: آخر تحديث
خلال محاضرة في مجلس الشيوخ البلجيكي حول العيش المشترك

أزولاي يسرد في بروكسل "قصة جميلة" بين اليهود والمسلمين بالمغرب

73
92
62
مواضيع ذات صلة

غصت قاعة مجلس الشيوخ البلجيكي ببروكسل، الثلاثاء، بمناسبة محاضرة حول ثراء التنوع الثقافي في المغرب، ألقاها أندري أزولاي، مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس.

إيلاف من الرباط: المحاضرة التي تمحورت حول العيش المشترك في القرن الحادي والعشرين، تميّزت بحضور العديد من الدبلوماسيين المعتمدين في بروكسل، بينهم سفراء الولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا وعدد آخر من الدول العربية والآسيوية والأميركو - لاتينية. كما حضر اللقاء، ألبير غيغي، كبير الحاخامات في بروكسل، والعديد من أئمة المساجد في بلجيكا، ورئيسة أوروبا في المؤتمر اليهودي العالمي وشخصيات بارزة من عالم السياسة، الثقافة والإعلام.

في معرض كلمته، سلط أزولاي الضوء على الخصوصية اليهودية في المغرب ومرونتها عبر تاريخ يمتد ثلاثة آلاف سنة "تم إغناؤها وتشكيلها على مر الزمن عن طريق القرب والعلاقات الحميمية، التي نادرًا ما تم رفضها مع الحضارات الأمازيغية والعربية - الإسلامية".

وتابع الحضور، باهتمام خاص، سرد أزولاي لهذه "القصة الجميلة" بين اليهود والمسلمين بالمغرب، لجهة أنه اقترح "أن يكون الناقل والشاهد على تجربته الخاصة في زمن لم يكن فيه للتعقيد مكان، في فضاء يتشكل فيه الفكر من خلال الأحداث الآنية أكثر من كتب التاريخ".

بعيدًا عن راهن وأحداث دولية تميل إلى دفعهم إلى إدارة ظهورهم وإلى ثقافة انكفاء هوياتي، ليست لها حدود أو جوازات سفر، اختار المسلمون واليهود بالمغرب، معًا، يضيف أزولاي، مقاومة فقدان الذاكرة، من خلال استعادة تاريخهم المشترك، فيما يزرعون، على أكثر من صعيد، ذاكرة متقاسمة، أصبحت أساس قدرهم وهويتهم المعاصرة.

جانب من الحضور في مجلس الشيوخ البلجيكي لحظة إلقاء أزولاي محاضرته 

هذا الواقع، الذي تم بناؤه مع مرور الزمن، يوضح مستشار العاهل المغربي "استمد قوته من قيادة ملوكنا، انطلاقًا من إرادة واستمرارية، يجب أن نسجلها في سجل البشرية وكونية المواطنة"، داعيًا الحضور إلى "عدم نسيان الدور التاريخي" للملكين الراحلين، محمد الخامس والحسن الثاني، و"الزخم الذي لم يسبق له مثيل، والذي أعطاه الملك محمد السادس، الذي وضع بصمته على ديباجة الدستور، الذي صوّت عليه الشعب المغربي في يوليو 2011، والذي يؤكد على مكانة الحضارات الأمازيغية، واليهودية، والعربية - الإسلامية في تاريخ وهوية المغرب".

هذه "الإنجازات"، يضيف مستشار ملك المغرب، هي "ثمرة خطاب الحقيقة، الذي هو خطابنا، والذي يقول بالدقة والصرامة نفسيهما، الصفحات السعيدة كما الصعبة التي تعرفها كل الحضارات العظيمة".

تابع أزولاي قائلًا إن هذه الإنجازات "تعبّر، أيضًا، عن توافق وطني يتسع باطراد، وسيصير لا رجعة فيه، عندما تأخذ التربية دورها لتجعل من ثراء هذا التنوع أولوية في برامجها".

وفق هذا المنظور، اقترح أزولاي أن يتم الأخذ بالرسالة التي بعث بها العاهل المغربي إلى المنتدى الذي انعقد في نيويورك في سبتمبر الماضي من طرف اليونسكو، والتي تؤكد على أن مقاومة معاداة السامية والخوف من الإسلام تمر عن طريق كلمة واحدة، سلاح واحد: التربية.

من جهته، خلال حديثه في افتتاح هذه المحاضرة، رحب محمد عامر، سفير المغرب في بلجيكا ودوقية لوكسمبورغ الكبرى بحضور الممثلين السياسيين والدبلوماسيين والباحثين وشخصيات من مشارب عدة "داخل هذا المعبد الخاص بالديمقراطية وحرية التعبير والتنوع، الذي هو مجلس الشيوخ البلجيكي".

وقال عامر: "هذا الحضور رفيع المستوى يشهد على الاهتمام الذي نضعه جميعًا في هذا الموضوع الذي يحظى براهنية حارقة في عالم متعدد الثقافات، حيث التبادل بين الشعوب ما فتئ يتطور".

كما نوه السفير المغربي، بهذه المناسبة، بالتزام مجلس الشيوخ البلجيكي ورئيسه جاك بروتشي ولجنة التنسيق بين الجمعيات اليهودية في بلجيكا برئاسة يوحنا بينزري، بتنظيم هذا اللقاء بشراكة مع السفارة المغربية بهدف "التعبير عن الانشغال المشترك، المتعلق بالعيش والبناء معًا".

وأوضح عامر أن هذه الندوة تهدف إلى الإجابة عن مطلب مزدوج. وزاد موضحًا أن الأمر يتعلق بالتعبير عن "رفضنا واستنكارنا لخطابات وأعمال الإقصاء والكراهية والانكفاء الهوياتي، التي انتشرت في جميع أنحاء العالم، مسببة أضرارًا وأحزانًا لا يمكن عدها، وفي الوقت نفسه، لتذكير الأجيال الجديدة والشباب بتاريخ حافل من العيش معًا وبما يمكن تعلمه، والذي هو في الغالب غير معروف".

بالنسبة إلى عامر، فــ"الحديث عن تاريخ العلاقة بين اليهود والمسلمين في المغرب، في بلد متعدد الثقافات مثل بلجيكا، له أهمية خاصة، لأن معرفة التاريخ هي عامل من الصفاء، الاستقرار، التماسك والتكامل".

من جانبه، أعرب يوحنا بينزري رئيس لجنة التنسيق بين الجمعيات اليهودية في بلجيكا، عن اعتزازه بصفته بلجيكيا من أصل مغربي، من ديانة يهودية، بالمشاركة في تنظيم هذا اللقاء، الذي قال عنه إنه يشكل أبلغ مثال على العيش معًا والتشارك؛ كما أكد أن جميع الظروف مواتية، اليوم، لبناء فضاء مشترك، يمكن فيه لجميع أشكال التعبير والتنوع الثقافي والطائفي أن تتعايش في وئام وصفاء.

وشدد بينزري، الذي استعاد بحنين طفولته في المغرب، أن روح التضامن، والود والعيش المشترك، التي ميّزت المجتمع المغربي، حيث عاش، هي مثال يحتذى به لخلق الأخوة والتشارك، داعيًا إلى استخلاص الدروس من "تاريخنا المشترك".


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار