رغم الجدار الفولاذي المنيع الذي يبلغ طوله خمسة أمتار ونصف، والذي أقامته بولونيا على حدودها مع روسيا البيضاء، فإن الهجرة السرية لم تخف، بل ازدادت استفحالا بعد غزو أوكرانيا.
ويقول فلاح عجوز من قرية تقع على الحدود: "الوضع يشبه كثيرا الوضع على الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة الأميركية. لكننا تعوّدنا على هذا الوضع لأنه أصبح يوميا". وخلال السنة الماضية، وبداية السنة الحالية، تدفقت على المنطقة البولونية الحدودية، أعداد كبيرة من المهاجرين السريين. بينهم نساء حوامل وأطفال وشيوخ.
وفي كل يوم يشاهدهم الأهالي متجمعين خلف الجدار الفولاذي المنيع، وفي عيونهم المتعبة يشعّ الأمل في اختراق الجدار . ورأفة بهم يلقي لهم الأهالي بمواد غذائية، وبثياب وأغطية تحميهم من البرد، وتساعدهم على النوم في العراء. ويردّون هم على ذلك بالإنجليزية:
THANK YOU, THANK YOIU, WE LOVE YOU !
مع ذلك يُوافق أهالي المنطقة على ضرورة اتخاذ المزيد من الإجراءات لمنع الهجرة السرية.
ويمتدّ الجدار المنيع مسافة تُقدر 180كلم. وهو يخترق واحدة من أشهر غابات أوروبا صنفتها اليونسكو ضمن تراثها العالمي.
وتقوم المنظمات المدافعة عن البيئة بحملات واسعة مطالبة بإزالة الجدار باعتباره يُشكلُ "كارثة بيئية كبيرة".
غير أن الحكومة البولونية التي يسيطر عليها المحافظون ازدادت صلابة، مُعبّرة عن عزمها لاتخاذ المزيد من الإجراءات للحدّ من الهجرة السرية التي ترى أنها تهديد لأمنها واستقرارها.
وترى الحكومات الأوروبية أن روسيا تستخدم الهجرة السرية كسلاح لإرباكها بمشاكل تزيد في تعكير أوضاعها السياسية والاجتماعية.
ويقول أحد المسؤولين الأمنيين على الحدود البولونية: "ما هو مُلفت للانتباه هو أن نوعية المهاجرين السريين تغيرت في الفترة الأخيرة. وعدد كبير من هؤلاء قادمون من جنوب الصحراء الأفريقية، ومن بلدان مثل السودان، ونيجيريا، والكونغو، والكوت ديفوار، وكينيا، واريتيريا.
والواضح أن روسيا تُسهّل عليهم الدخول إلى أراضيها، وتحرّضهم بعد ذلك على اجتياز الحدود باتجاه أوروبا الغربية.
ورغم المستنقعات الكثيرة، ورغم العديد من المصاعب الشاقة الأخرى، فإن المهاجرين لا يبالون بذلك، بل يتواصل زحفهم كل يوم".
وبحسب جريدة "لوموند" فتحت موسكو مطارًا جديدًا في كالينينغراد الواقعة بين بولونيا وليتوانا ليكون على صلة ببلدان مثل مصر، واثيوبيا، وتركيا. وهذا ما يسهل قدوم المهاجرين السريين الذين تستخدمهم روسيا في حربٍ غير معلنة مع بلدان أوروبا الغربية المتحالفة مع أوكرانيا.