: آخر تحديث
فيما دافع "قادة صاعدون" عن حقهم في الرأي والتدبير

"حوارات أطلسية" بمراكش يختتم بنقاش حول مستقبل البرازيل وقضية الثقافة وتمويل المناخ

64
53
52
مواضيع ذات صلة

مراكش: اختتمت مساءالسبت بمراكش، الدورة السابعة لمؤتمر "حوارات أطلسية"، الذي نظمه "مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد"، على مدى ثلاثة أيام، في موضوع "ديناميات أطلسية: تجاوز نقاط القطيعة"، وذلك بحضور متميز لـ350 مشاركا من 90 دولة، بينهم رؤساء دول ووزراء سابقون ودبلوماسيون وخبراء.
 
علاج جماعي

دورة هذه السنة من المؤتمر الذي تم إطلاقة في 2012، تميزت ببرنامج غني توزعته جلسات تناولت مواضيع متعددة على علاقة بشعار وتوجه هذا الملتقى الذي يهدف، حسب منظميه، إلى "إخراج منطقة جنوب الأطلسي من عزلتها على مستوى النقاش الجيو - سياسي العالمي"، مقدما نفسه كـ"مقترح متميز ومن دون عقد لحوار على قدم المساواة، يعالج القضايا الحقيقية بصراحة في إطار نقاش ينبني على الحقائق": هي أهداف طموحة، لم تغب عن الكلمة الختامية لكريم العيناوي المدير العام لـ"مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد"، الذي قال إن "حوارات الأطلسي" هي، نوعاً ما، "طريقة علاج جماعي"، مؤكداً استمرار المؤسسة "وفق هذه الروح من الحوار المفتوح، الأنيق والرصين، الرسمي وغير الرسمي، لكن المتسامح". مشيراً إلى أن هذه القيم هي ذاتها قيم المغرب.

تميز اليوم الأخير من الملتقى ببرمجة جلسات عامة أو للنقاش، تناولت "تمويل المناخ في الجنوب" و"دور الثقافة في العلاقات الأطلسية" و"أي مستقبل للبرازيل؟" و"التعلم من تجارب مختلفة من أجل تنمية مشتركة جديدة: وجهات نظر الرؤساء السابقين لبلدان اميركا اللاتينية"، انتهاء إلى الجلسة الختامية الخاصة بالقادة الصاعدين والملاحظات الختامية التي استعرضها العيناوي.

تمويل المناخ في الجنوب

لويس أوزفالدو هورتادو لاريّا الرئيس الإكوادوري الأسبق

رأى تيبور تيتو الرئيس الأسبق لكيريباتي أن مصادر تمويل المناخ في دول الجنوب متوفرة، لكنها لا تصب في الميزانيات المخصصة لمحاربة التغير المناخي. وبالنسبة للمتحدث، فهناك مشكل "شخصنة" في هذا السياق، لأن الاقتصاد السائد في الجنوب هو أن الدول الملوثة هي من عليها تمويل هذه البرامج. ورأى أن الوقت قد حان للتخلي عن هذا الخطاب، على الرغم مما يحتويه من جوانب صواب. وجهة نظر تيتو، لم تتفق معها جوزيفا ساكو مفوضة الاقتصاد القروي والفلاحة لدى الاتحاد الافريقي، التي رأت أن على دول الشمال أن تفي بما التزمت به في اتفاق باريس، وأن هناك وضعاً يجب تصحيحه.
أما أندرياس كرامر، وهو مؤسس ورئيس المعهد الإيكولوجي بألمانيا، فقد دعا إلى الانتباه لمعضلة تمويل التأقلم المناخي، حيث وصلت الميزانية المرصودة، في 2017، إلى حوالي 500 مليار دولار، وهو رقم غير كافٍ. وحتى بالنسبة للاعتمادات الموجودة، فهناك مشكل مشاريع لا تساير الوتيرة. ثم عبر كرامر عن تفاؤله لما هو قادم، بخصوص التمويل، شريطة حل عدد من المشاكل المتعلقة بآليات مؤسساتية، قانونية وسياسية.
فيما أبدى أندري كايي عضو مجلس إدارة "جونيكس"، تفهما لوجهة نظر كرامر، في ما يخص تحويل الاعتمادات اللازمة إلى الدول السائرة في طريق النمو، وخصوصاً الأفريقية منها. كما اتفق مع ساكو، بخصوص المساهمة الضعيفة لأفريقيا في مجال محاربة التغيرات المناخية، على الرغم من أن القارة تؤدي ثمنا كبيراً، خصوصاً في العالم القروي.
وختم كايي بالقول إن الميزانيات المخصصة للمناخ ستشهد ارتفاعاً في السنوات المقبلة، وذلك في إطار اتفاقات ثنائية بين الدول.
 
