لم تتمكن روسيا من السيطرة على أي مدينة كبرى في أوكرانيا منذ أشهر، رغم محاولاتها الشرسة لتحقيق مكاسب عسكرية.
لكنها لو تمكنت فعلا من السيطرة على مدينة سوليدار، فإن ذلك سيعزز الآمال الروسية بتعديل مسار الحرب.
من يسيطر على سوليدار؟
عندما أعلن قائد المرتزقة الروس، يفغيني بريغوجين، سيطرة قوات فاغنر، التي يقودها، على منطقة سوليدار، كانت الصور المتاحة تبدو مقنعة.
لكن قوات فاغنر ليست جزءا من القوات الرسمية الروسية. ووزارة الدفاع الروسية تقول إن المعارك لا تزال مستمرة.
كما يقول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن المعركة لا تزال دائرة، وإن كييف مصرة على ألا تحقق القوات الروسية نجاحا في جهدها العسكري للسيطرة على المدينة.
ما أهمية سوليدار؟
سيكون سقوط سوليدار مهما للقوات الروسية، إذ سيساعدها في تحقيق نجاحات استراتيجية في التقدم نحو مدينة بوخموت المهمة، التي تقع على بعد نحو 10 كيلومترات باتجاه الجنوب الشرقي، وهو ما يعني أن سوليدار ستمنح الروس إمكانية شن القصف المدفعي على بوخموت بشكل ناجح.
وتوجد في سوليدار مناجم ملح ضخمة يمكن استخدامها لتمركز القوات وتخزين المعدات، بحيث تكون في مأمن من الغارات الجوية الأوكرانية.
وفي مقطع مصور على قناة روسية على منصة التليغرام، لم تتمكن بي بي سي من التثبت من محتواه، يمكن مشاهدة بريغوجين مع عناصر من فاغنر داخل أحد مناجم الملح.
وتوجد شبكة من الأنفاق تتصل بالمناجم، وقد يكون لها أهمية استراتيجية، في الوقت الذي تسعى فيه روسيا لتحقيق تقدم في الأراضي الأوكرانية.
وليس من الواضح حجم هذه الأنفاق، ولا إلى أين يمكن أن تصل.
- فلاديمير بوتين يقيل قائد القوات الروسية في أوكرانيا من منصبه
- خمسة أسئلة رئيسية لتحليل ما قد يحدث في حرب أوكرانيا هذا العام
وتحوي مناجم سوليدار على الملح والجبس، وهو ما يمكن أن يوفر عائدات لمن يسيطر عليها، ويتمكن من إدارتها.
لكن ربما تكون الأهمية الأكبر لمعركة سوليدار، هي رمزيتها.
ويقول جيمس واترهاوس، مراسل بي بي سي في أوكرانيا: "السبب في الدفع بكل شيء للمعركة، هو وجود كم ضخم من الدعاية هنا، وهو ما يجعله نصرا كبيرا للرئيس (الروسي) فلاديمير بوتين يشهره في أوجه المنتقدين في الداخل الروسي".
ما أهمية بوخموت؟
ستكون السيطرة على مدينة بوخموت القريبة بمثابة الجائزة للقوات الروسية في المنطقة.
ويقول إدوارد أرنولد، الباحث الأمني في المعهد الملكي المتحد للأبحاث: "هناك حاجة لمثل هذه الدفعة المعنوية للقوات الروسية في الشرق، حيث تواجه الضغط المستمر منذ سبتمبر/ أيلول".
ويضيف: "السيطرة على بوخموت ليس لها إلا قيمة استراتيجية صغيرة على نتيجة الحرب بأكملها".
دور مرتزقة فاغنر
لقد أصبحت فاغنر تحظى بأهمية متزايدة في الصراع في أوكرانيا، وكان بريغوجين الشخص الذي يقف وراء تقدمها في ميدان المعركة.
ويدعي أن قواته هي الوحيدة التي تقاتل في سوليدار، رغم أن وزارة الدفاع الروسية تؤكد أن قواتها الرسمية تشارك في المعارك.
لكن القتال في سوليدار وبوخموت جزء من جبهة واسعة وحملة كبرى لا تجري بشكل جيد بالنسبة لبوتين.
فقد استبدلت روسيا، مرة أخرى، قائد القوات في أوكرانيا بعد 3 أشهر فقط من تعيينه، وهي إشارة أخرى تدلل على عدم الرضى وغياب التقدم العسكري.
ويؤكد معهد دراسات الحرب أن بريغوجين "سيواصل استخدام نجاحات فاغنر، سواء الحقيقية أو المصطنعة، في سوليدار وبوخموت لتأكيد فكرة أنها القوات الروسية الوحيدة القادرة على تحقيق مكاسب كبرى في أوكرانيا".
وفاغنر ضالعة أيضا في عدد من ساحات الصراع في أفريقيا، حيث دعتها حكومات للمشاركة في مكافحة قوات متمردة، وفي الوقت الذي تفعل فيه ذلك تسيطر على مناجم لمعادن قيمة.