: آخر تحديث
الفاكهة تنضج... والتقنية تُقرّر!

من البستان إلى البيانات: فواكه وخضروات تُحلّل نضجها بنفسها!

10
10
8

إيلاف من سان فرانسيسكو: تخيل أن تفتح تطبيقًا في هاتفك، فيُخبرك بأن الموزة التي اشتريتها قبل يومين ستنضج تمامًا خلال 6 ساعات، وأن الأفضل تناولها الآن أو حفظها في الثلاجة.

لم يعد هذا خيالًا، بل تقنية بدأت فعليًا شركات زراعية كبرى بتطبيقها.

في عالم أصبح الذكاء الاصطناعي فيه يُقرّر حتى متى نأكل، دخلت الفواكه على الخطّ. طوّرت شركات في الولايات المتحدة واليابان أجهزة استشعار دقيقة تقيس نسبة السكر، ودرجة النضج، والرطوبة في الفواكه، وترسل إشعارات لمزارعين أو مستهلكين عبر تطبيقات الهاتف.

طوّرت شركة يابانية مثل Agrist روبوتًا زراعيًا ذكيًا قادرًا على تمييز الثمار الناضجة فقط، وقطفها بدقة دون إتلاف البقية، يعتمد هذا الروبوت على كاميرات عالية الدقة وتقنيات رؤية حاسوبية لتحليل شكل الثمار وألوانها، والتعرّف على مدى نضجها.
وعند رصده لثمرة جاهزة للحصاد مثل الفلفل الحلو، يُفعّل ذراعًا آلية مرنة لقطفها بلطف، دون أن يمسّ النبات أو يُتلف الثمار المحيطة.
يتحرّك الروبوت من خلال أسلاك معلّقة في أعلى البيوت الزجاجية، ما يتيح له التنقّل بسلاسة بين الصفوف دون أن يعيق حركة التربة أو يحتاج لمسارات أرضية.

جميع هذه العمليات تُنفَّذ بشكل ذاتي بالكامل، ويقوم النظام بتسجيل بيانات دقيقة حول كمية الإنتاج وجودته، ما يمنح المزارعين أدوات فعالة لتحسين الأداء وتقليل الهدر.

أما في كاليفورنيا، شركة Apeel Sciences طورت تقنية تعتمد على طلاء نباتي يُطبّق على الفواكه مثل الأفوكادو. هذا الطلاء يقلل من فقدان الرطوبة ويبطئ عملية الأكسدة، مما يطيل من عمر الفاكهة ويقلل من الهدر الغذائي.

وحتى التفاح أصبح "متصلاً بالإنترنت"! ففي مزارع هولندية متقدّمة، بدأت تُستخدم أجهزة استشعار دقيقة تُثبّت على الأشجار لقياس العوامل البيئية مثل درجة الحرارة، نسبة الرطوبة، وانبعاثات الإيثيلين، وهو الغاز الطبيعي الذي تفرزه الثمار عند اقتراب نضجها.

تعتمد هذه التقنية على ربط البيانات بمراكز تحكّم رقمية تراقب تطوّر الثمرة لحظة بلحظة.
ومن خلال تحليل هذه القراءات، يتمكّن المزارعون من توقّع درجة النضج والنكهة بدقة عالية، واتخاذ قرار القطف في التوقيت المثالي لضمان أفضل طعم وجودة.

تفتح هذه التكنولوجيا الباب أمام زراعة أكثر ذكاءً، وتُساهم في تقليل الخسائر الناتجة عن قطف الثمار في توقيت غير مناسب.

الأغرب؟ أن بعض التجارب بدأت بتحليل "النكهة المتوقعة" باستخدام تقنيات تعتمد على الضوء والحرارة والموقع الجغرافي.
يعني ببساطة: الآن الذكاء الاصطناعي قد يعرف ما إذا كانت هذه الفاكهة تستحق أن تدخل سلّتك... قبل أن تتذوقها!

وفي تجربة عربية واعدة، تعاونت جامعة Wageningen الهولندية مع مزارعين مغاربة لاستخدام تقنيات التحليل المسبق للفاكهة، مما ساعد على تقليل نسبة المنتجات المرفوضة في الأسواق الأوروبية بنسبة 30٪، ورفع جودة التصدير.

قد يبدو كل هذا ترفًا تقنيًا، لكنه في الواقع خطوة جوهرية لتقليل الهدر الغذائي وتحسين سلاسل التوريد، خاصة في دول تعاني من تغيّر مناخي وموارد محدودة.

هذا ليس خيالاً، بل واقع يتشكل بهدوء:
عالم تُراقب فيه الفواكه حالتها، وتُخبرك بجودتها، وتُسهّل على المزارع والتاجر والمستهلك اتخاذ القرار.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في لايف ستايل