دور الثقافة في العلاقات الأطلسية

جلسة تمويل المناخ في الجنوب

قال محمد بن عيسى وزير الخارجية المغربي الأسبق، إن الثقافة لا تشكل الهاجس الأول بالنسبة لأغلب الحكومات، على الرغم من أنها يمكن أن تعطي دفعة قوية للنشاط الاقتصادي.
وشدد بن عيسى على القول ان الثقافة تعني مؤسسات قوية: مسارح، صالات عرض وفضاءات للإبداع. وتأسف لعزوف المستثمرين الخواص عن الخوض في المجال الثقافي، ليعطى المثال بالرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران ووزير الثقافة الفرنسي الأسبق جاك لانغ، ثم المغرب من خلال المبادرات المتعددة التي يقودها الملك محمد السادس، منتهياً إلى أن على السياسيين أن يعطوا القدوة من خلال تتبع وتنفيذ ما هو مخطط.
من جهتها، ذكرت آسية بنصالح العلوي سفيرة مغربية متجولة، بالروابط التاريخية والثقافية في الفضاء الأطلسي، وذلك خلال قرون، على الرغم من أن الاستعمار أرخى بظلاله على هذا التبادل، كما أن جروح الماضي ما زالت حاضرة، تقول السفيرة، بسبب الطغيان الثقافي والاقتصادي للغرب، الذي لا يترك تقريباً أي مكان لدول الجنوب. وأضافت "علينا أن نعيد امتلاك ثقافتنا للمرور من مرحلة الضغينة والغضب إلى المصالحة"، وأن "على الغرب أن يراجع كتب التاريخ لاستجلاء الحقيقة"، و"أن يتعدى الجانب الرمزي لكي يجعل من الآخر مكوناً لا محيد عنه في سياساته الثقافية"، مشيرة إلى هذا الأمر "يمر، كذلك، من خلال تسهيل تنقل الطلبة الباحثين والمختصين وتقوية التبادل".
وقال باولو ياراناكوا، وهو باحث مستقبل من البرازيل، إنه لن يكون هناك تقارب مستدام بين أوروبا، أفريقيا وأميركا اللاتينية، إلا من خلال الثقافة التي تعوض انعدام الثقة بين سياسيي بلدان القارات الثلاث. قبل أن يتساءل، في صيغة استنكارية، عن عدد المختصين البرازيليين العارفين بالشؤون الأفريقية أو عدد العارفين الأفارقة بشؤون أميركا اللاتينية، مجيبا بـ"تقريبا لا أحد"، منتهيا إلى أننا "إذا لم نكن نعرف بعضنا البعض، كيف نحقق التقارب، وصِلات مستدامة وثقافة مشتركة".
 
أي مستقبل للبرازيل؟

جلسة أي مستقبل للبرازيل؟

تعرض المشاركون في هذه الجلسة لتأثير انتخاب بولسونارو في الرئاسيات البرازيلية، مستبعدين أن يلقي بنفسه بين ذراعي الرئيس دونالد ترامب، من منطلق أن "البرازيل تتعامل وتتبادل أكثر مع الصين"، وأن الرئيس البرازيلي الجديد صار على رأس بلد أقل وزناً من الولايات المتحدة.
ورأى المتدخلون أن "شهر عسل بولسونارو سيكون قصيراً"، مع تشديدهم على أن "الديمقراطية في البرازيل متماسكة، في ظل تعددية حزبية؛ رغم أن هناك ما يثير القلق، مثل السياسة الخارجية للحكومة الجديدة، في ما يخص الميثاق العالمي حول الهجرة، في عالم أكثر ثراء، لكنه غير عادل".
 
وجهات نظر الرؤساء

ذهبت وجهات نظر كل من إدواردو دوالده الرئيس الأرجنتيني الأسبق، ولويس أوزفالدو هورتادو لاريّا الرئيس الإكوادوري الأسبق، وفيديريكو رامون بويرتا الرئيس الأرجنتيني الأسبق، خلال جلسة "التعلم من تجارب مختلفة من أجل تنمية مشتركة جديدة: وجهات نظر الرؤساء السابقين لبلدان أميركا اللاتينية"، إلى أن أهمية الفضاء الأطلسي لا يجب أن تحجب مكانة المحيط الهادئ المتزايدة الأهمية، خصوصا مع صعود الصين واقتصاد عدد من دول جنوب شرق آسيا.
ورأى المتدخلون أن صعود الحمائية لا ينبغي أن يمنع بلدان أميركا اللاتينية من الانفتاح وتحرير اقتصادياتها.
على صعيد آخر، اعتبروا أن الرئيس البرازيلي الجديد قريب من الأميركيين في تصريحاته، لكن لا يجب أن نقلق كثيراً بشأن ما يعلنه. ففي النهاية، هناك حقائق على الأرض يتعين أخذها في الاعتبار.
 
قادة صاعدون

في الجلسة الختامية الخاصة بالقادة الصاعدين، ظهر أن هناك نمطا آخر من التفكير قيد التبلور، يرافق التحولات الجارية على أكثر من صعيد، يقوده شباب يحمل قناعات وطرق تفكير مختلف عن "القادة الأكبر سنا". باولا باريتو، مثلاً، التي جاءت من البرازيل، وتهتم بقضايا العدالة الاجتماعية والنوع والصحة، قالت إنها جاءت من البرازيل، وأنها ترى صعود النزعة الشعبوية التي "ليست إلا نتيجة الإقصاء الذي مورس على جزء كبير من الساكنة"، ولنظام "لم يكن في مستوى تطلعاتهم"، مشيرة إلى أن الاكتساح الشعبوي  يعبر عن "عدم مساواة" و"صرخة يأس من سكان تم نسيانهم". وبالتالي فهي (الشعبوية) "إجابة على كل ذلك".
أما أسماء الحاجي، وهي باحثة مغربية، فقد انطلقت من حركة المقاطعة التي شهدها المغرب في الآونة الأخيرة، لتظهر أن الناس صاروا يشعرون بانعدام الثقة، وبالتالي فاحتجاجهم إنما هو تعبير عن إحباط وتطلع إلى محاسبة حقيقية.
أما دوروتي أوليواتوسان، وهي نيجيرية تهتم بأوضاع السكن في بلدها وقضايا المرأة، فلفتت إلى أن أفريقيا قارة يقودها قادة كبار في السن، فيما يناهز متوسط عمر السكان 18 عامًا. قبل أن تتساءل: "أين من سيقود جيل الغد؟ في الولايات المتحدة خرج مالكوم إكس وآخرون ضد النظام. لكني لا أرى، اليوم، سوى الـ(هاشتاغ). لا أحد ينزل، تقريباً، إلى الشارع للاحتجاج".
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار