: آخر تحديث
"إيلاف" تقرأ لكم في أحدث الإصدارات العالمية

هنري كيسنجر واقعي مثالي يحترمه معارضوه قبل مؤيديه

110
114
114

 لم تعرف الولايات المتحدة شخصية سياسية تشبه شخصية هنري كيسنجر، فهو عندما يقول كلمة يحرص الجميع على الإصغاء سواء كان من المؤيدين أم من المعارضين.  

إيلاف: كيسنجر هو الشخص الذي يعتبره البعض "رجلًا لا يمكن الاستغناء عنه"، فيما يعبّر آخرون عن كراهية شديدة له ولأفكاره وطروحاته، ويرون فيه تجسيدًا للفكر الميكافيللي غير الأخلاقي، حتى إن البعض دعا إلى محاكمته بتهمة أنه وراء ارتكاب جرائم متنوعة في مناطق عدة من العالم، منها الهند الصينية وبنغلاديش وتشيلي. 

بالطبع نشرت عشرات الكتب عن حياته وعن أفكاره وعن مساره الدبلوماسي، وربما كان أهمها كتاب "هنري كيسنجر المثالي 1923-1968" لمؤلفه نيال فيرغسون المؤرخ البريطاني والأستاذ حاليًا في جامعة هارفارد. ويقول البعض إن كيسنجر هو من كلفه بكتابة هذه السيرة التي اعتمدت على ما يتوافر من أرشيف عن الخبير الستراتيجي، والأهم على أوراق كيسنجر الخاصة التي زوده بها الأخير.

مراحل
يغطي الكتاب حقبة مهمة تبدأ بولادة الدبلوماسي الأميركي الشهير في ألمانيا في عام 1923 وتنتهي في عام 1969 ويمكن تقسيمه إلى خمسة كتب أولها عن فترة الطفولة في ألمانيا خلال فترة ما بين الحربين العالميتين ثم الهجرة إلى الولايات المتحدة وبعدها العودة إلى ألمانيا من جديد بالبزة العسكرية الأميركية.

يتطرق الكتاب الثاني إلى سنوات دراسته في جامعة هارفارد، ثم إكماله الدكتوراه ثم عمله في الجامعة نفسها، قبل بروزه كمفكر سياسي بعد عرضه طروحات وأفكار عن الستراتيجية النووية، حيث جاء بفكرة استخدام السلاح النووي بشكل محدود. 

يصف الكتاب الثالث التجارب التي مر بها كمستشار في مجال السياسة الخارجية للمرشح للرئاسة نلسون روكفيلر ثم للرئيس جون ايف كنيدي. 

ويغطي الكتاب الرابع الحرب في فيتنام التي رافقها إدراك بأنها حرب لا يمكن للولايات المتحدة كسبها. أما الكتاب الخامس والأخير فيغطي تفاصيل أحداث ستؤدي إلى تعيينه غير المتوقع مستشارًا للأمن القومي في عهد الرئيس نكسون.

من هو كيسنجر فيرغسون 
هو هانز ألفريد كيسنجر المولود في مايو 1923 في ألمانيا، منطقة بافاريا في أسرة يهودية هاجرت واستقرت في الولايات المتحدة في عام 1938، وهو شخص يقترح الكاتب النظر إليه بشكل إيجابي لكونه واحدًا من جيل كان في مرحلة المراهقة خلال سنوات الكساد العظيم، وشارك في الحرب العالمية الثانية. وقد سمح له بالدراسة في جامعة هارفارد بفضل قرار لمساعدة المحاربين القدامى وأفراد أسرهم في مجال التحصيل العلمي، وكان أيضًا واحدًا ممن ساهم في إنقاذ السفينة الأميركية التي غرقت في حرب الهند الصينية في ستينات وسبعينات القرن الماضي.

تكونت شخصية كيسنجر بتجارب حياتية خاصة لأنه ولد يهوديًا في ألمانيا نازية، وكان جنديًا ذكيًا، وليس ضابطًا، وقد خاض معارك طاحنة في الجبهة الغربية بين منتصف 1944 وربيع 1945. وكان شاهدًا على تحرير ألمانيا، ورأى الفضائع التي ارتكبت في معسكرات الموت والاعتقال. 

ويرى الكاتب أن كيسنجر ينتمي إلى فئة المهاجر من الطراز الأول، ويعني ذلك أنه لا يتوقف كثيرًا عند المشاكل التي يمر بها المهاجرون إلى الولايات المتحدة، بل يعتبرها مجرد مرحلة ستمر وتجربة سيتم تجاوزها. 

يوضح أن كيسنجر لا يعتبر مفكرًا أوروبيًا مهاجرًا، بل هو أميركي حتى العظام في ولاءاته وفي ثقافته وبنيته الفكرية وحتى في طريقة تفكيره في ما يتعلق بالشؤون الدولية والعسكرية.

لا يروي الكاتب الكثير من التفاصيل عن أزمات سياسية زامنها كيسنجر وتفاعل معها، مثل أزمة برلين في 1961-1962 أو أزمة الصواريخ في كوبا، ولكنه يركز على الطرق التي تفاعل بها مع هذه الأزمات ومع الإدارات الأميركية المختلفة مثل إدارة الرئيس كنيدي والتي خصص لها 100 صفحة، كما كرّس 250 صفحة أخرى لحرب فيتنام وجذور التدخل الأميركي إضافة إلى دوره في السنوات التي سبقت تعيينه مستشارًا للأمن القومي في يناير من عام 1969. 

وعرف عن كيسنجر إيمانه بالواقعية في مجال السياسة، وهو من دعاة التوصل إلى حلول تقوم على التفاوض، ويعتقد بأن من واجب رجل الدولة اختيار أقل السبل سوءًا. عرف عن كيسنجر أيضًا دفاعه العلني عن السياسة الأميركية في فترة الرئيس لندون جونسون وانتقاده لها بشدة في أحاديثه الخاصة، إضافة إلى انتقاده تدخل الولايات المتحدة العسكري المفضوح. 

ويرى الكاتب أن الاستراتيجي المخضرم تأثر فكريًا بكانت أكثر من تأثره بميترنش وبسمارك، وقد ركز في كتابه على مسار كيسنجر المهني، وتابع الظروف التي حوّلته في غضون سنوات قليلة من باحث في قسم العلوم السياسية في جامعة هارفارد متخصص بالتاريخ الدبلوماسي للقرن التاسع عشر إلى شخصية خبيرة في مجال استخدام الأسلحة النووية في "حروب محدودة".  

يتطرق الكاتب أيضًا من بين أمور أخرى إلى سبب اختيار رتشارد نكسون كيسنجر مستشارًا للأمن القومي، بينما كان الأخير يشرف على فريق بحث في جامعة هارفارد كان ينظر في مفهوم الرئاسة والسياسة الخارجية، ويعتقد بأن من حق الدولة أن تقود سياسة الولايات المتحدة الخارجية، لكن من الضروري أن يكون هناك مجلس أمن قومي يساعدها على ذلك. ويرى الكاتب أن كيسنجر شارك بذلك "في صياغة استمارة التقديم لشغل أكثر المناصب تعقيدا في تاريخ الولايات المتحدة".     

 أعدت "إيلاف" هذا التقرير نقلًا عن "هيستوري إي سي". المادة الأصل على الرابط أدناه:
http://www.history.ac.uk/reviews/review/2240


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات