إيلاف من الجونة: اختتمت مؤخرا ً الدورة الخامسة من مهرجان الجونة السينمائي، والتي واجهت العديد من المصاعب حتى قبل بدايتها، مابين خلاف الفنانة يسرا ومدير المهرجان إنتشال التميمي، مروراً بالحريق الذي حدث قبل الإفتتاح في منطقة بلازا، الجدل الشديد الذي صاحب عرض فيلم "ريش"، إصابة الفنانة بشرى بحادث سيارة، ثم استقالة المدير الفني للمهرجان أمير رمسيس قبل اختتام الفعاليات بيوم واحد. بالإضافة الى شائعات تحدثت عن وجود نية لتغيير مدير المهرجان، إلى أن أتى تصريح المهندس نجيب ساويريس مؤسس مهرجان الجونة السينمائي عبر قناة mbc مصر، ووضع حداً لهذه الشائعات. حيث قال بشكل قاطع وحاسم: "انتشال عصب المهرجان والجندي المجهول فيه، ولو هو مش موجود ما اكملش انا كمان".
وتلا هذا التصريح بيان صادر من المهرجان يحدد تواريخ الدورات الثلاث القادمة واضعاً حداً للشائعات التي طالت المهرجان طيلة أيام انعقاده.
أفلام منتقاة بعناية
أحد أهم أسباب نجاح مهرجان الجونة والتي حققها منذ الدورة الأولى هي أنه أصبح المحطة الأولى في الشرق الأوسط لأهم الأفلام السينمائية العالمية والعربية التي تحصد الجوائز في المهرجانات الدولية، وفي هذه الدورة واصل المهرجان استمرار اختياره لبرمجته بعناية.
كانت هناك العديد من الأفلام المنتظرة منها فيلم "مقصورة رقم 6"، الفائز بالجائزة الكبرى من مهرجان كان السينمائي، وفيلم "مورينا"، الحاصل على جائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان كان السينمائي أيضاً. وكذلك الفيلم البلجيكي "ملعب" الحاصل على جائزة فيبريسي في مهرجان كان السينمائي، والفيلم الأسترالي "نيترام"، الحائز على جائزة أفضل ممثل من مهرجان كان السينمائي.
والفيلم الأهم والذي حاز على إعجاب معظم النقاد ممن حضروا المهرجان كان فيلم "أسوأ شخص في العالم"، الذي فازت بطلته ريناته رينسفي بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان السينمائي. فنال الفيلم إشادة نقدية وحضور جماهيري كبير على الرغم من أنه عرض في وقت متأخر.
من الأفلام المميزة كذلك والتي عرضت في بداية المهرجان كان الفيلم الفنلندي "الرجل الأعمى الذي لم يرغب بمشاهدة تيتانيك" الفائز بجائزة الجمهور في مهرجان فينيسيا، وكذلك الفيلم الصيني " ثانية واحدة" والذي اختير لإفتتاح مهرجان سان سيباستيان السينمائي.
وفيما يخص الوثائقيات كان هناك الفيلم السويدي "سبايا"، الحاصل على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان هونغ كونغ السينمائي، وجائزة السينما العالمية للفيلم الوثائقي في مهرجان صندانس السينمائي.
وفيما يخص الأفلام العربية فكان هناك تواجد مصري مميز في المهرجان من خلال فيلمين وهما "ريش"، الفائز بالجائزة الكبرى لأسبوع النقاد، و"أميرة"، الفائز بثلاث جوائز في مهرجان فينيسيا هي: لانترينا ماجيكا وإنترفيلم وجائزة إنريكو فوتشينوني .
ريش ثناء نقدي وهجوم شعبوي
لم يكن يدور بخلد المخرج المصري الشاب عمر الزهيري الذي حصل في مايو الماضي على الجائزة الكبرى لأسبوع النقاد في مهرجان كان السينمائي، هذا الهجوم القاسي الذي صاحب عرض فيلمه في مصر وخصوصاً من فئة معنية بحرية التعبير والإبداع.
فبعد مرور ربع ساعة من عرض الفيلم خرج أكثر من ممثل من الصالة منهم أشرف عبدالباقي، أحمد رزق، وشريف منير.
شريف منير رأى أن هذا الفيلم مسيء لمصر وبأنه لاينقل الواقع الحقيقي للبلد، من هنا بدأت القضية مابين مؤيد للفيلم ومابين ناقم عليه.
اليوم التالي للعرض كان موعد المؤتمر الصحفي لمخرج الفيلم والذي كان أقرب منه للمحاكمة منه للنقاش حول الفيلم، ومع ذلك كان المخرج الشاب رزينا متحكماً في انفعالاته مجيباً على كل ما يخص الفيلم من تساؤلات.
الحملة استمرت على العمل أثناء المهرجان وانسحبت بعض الصحف والقنوات من المهرجان رافضة تغطيته بحجة أنه يروج لفيلم مسيئ لسمعة لمصر.
وقبل ختام المهرجان بيوم واحد واحد تم تسريب الفيلم كاملا ً على الإنترنت، ولاشك في أنه أمر يضر الصناعة السينمائية بشكل كبير ولكن من يدري ربما كان ذلك من صالح صناع الفيلم كي يشاهده الجمهور ويرى بعينه قضية الإساءة لسمعة مصر من عدمها!!
العديد من الفنانين والكتاب والمخرجين وقفوا مع مخرج الفيلم ودافعوا عنه، منهم محمد أمين المؤلف والمخرج والذي أثنى عليه، ودافع عن الزهيري في العرض الخاص لعرض فيلمه أميرة، وكذلك المخرج عمرو سلامة، والمؤلفة مريم نعوم.
وبرغم الحملة القوية ضد الفيلم وصناعه إلا أن حصوله في ختام المهرجان على جائزة أحسن فيلم عربي كان دعماً واضحاً لكل صانع أفلام في أن يقدم رؤيته الفنية بغض النظر عن أي مخاوف مجتمعية أو رقابية شعبية.
المخرج عمر الزهيري أثناء حصوله على جائزة أفضل فيلم عربي في المهرجان
حضور سعودي خجول
على الرغم من التواجد السعودي السينمائي الكبير مؤخراً في عدد من المهرجانات العربية، والإنتاج المبذول سواء كان حكومي أو خاص إلا أن التواجد في مهرجان الجونة كان مقتصرا ً على فيلم وحيد. البعض عزا قلة العروض السعودية بحجة انتظار معظم صناع الأفلام لعرضه في مهرجان لبحر الأحمر السينمائي والذي سيقام في مدينة جدة في السادس من ديسمبر القادم.
فيلم "نور شمس" للمخرجة فايزة أمبة وبطولة عيشة الرفاعي و أحمد صدام، حاز على إعجاب وثناء نقدي كبير وحصلت بطلته عيشة الرفاعي على تنويه خاص من لجنة التحكيم في مهرجان الجونة.
أثار العمل عدداً من القضايا المهمة والحساسة عن مشاكل المقيمين والهوية والتفريق الطبقي المجتمعي، وبعيداً عن موضوع الفيلم لازالت الأفلام السعودية تعاني من صعوبة فهم اللهجة من قبل المشاهدين العرب، وعلى الرغم من أن الأغنية السعودية منتشرة ومفترض أنها ساهمت في انتشار اللهجة إلا أن هناك صعوبات في فهم اللغة المحكية، وهذه المعاناة تختفي قريبا ً مع تواصل الإنتاج السينمائي السعودي بشكل دائم وتحقيقه للإنتشار والنجاح المنشود.
الفيلم السعودي القصير نور شمس
الهجوم السنوي على فستاتين الجونة
الهجوم على أزياء الفنانات في مهرجان الجونة أصبح طقس سنوي ومعتاد، والحقيقة طبيعي جداً أن يكون هناك تقييم من الجمهور لهذه الأزياء، لكن أن يكون هناك هجوم من صناع السينما أو من القريبين من هذه الصناعة على المهرجان بأنه ليس سوى مهرجان فساتين فذلك فيه تجني كبير وعدم احترام لجهود العديد من العاملين في المهرجان.
المهرجان الذي يستضيف مئات الصحفيين والفنيين وأكثر من خمسين ناقد عربي وأجنبي يتواجدون في المهرجان بشكل يومي من خلال مشاهدة الأفلام والنقاشات التي تتم عنها ثم الكتابة عنها، العديد من المقالات والحوارات التي نتجت عن المهرجان وكون المختص بالسينما لا يبحث عنها فهذا أمر الآخر .
من الطبيعي أن يكون الإهتمام بشكل أكبر للسجادة الحمراء ومايدور حولها كونها الجاذبة للجميع، لكن أن يتجاهل بقية تفاصيل المهرجان مثل الأفلام المعروضة والمقالات والحوارات فهو أمر فيه اجحاف كبير.
الجونة كمان وكمان
بالبيان الذي صدر عن تحديد تواريخ مهرجان الجونة للسنوات الثلاث القادمة تكون طويت صفحة الحديث عن مستقبل المهرجان والذي كثر مؤخرا ً.
وهنا جدد مهرجان الجونة عهده في تعزيز ودعم صناعة وصناع السينما في المنطقة من خلال هذا الإعلان، حيث ستقام الدورة السادسة في الفترة من 13-21 أكتوبر 2022، والسابعة بين 12-20 أكتوبر 2023 والثامنة بين 17-25 أكتوبر 2024.