: آخر تحديث

ما هي أسباب أزمة الديمقراطية في فرنسا؟

56
69
54

في عددها الصادر يوم السبت الموافق للثامن من شهر أبريل-نيسان\أبريل الحالي، طرحت جريدة "لوموند" على كل من عالمي الاجتماع تياري باش، ودومينيك شنابار، السؤال التالي: ما هي الآليات المتاحة للخروج من الأزمة التي تعيشها فرنسا راهنا؟

وفي جميع دراساتها، اهتمت دومينيك شنابار التي تعمل أستاذة وباحثة في مركز الدراسات والبحوث الاجتماعية، بقضية الديمقراطية، وأزماتها. كما أنها تترأس مجلس الحكماء المدافع عن العلمانية. وكانت أول عالمة اجتماع تنتخب عضوة في المجلس التشريعي في الفترة الفاصلة بين2001 و2010.

أما تياري باش فهو مدير حلقة التفكير: TERRA NOVA منذ 2013. إضافة إلى ذلك، اهتمّ في دراساته بالعديد من القضايا السياسية والاجتماعية في فرنسا. والاثنان يختلفان في قراءتهما للأزمة الحالية التي تعيشها فرنسا جراء تعديل الفصل المتعلق بنظام التقاعد، وبالعديد من القضايا الأخرى التي بسببها أصبحت شوارع باريس، وكبريات المدن الفرنسية الأخرى، تشهد مظاهرات تكاد تكون يومية.

فبينما حرصت دومينيك شنابار على تبرير الإجراءات التي اتخذتها حكومة ماكرون، والتي تستند إلى دستور1958 الذي صوّت عليه الفرنسيون بنسبة 80 بالمائة للحدّ من سلطة البرلمان، والتي كانت سببًا في تعطيل العجلة الاقتصادية، يرى تياري باش أن البعض من فصل هذا الدستور، لم تعد تستجيب لمقتضيات المرحلة الحالية، لذا لا بدّ من الانصات إلى الشارع، واحترام مطالبه.

ومجيبة على السؤال المتعلق بالأزمة الراهنة التي تعيشها فرنسا، تقول دومينيك شنابار بإن الأحداث والاضطرابات الحالية تمثل تهديدا مباشرا للديمقراطية ومؤسساتها. وقد قامت الحكومة بتطبيق إجراءات ينصّ عليها الدستور، رغم الانتقادات العنيفة التي وجهت لها. أما البرلمان فقد انخرط في نزاعات ونقاشات بيزنطية استمرت ساعات طويلة من دون أن تفضي إلى نتيجة واضحة وجدية. ومثل هذا يُحوّل اللعبة الديمقراطية داخل البرلمان إلى عبث لا جدوى ولا فائدة منه.

ومعنى هذا أيضا أن  نسبة مُهمة من أعضاء البرلمان، أصبحوا يخضعون لسلطة الشارع لأغراض انتخابية، وليس من أجل مصلحة البلاد. ويمكن أن يؤدي هذا التمرد من داخل البرلمان إلى الفوضى، وإلى استبداد شعبوي عارم يقود البلاد إلى المزيد من الأزمات.

وترى دومينيك شنابار أن الحوار النزيه، القائم على احترام الدستور، وعلى قراءة موضوعية للواقع الاقتصادي والاجتماعي هو الحل الأمثل للأزمة الحالية، وللديمقراطية التمثيلية بصفة عامة.

أما تياري باش فيعتقد أن الديمقراطية التمثيلية بحسب ما أقرها دستور1958، تعاني منذ مطلع الألفية الجديدة من نقائص عديدة تعود إلى أنها لم تعد تعكس مقتضيات الواقع، والقضايا الجديدة التي برزت لا على مستوى فرنسا فحسب، بل على المستوى العالمي مثل قضية المناخ والمحيط التي أصبحت تثير مخاوف كثيرة تتعلق خصوصا بمشاكل الماء والغذاء.

ولا يخفي تياري باش تعاطفه مع الشارع، مساندًا التظاهرات الاحتجاجية لأنها تعكس الواقع أكثر مما تعكسه إجراءات الحكومة. لذا هو لا يعتقد أنها-أي المظاهرات-  لا تقود إلى الفوضى كما تزعم دومينيك شنابار، بل هي بمثابة جرس الإنذار الذي يدعو السلطات العليا إلى مراجعة قرارتها والانصات إلى الشارع وتعديل بعض الفصول من الدستور  لكي يكون عاكسًا للواقع الجديد.
وتلك هي الطريقة المثلى بالنسبة له لإنقاذ الديمقراطية التمثيلية من الفوضى، ومن  التصدع.   


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في أخبار