اسطنبول: اتّهمت تركيا الإثنين حزب العمال الكردستاني المحظور بشن هجوم بقنبلة في اسطنبول أوقع ستة قتلى وأكثر من 80 جريحاً.
ونفى الحزب أي ضلوع له في الاعتداء الذي وقع الأحد والذي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه.
والحزب في صلب نزاع قائم بين السويد وتركيا التي تعرقل انضمام ستوكهولم إلى حلف شمال الأطلسي، وتتّهمها بتوفير ملاذ آمن لنشطائه.
حزب العمال الكردستاني فصيل يعتبره الاتحاد الأوروبي وتركيا والولايات المتحدة إرهابياً. ويشن منذ العام 1984 تمرّداً ضد الدولة التركية.
وللحزب جذور ماركسية ودعا في بيان سياسي أصدره في العام 1978 إلى إقامة دولة كردية مستقلة في جنوب شرق تركيا، وهي منطقة ذات غالبية كردية.
لكن الفصيل تراجع لاحقاً عن إعلانه هذا وانصب تركيزه في السنوات الأخيرة على تعزيز الحكم الذاتي للأكراد.
عادة ما يستهدف حزب العمال الكردستاني قوات الأمن التركية، وغالباً ما يتبنّى تنظيم "صقور حرية كردستان" التابع للحزب هجمات في وسط المدن.
في العام 2016 تبنّى "صقور حرية كردستان" تفجيرين وقعا أمام استاد في اسطنبول ومتنزه أوقعا 46 قتيلاً.
وبدأت الحكومة التركية مفاوضات مع حزب العمال الكردستاني في العام 2013 سعياً لإيجاد حلق للقضية الكردية، لكن القتال استؤنف بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في العام 2015.
وفي أعقاب محاولة انقلابية شهدتها تركيا في العام 2016 استهدفت الحكومة نشطاء أكراداً في حملة قمع واسعة النطاق.
"حزب الشعوب الديموقراطي"
تتّهم الحكومة التركية "حزب الشعوب الديموقراطي" المؤيد للأكراد في تركيا بالارتباط بـ"حزب العمال الكردستاني"، ما ينفيه الفصيل.
لحزب الشعوب الديموقراطي كتلة في البرلمان تضم 56 نائباً، وهو ثاني أكبر حزب معارض.
ويتعرّض "حزب الشعوب الديموقراطي" لضغوط كبرى يمارسها حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس رجب طيب إردوغان كما يدفع حليفه القومي باتّجاه حل الحزب على خلفية الاشتباه بارتباطه بـ"حزب العمال الكردستاني".
العام الماضي تقدّم مدّعون عامون أتراك بالتماس قضائي لحل الحزب.
ومنذ المحاولة الانقلابية التي شهدتها تركيا في العام 2016 تعتقل السلطات رؤساء بلديات مدن عدة تابعين لحزب الشعوب الديموقراطي. كذلك أغلقت السلطات التركية وسائل إعلام كردية وأوقفت صحافيين أكراداً.
ويقبع الزعيم السابق للحزب صلاح الدين دميرتاش في السجن منذ العام 2016 بتهم على صلة بالإرهاب.
ومن زنزانته في سجن محافظة أدرنة في شمال غرب تركيا، دان دميرتاش الأحد عبر تويتر "الهجوم الإرهابي الذي استهدف مدنيين".
عمليات عسكرية
يشن الجيش التركي بانتظام عمليات عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني في تركيا وفي شمال العراق، ما يؤثر سلبًا على العلاقات بين أنقرة وبغداد.
منذ نيسان/أبريل، يشن الجيش عملية عسكرية في شمال العراق ضد عناصر حزب العمال الكردستاني.
الشهر الماضي، أشارت وسائل إعلام مقرّبة من حزب العمال الكردستاني إلى أن الجيش التركي استخدم أسلحة كيميائية في عمليات في شمال العراق، ما تنفيه أنقرة. وأكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن ترسانة بلاده خالية من الأسلحة الكيميائية.
وأُوقفت نقيبة الأطباء في تركيا شيبنم كورور فنجانجي بعدما حضّت على فتح تحقيق في هذا الشأن.
في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر اتّهم القيادي في حزب العمال الكردستاني مراد قرة يلان في مقابلة أجرتها معه وكالة فرات للأنباء، الدولة التركية باستخدام أسلحة كيميائية لـ"كسر مقاومة" العناصر الأكراد، متوعداً بالانتقام.
بعد هجوم الأحد أوقفت الشرطة أكثر من 40 شخصاً بينهم امرأة سورية بتهمة التخطيط للتفجير.
بحسب الشرطة، اعترفت الموقوفة بأنها تصرّفت بناء على أوامر حزب العمال الكردستاني بعدما دخلت تركيا بطريقة غير مشروعة آتية من شمال سوريا.
منذ العام 2016 تشن تركيا في سوريا هجمات ضد مقاتلين أكراد وضد جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية.
"ممر إرهابي"
ويشدد إردوغان على أنه لن يسمح بإقامة "ممر إرهابي" عند الحدود التركية. ومنذ أيار/مايو يهدد بإطلاق عملية عسكرية جديدة في شمال سوريا.
الإثنين، رفضت تركيا رسالة تعزية وجّهتها واشنطن، وهي غالباً ما تتّهم الولايات المتحدة بتسليح وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا.
وكانت واشنطن قد اعتمدت بشكل كبير على هذه الوحدات لإلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية الذي كان قد سيطر على مساحات شاسعة في سوريا والعراق في العام 2014.
يأتي التفجير في اسطنبول قبل سبعة أشهر من انتخابات رئاسية ستشهدها تركيا في حزيران/يونيو، وقد فاقم مخاوف المجتمع التركي من تجدد موجة الهجمات التي شهدتها البلاد بين العامين 2015 و2016.
في العام 2016 استُهدف الشارع نفسه بتفجير أوقع خمسة قتلى.
واعتبر الكاتب في صحيفة "حرييت" التركية اليومية عبد القادر سلوي أن حزب العمال الكردستاني يسعى للتأثير على الانتخابات على غرار ما فعل في السابق.