اختتمت مقاطعة فلاديفوستوك الروسية الأسبوع الفائت أعمال المنتدى الاقتصادي الشرقي في نسخته التاسعة، تحت شعار "لنوحّد قوانا ونصنع الفرص". في وقت كانت موسكو تسجّل نجاحًا اقتصاديًا جديدًا مع تقليص عجز ميزانيتها بشكل كبير، وذلك بفضل النمو الاقتصادي الذي فاق التوقعات.
شارك في منتدى الاقتصاد الشرقي هذا العام أكثر من 6 آلاف شخص من 76 دولة ومنطقة، متفوقًا بذلك على العام السابق عندما كان الضيوف يتوافدون من 62 دولة، وبينهم من دول تصنّفها روسيا كـ"دول غير صديقة"، مثل الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا، وهي دول فرضت على روسيا أقسى العقوبات في العالم.
استهداف لآسيا والمحيط الهادئ
شهد المنتدى فعاليات ضمن إطار "بريكس للابتكار الإبداعي"، حيث ناقش إلى جانب مواضيع أخرى رقمنة اللغات والصناعات الإبداعية. كما عُقدت خلال المنتدى، الذي استمر 3 أيام، نحو 100 حلقة نقاش حول قضايا الاقتصاد والاستثمار تحت عناوين مثل "الملامح الجديدة للتعاون الدولي"، "نظام القيم المالية"، "التعليم والوطنية"، إضافة إلى قضايا النقل والخدمات اللوجستية، وغيرها الكثير.
تأسس المنتدى كمنصة لتطوير اقتصاد الشرق الأقصى وتوسيع التعاون الدولي في آسيا عام 2015. وقد تضمّن حوارات تجارية مع الدول الشريكة الرائدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وكذلك مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، في شكل "حلقات نقاش" و"موائد مستديرة" وحوارات متلفزة ووجبات إفطار عمل، لتطوير علاقات روسيا مع مختلف دول العالم.
تعدّ الصين من أبرز الشركاء التجاريين لروسيا. وقد بلغ حجم التجارة بين البلدين في العام الفائت 220 مليار دولار، محققين بذلك هدفًا كان متوقعًا تحقيقه بحلول عام 2024. لكنهما تمكّنا من تجاوزه قبل الموعد المحدد.
ولم تقتصر هذه الأرقام على الصين وحدها؛ فقد استطاعت موسكو تعزيز علاقاتها التجارية مع العديد من الدول حول العالم، رغم العقوبات الغربية التي تُعدّ من بين الأكثر قسوة في التاريخ. على سبيل المثال، منع الاتحاد الأوروبي جميع واردات النفط من روسيا، التي كانت حتى ذلك الحين المورّد الرئيسي للاتحاد، مما دفع موسكو للتوجه بقوة نحو سوقي النفط في كل من الصين والهند.
عجز الميزانية يتقلّص
رغم هذه التحديات، تمكنت موسكو من تقليص عجز ميزانيتها بشكل كبير خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024، بفضل النمو الاقتصادي الذي فاق التوقعات.
ارتفعت عائدات النفط والغاز في روسيا رغم العقوبات، مما ساهم بشكل كبير في تمويل الإنفاق المتزايد للحرب مع أوكرانيا. وتقلص العجز ليصل إلى نحو 331 مليار روبل (3.7 مليارات دولار)، وهو ما يعادل 0.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وذلك وفقًا لبيانات وزارة المالية الروسية التي نُشرت الأسبوع الفائت.
راحة مالية؟
سجّلت روسيا خلال الشهر الفائت فائضًا في ميزانيتها بلغ نحو 8.5 مليارات دولار. لكن الأهم أن تلك الفوائض تحققت من خلال قطاعات غير نفطية وغازية، وهو ما اعتبر تحولًا كبيرًا وفر للحكومة الروسية "الراحة المالية".
وفقًا لوكالة "بلومبرغ" الأميركية، بلغ إجمالي الإنفاق في الميزانية خلال الأشهر الثمانية حتى آب (أغسطس) 23.4 تريليون روبل (257.4 مليار دولار)، بزيادة قدرها 22 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الفائت.
أوضح وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانوف، أن زيادة الإيرادات تعود إلى النمو الاقتصادي الأقوى من المتوقع وارتفاع عائدات النفط والغاز. ففي آب (أغسطس) وحده، ارتفعت عائدات النفط والغاز بنسبة 21 بالمئة على أساس سنوي، في حين ارتفعت الإيرادات من القطاعات غير النفطية بنسبة 37 بالمئة مقارنة بالفترة ذاتها في 2023.
من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.9 بالمئة هذا العام، وهو تحسن جيد مقارنة بنسبة 3.6 بالمئة المسجلة في 2023، مما سيمنح الكرملين مساحة أكبر لزيادة الإنفاق الحكومي.