في عددها قبل الأخير، نشرت الأسبوعية الفرنسية Courrier international مقالا عن هجرة العقول التي تشهدها أفغانستان منذ عودة طالبان إلى الحكم.
والأستاذ أحمد غاني الذي كان عميدًا لكلية الآداب والعلوم الإنسانية في مدينة هيرات، غرب أفغانستان، هو أحد الذين لم تعد لهم القدرة على تحمّل العيش والعمل في بلادهم لما يعانونه يوميا من مُضايقات، ومن عراقيل تشلّ كل نشاط يعتزمون القيام به.
طبيبٌ يعالج جريحاً في قندهار بجنوب أفغانستان
وقد قرر الأستاذ أحمد غاني الهجرة إلى ألمانيا، ملتحقًا بالعديد من أهله وأصدقائه.
وكثير من رموز النخبة الأفغانية فرّوا من البلاد قبل خروج القوات الأميركية والأجنبية منها. والذين عوضوهم في مهنهم وفي مراكزهم، هم من أنصار طالبان. وهم في أغلبيتهم من دون كفاءة، ومن دون خبرة.
وحده الولاء لأصحاب السلطة الجدد يخول لهم الارتقاء إلى مناصب رفيعة.
ويقول أحمد غاني إن هؤلاء الانتهازيين العقائديين لا هدف لهم سوى تدمير المؤسسات التربوية والجامعية وغيرها. لذلك فضّل الكثير من الأساتذة والأكاديميين الفرار من البلاد. وجل هؤلاء كانوا قد تخرّجوا من جامعات غربية أوروبية وأميركية.
وبسبب هجرة العقول، تعاني حكومة طالبان من مصاعب وعراقيل كثيرة تتصل بتسيير شؤون الدولة وإدارتها على جميع المستويات. وأكبر المجالات تضررًا من هجرة العقول هي الصحة، والتعليم، والأمن، والقضاء.
وتواجه حكومة طالبان مصاعب أخرى متصلة بالجفاف، والمجاعة التي تضرب مناطق مختلفة من البلاد، وبانعدام الأمن. وبسبب الإجراءات التعسفية التي فرضتها على النساء، والتي تقضي بحرمانهن من التعليم ومن العمل، وحتى من الخروج إلى الشارع، أصبحت حكومة طالبان تعاني من عزلة داخلية ودولية خانقة.
ويقول الأفغاني أحمد حكيمي الذي يعمل باحثا في أحد المراكز العلمية في لندن بان استمرار هجرة العقول سيقود أفغانستان إلى الشلل التام في جميع المجلات لتجد حكومة طالبان نفسها عاجزة تمامًا عن إدارة شؤون الدولة.
وتكون بذلك قد حفرت قبرها بنفسها لأن إدارة الدول لا تتم بالمواعظ والفتاوي الدينية والمراسيم المتخلفة التي لا علاقة لها بالواقع لا من قريب ولا من بعيد.