: آخر تحديث
لا يزال بطل الأغلبية التركية المحافظة

إردوغان رئيس لا يُقهر

12
12
14

اسطنبول: بعد عقدين في السلطة، بدا الرئيس التركي المنتهية ولايته رجب طيب اردوغان مهدداً بتداعيات الأزمة الاقتصادية واستئثاره بالسلطة، لكن "الريس" تصدّر نتائج الدورة الأولى لثالث انتخابات رئاسية يخوضها خلافاً لكل التوقعات.

في أنقرة ومن على شرفة مقر حزبه العدالة والتنمية أمام حشد من المناصرين المتحمسين مساء الدورة الأولى من الانتخابات، أعطى الرئيس إشارة واضحة لبلاده: رسالة استقرار.

خلافًا لعامي 2014 و 2018 لم يفز بالمعركة من الدورة الأولى لكنه يدخل الدورة الثانية الأحد 28 أيار/مايو من موقع قوة بحصوله على 49,5% من الأصوات مقابل 45% لمنافسه مرشح المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو.

لا السجن ولا التظاهرات الحاشدة ولا حتى المحاولة الانقلابية لعام 2016 نجحت في وقف صعود "الريّس" كما يحلو لمؤيديه تسميته. لكنه هذه السنة يواجه انتقادات شديدة بسبب وضع الاقتصاد التركي وغضب الناجين من زلزال 6 شباط/فبراير المدمر الذين تركوا لمواجهة مصيرهم في الأيام الأولى التي تلت الكارثة.

لكن نتائج الدورة الأولى أثبتت أن هذا المسلم المتدين المنادي بالقيم العائلية، لا يزال بطل الأغلبية المحافظة التي طالما ازدرتها النخبة المدنية والعلمانية.

أحدث اردوغان تحولًا عميقًا في تركيا من خلال مشاريع بنى تحتية ضخمة تضمنت بناء طرقات سريعة ومطارات ومساجد، وسياسة خارجية منفتحه على شرق آسيا ووسطها على حساب حلفاء أنقرة الغربيين التقليديين الذين حاول التقرب منهم اثر وصوله إلى السلطة.

رغم النفور الغربي تجاهه، سمحت له الحرب في أوكرانيا بالعودة إلى صدارة المشهد الدبلوماسي بفضل جهود الوساطة التي قام بها بين كييف وموسكو - مع تعطيله منذ نحو عام دخول السويد إلى حلف شمال الأطلسي.

لكن معارضي اردوغان يتهمونه بنزعة استبدادية، ولا سيما بعد المحاولة الانقلابية التي وقعت في تموز/يوليو 2016 والتعديلات الدستورية عام 2017 التي وسعت صلاحياته.

سلطان متمسك بالعرش
غالباً ما يصور اردوغان في الغرب على أنه سلطان متمسك بالعرش، لكن الرجل الذي يحن الى الامبراطورية العثمانية والذي شيّد قصرا يضم أكثر من ألف غرفة في أنقرة، يواصل تقديم نفسه بصفته رجلاً من الشعب في مواجهة "النخب".

وقد كرس صورته تلك بفوزه في كل الانتخابات منذ تولى حزبه العدالة والتنمية السلطة في العام 2002. لكنه تعرض مع ذلك إلى هزات سياسية خصوصا عندما حرمته المعارضة العام 2015 من غالبيته البرلمانية، ثم من رئاسة بلديتي أنقرة واسطنبول العام 2019.

ورغم تباطؤ حركته في بعض الأحيان، لا يزال رجب طيب اردوغان قادراً على عقد ثمانية اجتماعات في يوم واحد، ويستعرض قدراته الخطابية مستشهداً بقصائد قومية وآيات قرآنية لإثارة الحشود.

ولد إردوغان في حي قاسم باشا الشعبي في اسطنبول وكان يتطلع الى احتراف رياضة كرة القدم التي مارسها لفترة قصيرة، قبل الانتقال إلى العمل السياسي.

وتعلم أصول اللعبة السياسية داخل التيار الاسلامي الذي كان يقوده نجم الدين اربكان، ثم دفع الى الواجهة مع انتخابه رئيسا لبلدية اسطنبول في 1994.

في 1998، حكم عليه بالسجن مع النفاذ بعدما أنشد قصيدة دينية، في حادث ساهم في تعزيز موقعه.

وسنحت له الفرصة للانتقام عند فوز حزب العدالة والتنمية الذي شارك في تأسيسه، في انتخابات 2002. ففي السنة التالية أصبح رئيسا للحكومة وبقي في هذا المنصب حتى 2014 عندما أصبح أول رئيس تركي ينتخب بالاقتراع العام المباشر.

ويبقى اردوغان المتزوج والأب لأربعة أولاد، في نظر أنصاره الوحيد القادر على "التصدي" للغرب وقيادة السفينة عبر الأزمات الاقليمية والدولية.

أشد اختبار
لكن منذ التظاهرات الكبيرة المعادية للحكومة والتي قمعت بعنف في ربيع 2013، اصبح أردوغان الشخصية التي تواجه أكبر الانتقادات في تركيا.

وواجه الرئيس أشد اختبار ليل 15 الى 16 تموز/يوليو 2016، خلال محاولة انقلابية دامية.

وقد طبعت في الأذهان صورة اردوغان شاحب الوجه، وهو يطلق نداء الى الشعب في تلك الليلة عبر شاشة هاتف نقال، ثم بعد ذلك وصوله مظفراً الى مطار أتاتورك القديم في اسطنبول عند الفجر معلناً هزيمة الانقلابيين.

اذا أعيد انتخابه في 28 أيار/مايو، بعد عشرات سنوات على حركة الاحتجاجات الواسعة جيزي التي قمعها بشدة، فان قبضته على البلاد ستترسخ بشكل إضافي رغم استياء معارضيه.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار