرهائن الإسرائيليين التي تحتجزهم حماس منذ شن هجومها على إسرائيل.
وقال أنس القصاص، خبير الشؤون الدولية والاستراتيجية وعضو لجنة الجيوبوليتيك بالجمعية الدولية للعلوم السياسية، لبي بي سي: "تأتي زيارة بلينكن وأوستن إلى المنطقة في إطارين محددين رسمتهما الإدارة الأمريكية".
ويضيف الخبير أن الإطار الأول هو "تمكين إسرائيل من حماية أمنها القومي بتنفيذ حملة موسعة ضد الفصائل الفلسطينية وفي القلب منها حركة حماس وذراعها العسكري من أجل مطلبين، أولهما كسر شوكة حماس والفصائل وتفكيك شبكاتهم وقدراتهم العسكرية أو القضاء عليهم، وإعادة رسم الخريطة السياسية والأمنية للقطاع بأقل تكلفة ممكنة، وأن المطلب الثاني هو تحرير الأسرى بما في ذلك الأمريكيين وهو الملف الأكثر أهمية بالنسبة للإدارة الأمريكية وقد يكون العامل الأكثر تأثيرا في الانتخابات المقبلة سواء لبايدن أو حتى للحزب الديمقراطي برمته. ويمكننا الاستعانة بالتاريخ للنظر كيف أثر ملف الرهائن الأمريكيين لدى طهران على فرصة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في الفوز بولاية ثانية".
وقال القصاص إن الإطار الثاني هو "كبح جماح الحكومة الإسرائيلية ورغبتها الملتهبة في الثأر والتأكد من تقيد ذلك بأعراف ومقررات القانون الدولي والشرعية الدولية. وفي ذلك الإطار، قامت الولايات المتحدة بإرسال مجموعة حاملة الطائرات الأكبر في الأسطول الأمريكي الحاملة فورد وستتبعها بالحاملة آيزنهاور بعد أسبوعين والتي ينتظر أن تستقر في مياه الخليج العربي، في رسالة واضحة ضد إيران".
وصرّحت الحكومة الإسرائيلية في وقت سابق إن هناك نحو 150 رهينة بقبضة حماس، وقالت حركة حماس إنها أخفتهم في "أماكن وأنفاق آمنة" داخل غزة.
"رسالة واضحة ضد إيران"
استهل وزير خارجية الولايات المتحدة جولته بإسرائيل، وتشمل الجولة الأردن والدوحة – التي يرى محللون أنها أهم المحطات في الجولة الأمريكية في المنطقة – والبحرين، والسعودية والإمارات، ويختتم زيارته في مصر، بحسب بيان وزارة الخارجية الأمريكية الصادر في هذا الشأن.
وصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إلى العاصمة القطرية الدوحة، حيث التقى أمير البلاد تميم بن حمد آل ثاني في قصر لوسيل بعد ظهر اليوم حسبما أعلن الديوان الأميري القطري.
ونقلت وكالة الأنباء القطرية عن الناطق باسم الخارجية القطرية محمد الأنصاري، أن اللقاء تناول تطور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل وسبل خفض التصعيد بين الطرفين.
وقال بلينكن للصحفيين أثناء زيارته للدوحة، إن "ما تفعله إسرائيل ليس انتقاما"، مضيفاً أن حركة حماس "تستخدم الأبرياء كدروع بشرية".
وأضاف: "لا أعتقد أن أي دولة واجهت ما واجهته إسرائيل ستفعل شيئا غير ذلك. ولن نسمح أن يحدث هذا من جديد. ونحن نركز على حماية الإسرائيليين".
وأكد خلال حديثه مع وسائل الإعلام، أن واشنطن تعمل بشكل مكثف للإفراج عن الرهائن الذين احتجزهم مقاتلو حماس في غزة خلال هجومهم يوم السبت الماضي على إسرائيل.
رسائل عسكرية
بدأ وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن زيارة إلى إسرائيل الجمعة في إطار المساعي الأمريكية لدعم إسرائيل على المستويين السياسي والعسكري، وهي الزيارة التي بدأت وسط جولة لوزير الخارجية الأمريكي آنتوني بلينكن في المنطقة.
وأدان أوستن هجمات حماس في إسرائيل بأشد العبارات، مؤكدا على أن "واشنطن تقف مع شعب وحكومة إسرائيل".
كما دعا إلى إشراك الدول التي يزورها بلينكن في "الجهود المبذولة لمنع امتداد الصراع لدول المنطقة وتأمين الإفراج الفوري عن الرهائن الإسرائيليين لدى حماس، وتحديد آليات حماية المدنيين وفتح ممرات إنسانية آمنة".
وأعلنت الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا الأسبوع أنها تحرك حاملة طائرات، وسفنا، ومقاتلات جوية إلى منطقة شرق المتوسط، مؤكدة أنها سوف توفر لإسرائيل المزيد من المعدات والذخائر.
وأكد أوستن إن حاملة الطائرات "يو إس إس جيرالد آر فورد"، وصواريخ كروز، وأربع مدمرات صواريخ تتجه إلى المنطقة علاوة على إرسال مقاتلات جوية أمريكية، وذلك في تصريحات جاءت على لسانه أوائل الأسبوع الجاري.
كما أعلنت واشنطن أنها سوف ترسل حاملة الطائرات آيزنهاور لمياه البحر المتوسط بعد حوالي أسبوعين وسط حالة من انعدام اليقين حيال ما تعزم الولايات المتحدة فعله بهذه الحاملات والمعدات العسكرية الهائلة في المنطقة.
ويرى أنس القصاص أن "المنشور من الفصل الخاص بخطة الطوارئ في خطة استجابة الأسطول FRP المعدلة، ينص على نشر البحرية الأمريكية مجموعة حاملة طائرات إضافية في الشرق الأوسط في حال نشب نزاع إقليمي واسع بين إسرائيل وإيران أو وكلائها في المنطقة".
وقال خبير الشؤون الدولية والاستراتيجية: "هذا يعني أن حاملة الطائرات ومجموعتها ليست مهمتها الاشتراك في حملة إسرائيل على القطاع بل هي للردع في مبتدأ الأمر لحين توسع النزاع. وعند دخول لاعبين آخرين يمكن أن تقوم الطائرات على متن الأسطول بضربات جوية مكثفة على وكلاء إيران وإيران نفسها إن لزم الأمر. ولحين وصول الحاملة أيزنهاور لمياه البحر المتوسط بعد أسبوعين من الآن ستكون الرؤية قد اتضحت هل تتوجه إلى مياه الخليج كما هو مخطط لها أم تنضم للحاملة فورد في شرق المتوسط. وحينها ستكون المرة الأولى من الحرب العالمية الثانية التي تنتشر فيها حاملتا طائرات في البحر المتوسط دفعة واحدة".
انتخابات الرئاسة الأمريكية
وقد يكون لاستمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل أهداف غير معلنة بحسب القصاص، الذي قال: "يحتمل أن تستمر حملة الدعم القوية من قبل واشنطن لاسيما وأن هذا الدعم أقرب إلى كونه دعما سياسيا لمآرب داخلية من بينها اقتراب الموسم الانتخابي وعدم رغبة بايدن في تأثير ذلك على فرصه في الانتخابات القادمة".
وأضاف: " لكن عدم التفات إسرائيل للانتهاكات التي يتم ارتكابها منذ أيام والتي يتوقع أن تتصاعد الأيام المقبلة مع أي اجتياح بري محتمل، ستلطخ صورة الولايات المتحدة التي عملت منذ فترة على إصلاحها وخصوصا مع العالم العربي والشرق الأوسط منذ حربي أفغانستان والعراق".
وشنت حركة حماس هجوما على جنوب إسرائيل، وصفه الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنه "عدوان مروع وغير مسبوق".
وقال متحدث باسم مجلس الأمن الوطني في الولايات المتحدة إن مواطنين أمريكيين كانوا بين القتلى الذين راحوا ضحية الهجوم.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية إن أكثر من 1900 شخص قتلوا من جراء الغارات الجوية الإسرائيلية على قطاع غزة، ووصفت الوضع الحالي بأنه "كارثة إنسانية".
وتقول إسرائيل إن أكثر من 1300 شخصا قتلوا خلال هجمات حركة حماس منذ يوم السبت الماضي.