في لحظةٍ تختلط فيها مشاعر الاعتزاز بالانتماء، واليقين بالثبات، تعود علينا ذكرى البيعة الحادية عشرة، كحدثٍ مهم في سجل الزمن، وكعلامةٍ فارقة في سفر الوفاء المتجدد بين شعبٍ وفيٍّ وقيادةٍ رشيدة. ولسنا في مقام من يُجدد عهداً لم يُنقض، أو يُؤكد ولاءً لم يضعف، وإنما نحن أمام تثبيتٍ للحقيقة، وتذكيرٍ بها لا أكثر.
قد يقول قائل: ما نفع التأكيد والتجديد في بيعةٍ قائمة؟
فنُجيب:
البيعة ليست عقداً قانونياً يُجدد، ولكنها عهدٌ قلبيٌّ يتجدد مع كل نبضة وفاء، وكل مشهد من مشاهد العطاء والبذل من قيادةٍ جسدت معاني الحكمة والحزم والرحمة.
والذي رفع السماء بلا عمدٍ، إن ولاءنا لجلالة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – ولسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان – أيّده الله – ليس بحاجةٍ إلى خطب أو بيانات كي يُعلَن، لكنه وفاءٌ ينبض في الصدور قبل أن يُكتب في السطور.
نحن لا نُسائل ولاءنا، ولا نضعه على طاولة الجدل كمن يزن خياراته، بل نحن نحتفي به كما يحتفي الظمآن بالماء الزلال. وبيعتنا، إن شئتَ الدقة، ليست بيعةً سياسيةً فقط، بل هي امتدادٌ شرعي وتاريخي وأخلاقي لجذور هذا الوطن المبارك، الذي اجتمع فيه شرف الحرمين، وحكمة القيادة، ونُبل الشعب.
عبارة: "لسنا بحاجةٍ لتأكيدٍ أو تجديد"، ليست انتقاصاً من الحدث، وإنما ترسيخٌ لمبدإٍ جوهري:
أن العهد الصادق لا يُنقض، ولا يُنتظر موسمٌ لتأكيده.
فكما أن الشمس لا تطلب منّا برهاناً على ضوئها، كذلك لا تحتاج بيعتنا لقيادتنا لمن يُذَكّرنا بها، لأنها باقيةٌ في القلوب، محفوظةٌ في العقول، مغروسةٌ في فطرة الوفاء، ما دام في القلب نبض، وما دام في العيون بريق الانتماء.
"سمعًا وطاعة" يا إمامنا الغالي
إنها كلمات راسخة في عقولنا، وموقفٌ تتحد فيه القلوب والألسنة، تُقال لا رياءً، بل إيمانًا،
وتُكتب لا تملقًا، بل وفاءً.
نقولها في ذكرى البيعة الحادية عشرة: "سمعًا وطاعة" يا إمامنا الغالي...
نقولها لا بلسانