: آخر تحديث
إرغام المتظاهرين على توقيع تعهدات بعدم انتقاد الحكومة

اتهامات دولية لأربيل باعتقالات للمحتجين وقمع لحرية التعبير

95
93
70

اتهمت منظمة حقوقية دولية سلطات إقليم كردستان العراق الشمالي باعتقال المشاركين في احتجاجات ضد السلطات وإرغام قوات الأمن إياهم على توقيع تعهدات مكتوبة بعدم المشاركة في أي احتجاجات في المستقبل أو نشر أي بيانات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد حكومة الإقليم وإجبارهم على التوقيع عليها كشرط لإطلاق سراحهم.

إيلاف: قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية الحقوقية إن قوات الأمن التابعة لحكومة إقليم كردستان العراق اعتقلت مشاركين في احتجاجات خرجت أخيرًا في مختلف أنحاء السليمانية، وأجبرتهم على توقيع تعهدات بعدم انتقاد الحكومة.

وأشارت المنظمة في تقرير لها الأربعاء، حصلت "إيلاف" على نسخة منه، الى أن المحتجين احتجزوا لمدة 8 أيام من دون عرضهم على قاضٍ، وأُجبروا قبل الإفراج عنهم على توقيع تعهدات بعدم الاحتجاج أو انتقاد الحكومة على وسائل الإعلام الاجتماعي. كما احتجزت قوات الأمن "الأسايش" في كردستان العراق 3 صحافيين كانوا يغطون الاحتجاجات، بسبب عملهم.

قوات الإقليم تسعى إلى إسكات النقد
وقالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، "رد حكومة إقليم كردستان على الاحتجاجات يتجاوز بكثير حقها في اعتقال ومحاكمة المسؤولين عن العنف. يبدو أن التكتيكات القاسية التي تنتهجها القوات المسلحة في الإقليم هي محاولة لإسكات النقد رغم الرواية الرسمية بأن السلطات تحترم حقوق المواطنين في حرية التعبير والتجمع".

وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أنه في 18 ديسمبر، احتج موظفو الخدمة المدنية وحشود من أنصارهم في 9 مدن وبلدات على الأقل في منطقة السليمانية بسبب عدم دفع رواتبهم على مدى السنوات الثلاث الماضية، ودفعت حكومة الإقليم أجورًا جزئية فقط كل بضعة أشهر بدلًا من الرواتب الكاملة كل شهر، وفقًا لمجموعة من المعلمين الذين ساعدوا على تنظيم الاحتجاجات.

استمرت الاحتجاجات 5 أيام. كان بعض المتظاهرين عنيفين، وشنوا هجمات متعمدة على مبانٍ تابعة لـ "الاتحاد الوطني الكردستاني"، الحزب السياسي الرئيس في منطقة السليمانية، وبعض مرافق قوات الأمن "الأسايش".

وفي أواخر يناير وأوائل فبراير 2018، قابلت هيومن رايتس ووتش 11 رجلًا شاركوا في الاحتجاجات، فنفى الجميع أنهم كانوا عنيفين، وهو ما لم تتمكن من التحقق منه. وقد احتجزتهم قوات الأسايش بعد الاحتجاجات، واعتقلتهم من منازلهم، أو أماكن عملهم، أو في الشارع، ولكن ليس بالقرب من الاحتجاجات.

اعتقالات من دون توجيه تهم
ينص "قانون أصول المحاكمات الجزائية" العراقي (رقم 23 لسنة 1971) على وجوب تقديم جميع المعتقلين إلى قاضي التحقيق في غضون 24 ساعة، لكن الذين قوبلوا قالوا إن قوات الأسايش احتجزتهم لمدد تتراوح بين يوم و8 أيام من دون توجيه تهم إليهم أو تقديمهم إلى قاضٍ. 

لم يُسمح لهم الاتصال بأسرهم أو بمحامين. أجبِر 9 رجال على توقيع تعهد بعدم المشاركة في أي احتجاجات في المستقبل، واضطر 6 إلى التعهد بعدم نشر أي شيء ينتقد حكومة الإقليم أو يشجع الاحتجاجات على وسائل الإعلام الاجتماعي.

اعتقلت الأسايش 7 منهم في بلدة رانية على بعد 90 كيلومترا شمال غرب السليمانية بعد ظهر يوم 21 ديسمبر، قالوا إنهم من بين 32 شخصًا اعتقلتهم الأسايش هناك، وأُخبروا أن ذلك بسبب مشاركتهم في الاحتجاجات. وأكدوا أنهم نُقلوا إلى مكتب الأسايش المحلي، حيث أجبروا على توقيع بيان لم تسمح لهم قراءته، واحتُجزوا ليلة في سيارات مزدحمة، ونقلوا صباح اليوم التالي إلى قاعدة فرمندي العسكرية في السليمانية.

إرغام المعتقلين على توقيع تعهدات بعدم انتقاد الحكومة
وقد احتُجز الرجال بين يوم واحد و4 أيام. وقال 6 منهم إن ضابطًا من الأسايش قابلهم، وكتب تصريحًا يتضمن معلوماتهم الشخصية والتزامهم بعدم المشاركة في أي احتجاجات في المستقبل، أو نشر أي بيانات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد حكومة إقليم كردستان أو تشجع الاحتجاجات، وأكدوا أن الضابط جعلهم يوقعون ويبصمون.

