: آخر تحديث

أمس ذهب ولن يعود

2
2
3

لم يرث نظام ولاية الفقيه في إيران الدكتاتورية من سلفه النظام الملكي فقط، بل ورث أيضًا أكثر معارضة وطنية فعالة ضد الدكتاتورية المبادة، تلك المعارضة التي كما حار نظام الشاه بأمرها ولم يتمكن من الخلاص منها بالرغم من أنه قام بتصفية قيادتها في بدايات العقد السابع من الألفية، فإن النظام الذي أسسه الخميني لم يسلم أيضًا من دور وتأثير هذه المعارضة بالرغم من أنه قام بإعدام الآلاف من السجناء السياسيين التابعين لها وشن حملات واسعة النطاق ضدها في داخل وخارج إيران.

مجاهدو خلق، المنظمة التي شكّلت كابوسًا لدكتاتوريتين تعاقبتا على حكم إيران، ولم تتمكنا من حسم أمرها والقضاء عليها مثلما فعلتا مع معارضات أخرى، ظلت المعارضة الأبرز في مواجهة الدكتاتوريتين بالرغم من أنها تعرضت للكثير من الحملات الأمنية والسياسية والفكرية التي لم تقتصر على الداخل الإيراني بل وحتى على الصعيد الدولي أيضًا، وبقدر ما كانت لهذه الحملات من تأثير سلبي على هذه المعارضة، لكنها في الوقت نفسه أثبتت قوتها وجدارتها من حيث كونها المعارضة الوحيدة التي ترتقي إلى هذا المستوى في صراعها مع دكتاتوريتين متعاقبتين كانتا مثل جانبي المقص في مواجهتها ومعاداتها.

بالرغم من مرور أكثر من أربعة عقود على الثورة الإيرانية عام 1979، وسقوط نظام الشاه، فليس بالإمكان أبدًا التغطية على الدور الفعّال لمجاهدي خلق في التمهيد لإسقاط نظام الشاه والدور البارز الذي لعبوه بهذا الصدد، كما إنه وفي الوقت نفسه ليس من الصعب بل وحتى من المستحيل إنكار دورها الريادي في معارضة النظام الذي أسسه الخميني وكونها المعارضة التي لم تكتفِ بمواجهته داخل إيران، بل وحتى خارجها وتمكنت من توجيه ضربات موجعة لجمهورية الخميني على الصعيدين الداخلي والخارجي.

منذ أواخر عام 2023 وبدايات عام 2024، وبعد أن منيت جمهورية ملالي إيران بهزائم قاسية في بلدان المنطقة غيرتها من تنين ذي سبعة رؤوس إلى نمر من ورق، فإنه ومع بدء العد التنازلي لهذا النظام، طفق أيتام النظام الملكي المباد بقيادة نجل الشاه السابق إلى التطبيل والتزمير لأنفسهم والتأكيد على أنهم المعارضة الأحرص على إيران ما بعد إسقاط هذا النظام. لكن الذي يدفع للتعجب هو سعيهم لإظهار ما يصفونه في أدبياتهم بـ"ندم" الشعب الإيراني على إسقاطهم وسعيهم من أجل عودتهم لإنقاذ إيران والشعب الإيراني من الدكتاتورية الدينية والعودة إلى الدكتاتورية الملكية!

عجيب وغريب هذا الزمان! جلادو الأمس يسعون من أجل إقصاء أحفاد ضحاياهم ويطرحون أنفسهم وتاريخهم الاستبدادي والدموي محل تاريخ مجيد وحافل بالتضحيات لمعارضة وقفت بوجههم وتمكنت من العمل على إسقاطهم.

في كل الأحداث والتطورات والمسائل المطروحة ذات الصلة بالأوضاع في إيران، كان لمنظمة مجاهدي خلق دور وعلاقة وتأثير بها، على سبيل المثال التحذير من الجانب العسكري في البرنامج النووي للنظام عام 2002، وحتى تحذيرها من الاتفاق النووي لعام 2015 الذي اعتبرته غير كافٍ ما لم يتم فرض رقابة صارمة على النظام، إضافة إلى معلومات أخرى كشفت فيها عن مساعٍ سرية مشبوهة في السياق نفسه، وقطعًا لم يكن لأي طرف في المعارضة الإيرانية هذا الدور.

أيتام نظام الشاه وقائدهم رضا بهلوي الذي من فرط عشقه للعودة إلى السلطة لم يتوانَ عن اعتمار الكوفية اليهودية والاستنجاد بإسرائيل لمساعدته في فرض الماضي على الحاضر وإعادة الحياة في أمسٍ قد رحل ولا يمكن أن يعود.

مجاهدو خلق، منذ بدايات تأسيس هذا النظام وحتى هذه اللحظة، أثبتوا بأنهم الخصم والغريم الذي يرافق قوله فعله، ولم ينقطعوا ولو ليوم واحد عن مواصلة مواجهتهم ضد نظام ولاية الفقيه كما كان حالهم مع نظام الشاه، وهم من خلال ملاحظة أصالتهم ومعاصرتهم للأحداث والتطورات والمرونة في تعاملهم معها، أثبتوا بأنهم يمثلون الحاضر والمستقبل لإيران الغد.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.