يعقد قادة أكثر من 40 دولة أوروبية محادثات تاريخية للمرة الأولى، في العاصمة التشيكية براغ، في إطار "المجموعة السياسية الأوروبية"، وهي تجمع جديد يهدف لعزل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أطلق فكرة التجمّع في أيار/مايو الماضي إنه "يشكل رسالة عن وحدة أوروبا".
وانضمت رئيسة الوزراء ليز تراس لقادة من الاتحاد الأوروبي وتركيا والنرويج والبلقان، بينما تحدث الرئيس الأوكراني عبر رابط فيديو.
ورحب المستشار الألماني أولاف شولتس بـ "ابتكار عظيم"، واعتبره بدوره جيداً "للسلام" و"الأمن" و "التنمية الاقتصادية". وقال إن جميع الدول التي حضرت القمة كانت تعلم أن حرب روسيا تشكل "انتهاكاً وحشياً للأمن ونظام السلام الذي شهدناه في أوروبا على مدى العقود الأخيرة".
وناقش القادة ملفات الطاقة والهجرة والأمن، مع التركيز بشكل خاص على الحرب في أوكرانيا.
وقال مسؤولون إن ليز تراس تحدثت عن الحاجة إلى اقتصادات أقوى وأكثر مرونة وإمدادات الطاقة، مع التأكيد على الحاجة إلى الحرية من أجل النجاح.
وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إنه في أعقاب الغزو الروسي، كانت هناك حاجة إلى "إعادة التفكير وإصلاح النظام الأوروبي الأوسع، بما يتجاوز عمل الاتحاد الأوروبي والناتو"، لكنه أضاف أن القمة لن تكون أكثر من تبادل أولي.
إلى جانب المملكة المتحدة، فإن الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل سويسرا وتركيا والنرويج وأيسلندا وجورجيا وأذربيجان ودول غرب البلقان من بين الذين شاركوا في اللقاء الأول لـ"المجموعة السياسية الأوروبية".
وتهدف "الصورة العائلية" في قلعة براغ المهيبة التي تشرف على البلدة القديمة إلى إحياء الروح المعنوية وإظهار التضامن بينما يلوح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مجدداً باستخدام السلاح النووي وتواجه القارة أزمة غير مسبوقة للطاقة.
وعلى جدول هذه القمة مجموعات عمل، وعشاء لكن لا بياناً ختامياً للمشاركين.
ما هي المجموعة الجديدة؟
عندما اقترح الفكرة هذا العام، قال الرئيس ماكرون إنها "ستوفر منصة للتنسيق السياسي" للدول، سواء في الاتحاد الأوروبي أو تلك التي ليست كذلك.
وأعطى الغزو الروسي لأوكرانيا زخماً جديداً للتعاون بين الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة.
لكن "المجموعة السياسية الأوروبية" الجديدة ليس لديها مؤسسات أو موظفون متفرغون، ما يفتح باب السؤال على آلية تنفيذ القرارات الصادرة عنها.
المجموعة جهد غير مسبوق للجمع بين القادة من جميع أنحاء القارة لمناقشة المجالات ذات الاهتمام المشترك. إذا ثبت نجاح هذه القمة، فقد تستمر بالانعقاد مرتين في السنة. وإن فشلت، فقد تتلاشى بكل بساطة.
ويقول تشارلز غرانت، مدير مركز الإصلاح الأوروبي، إن المجموعة قد تكون نقطة تحول "متواضعة" في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا.
ويضيف غرانت: "أحد مقاييس النجاح سيكون، هل يمكن إقناع صربيا وأذربيجان وتركيا بالميل أكثر قليلاً إلى الغرب وأقل نحو روسيا؟"
تحدثت تركيا عن نهج "متوازن" تجاه روسيا ولم توقع على العقوبات الغربية.
وواصل غرانت: "عندما اقترحها ماكرون لأول مرة، كان من المفترض أن تكون المجموعة نادياً له قيم ديمقراطية مشتركة، لكنه الآن أكثر من ذلك".
هوية غير مؤكدة
المجموعة الجديدة ليست بديلة لمجموعة السبع، ولا لحلف شمال الأطلسي، ولا هي غرفة انتظار للدور الراغبة بالانضمام للاتحاد الأوروبي، ولا هي بديل لمؤسسات الاتحاد، لذلك فإن هويتها لا تزال غامضة.
تثير الصيغة الجديدة أسئلة حول دورها وخصوصاً استدامتها. فوراء هذا التجمّع، خلافات كامنة وبلدان تتبع مسارات مختلفة جذرياً حيال الاتحاد الأوروبي، من النريوج إلى أوكرانيا وسويسرا وتركيا وبريطانيا ومولدافيا وصربيا وأذربيجان.
ما القاسم المشترك بين الدول المرشحة المعلنة (التي ينفد صبرها) وتلك التي تدرك أن الباب مغلق أمامها لفترة طويلة، والمملكة المتحدة التي اختارت قبل ست سنوات الخروج من الاتحاد الأوروبي وسط ضجة كبيرة؟
هل ستستمر "المجموعة السياسية الأوروبية" لفترة طويلة أم ستنضم إلى اللائحة الطويلة للمشاريع القصيرة الأمد في القارة مثل "الكونفدرالية الأوروبية" التي اقترحها في 1989 فرانسوا ميتران؟
ألا يمكن أن تصبح غرفة انتظار للمرشحين للانضمام إلى الاتحاد إلى الأبد؟
تؤكد فرنسا أن هذه الفكرة تشكل "استكمالاً" وليست "بديلا" من عملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
ويأمل المنظمون في إعلان مشاريع تعاون عملية محتملة لا سيما في مجال الطاقة.
وبعد ذلك، تأمل فرنسا في عقد اجتماع جديد في ربيع 2023 مع الإعلان في براغ عن اسم الدولة المضيفة التالية التي لن تكون عضوا في الاتحاد الأوروبي، وقد تكون مولدافيا.