وأوضح رجل منهم أنه احتُجز 3 أيام، وبينما ضغط الضابط عليه للتوقيع على التعهد، أصر على قراءته أولًا، وسأل عما إذا كان يمكن أن يرفض التوقيع، وقال إن الضابط أخبره والمحتجزين الـ 17 الآخرين في القاعة "إذا لم توقعوا، فلن نطلق سراحكم".

واشار رجل آخر إلى أنه عندما استُجوب طلب منه الضابط الحصول على معلوماته على "فايسبوك"، وفتح صفحته لمراجعة محتوياتها قبل توقيعه على التعهد والإفراج عنه. وقال الرجال إنهم أُعيدوا إلى مركز الأسايش المحلي في رانية، وأُمروا بالتوقيع على البيان نفسه مرة أخرى، قبل أن تعيد العناصر الأمنية إليهم ممتلكاتهم الشخصية وإطلاق سراحهم في 24 و25 ديسمبر.

وقال أحد الرجال "بالطبع سوف نواجه المزيد من المتاعب إذا قبض علينا في احتجاج آخر بعدما وقّعنا على هذه الوثيقة. لكن حتى لو كنت أخاطر بأن أُقتل، سأخرج للاحتجاج - أنا ببساطة أطلب احترام حقوقي، ولن أتمكن من العيش إذا لم يتغير الوضع".

اعتقال صحافيين لتغطيتهما الاحتجاجات
كما قابلت هيومن رايتس ووتش صحافيَّين احتُجزا لتغطيتهما احتجاجات مماثلة في مدينتي كويسنجق وحلبجة. وقال صحافي في إحدى وسائل الإعلام المعارضة البارزة، والذي عرض وثائقه القضائية على هيومن رايتس ووتش، إنه اعتقل في 19 ديسمبر في كويسنجق.

وأشار الى انه بينما كان يقف في الشارع لتصوير الاحتجاجات في الظهيرة "أتت قوات الأسايش، وأخذت الميكروفون والكاميرا والهاتف الخلوي، واحتجزتني هناك 30 دقيقة، رغم أني أريتهم بطاقتي الصحافية. ثم أعطوني معداتي مرة أخرى، وواصلتُ العمل". واوضح إنه غادر البلدة الساعة 3 مساء، وعندها اتصل به صديق مرتبط بالأسايش، وقال له إنه سيقبض عليه.

وقال "بعد 15 يومًا عدت إلى بيتي، وسلمت نفسي في مركز الأسايش، حيث احتجزوني 3 أيام، قبل أن يعرضوني على قاضٍ بتهمة تشجيع الناس على المشاركة في المظاهرات والتحريض على العنف. أنا حاليا في البيت بكفالة، ولكنني خائف جداً من العودة إلى العمل، وخائف جدا من مغادرة المنزل، لأنني قلق على عائلتي وأمني".

وبيّن صحافي ثالث أن الأسايش اعتقلته في 22 ديسمبر في السليمانية، وأجبره مركز أسايش مجاور على توقيع وثيقة تفيد بأنه سيترك وظيفته، ثم أطلِق سراحه من دون تهمة في وقت لاحق من ذلك اليوم. وقال "ما زلت أعمل، لكنني قلق كل يوم من أن يأتوا ورائي".

حكومة الاقليم تدعي التزامها ضبط النفس
وطلبت هيومن رايتس ووتش تعليقًا من حكومة إقليم كردستان على النتائج التي توصلت إليها، وفي رسالة إلكترونية إلى هيومن رايتس ووتش في 25 فبراير، اجاب ديندار زيباري، منسق حكومة إقليم كردستان للدفاع الدولي قائلا "التزمت قوات أمن السليمانية ضبط النفس والتسامح لدرجة كبيرة أثناء المظاهرات. تم القبض على عدد من الناس موقتًا لمنع انتشار العنف، فيما ساعدت القوات أيضًا على حماية آخرين، وما إن أصبح الوضع مستقرًا، تم إخلاء سبيلهم، من دون تحقيق أو اتهامات.

وادّعى ان قوات الأسايش كانت مراعية للغاية لظروف المقبوض عليهم، ورغم أنهم تجاوزوا قوانين عدة، فقد كان هدف القوات استعادة السلم ومنع انتشار العنف وضمان سلامة الجميع خلال عملية التظاهر. نظرًا الى الأعمال العنيفة أعلاه، كان من الممكن محاكمة الموقوفين والحكم عليهم بالسجن من عام إلى عامين.

واكدت المنظمة ان المتحدث الكردي "لم يرد على استفساراتنا حول ما فعله أفراد الأسايش، حيث أجبروا الأشخاص على التنازل عن حقوقهم في التظاهر والنشر على وسائل التواصل الاجتماعي، أو على أنهم أوقفوا لأيام بعد انتهاء التظاهرات من دون السماح لهم بالتواصل مع محامٍ، المثول أمام قاضٍ، أو التواصل مع عائلاتهم".

وشددت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في منظمة "هيومن رايتس ووتش" على ان "للناس في إقليم كردستان الحقوق نفسها التي يتمتع بها أي شخص في أي مكان للتعبير سلميًا عن إحباطهم إزاء الأزمة الاقتصادية والسياسية ومن مؤشرات الاضطهاد أن تحاول السلطات إجبار الناس على التوقيع على التخلي عن حقوقهم الأساسية في الاحتجاج والانتقاد".
 
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار