عندما يعتلي رئيس الوزراء الاسرائيلي ينيامين نتانياهو للمرة الرابعة منصة الكونغرس الاميركي الاربعاء المقبل، يكون بذلك اول مسؤول اجنبي في التاريخ يحظى بهذا التكريم الاميركي.
لا يحتاج نتانياهو الى كثير من الجهد وهو على منصة مجلسي النواب والشيوخ لانتزاع موجات التصفيق والتأييد تماما كما حظي في المرات الثلاث السابقة التي خاطب فيها من تلك المنصة الشعب الاميركي والعالم.
في "الكابيتول"، مقر الكونغرس، لن يُساءل نتانياهو عن مائة الف ضحية بين شهيد وجريح فلسطيني، ولا عن ابادة مناطق وقرى في غزة او جنوب لبنان، ولا عن اعتداءات متواصلة على سوريا. بل سيكون مستمعا الى من مُنح مجد الخطابة بالامة اربع مرات.
نتانياهو يجيد دغدغة الرأي العام الاميركي، فحرص على ان يضم اعضاء الوفد الى واشنطن عدد من الاسرى وعائلات ضحايا الحرب. تسلح سياسيا، رغم هشاشة وضعه الداخلي، بقرار من البرلمان "الكنيست" يرفض قيام الدولة الفلسطينية.
ويحمل في جعبته العسكرية ما يعتبره نصرا باغتيال قائد كتائب القسام محمد الضيف.
وايضا وايضا يحمل في حقائب الدهاء السياسي ارتدادات المسيرة التي قيل انها انطلقت من اليمن وتجاوزت الاساطيل الاميركية والبريطانية في البحر الاحمر واخترقت القبة الحديدية لاسرائيل وتحط انفجارا في مبنى سكني قرب السفارة الاميركية في تل ابيب.!
الصحافة الاسرائيلية نقلت عن سكان في المبنى المستهدف "تسعة اشهر من الحرب وما زال بمقدورهم قصف تل ابيب"؟ فهل هناك من رسالة اوضح يمكن ان تفتح لخطيب الكونغرس القديم الجديد ابواب الدعم العسكري المطلق.؟
صحيح ان مسيرة "يافا" كما اطلق عليها الحوثيون وهم يتبنون اطلاقها، حطت انفجارا محدودا في تل ابيب. بيد ان وصولها، في تقديري، في هذا التوقيت اصاب اهدافا استراتيجية اخرى لاسرائيل واميركا.
في تقرير قيم للزميلة الشرق الاوسط الاسبوع الماضي حول "حارس الازدهار" الاميركي في البحر الاحمر والمواجهات المستمرة منذ اشهر مع الحوثيين يتضح ان الاساطيل الاميركية والبريطانية نفذت 600 غارة ومئات الصواريخ، بينما نفذ الحوثيون 170 هجوما بحريا اغرقت سفينتين وقرصنة ثالثة واحدث اضرارا باكثر من 29 اخرى.
ويكشف التقرير ان الصين تصدر وتستورد عبر البحر الاحمر نحو 300 مليار دولار سنويا وهي بالتالي المتضرر الاكبر من تراجع الملاحة عبر قناة السويس وباب المندب بنسبة 40 في المائة.!
يا لهذه المنطقة من الكوكب ،كيف تتشابك فيها اهداف السطوة ومصالح الدم !؟
المشهد قاتم. لكن ذلك لا يمنع الذاكرة من استنهاض الماضي القريب، والعزوف الاقليمي عن المشاركة في العمليات الاميركية البريطانية في البحر الاحمر تحت مسمى "حارس الازدهار". فاي ازدهار ذاك ولمصلحة من؟
المنطقة ساحة لصراع اكبر. ومخططات اعمق. فهل نبقى على رصيف انتظار الآتي من الاستحقاقات؟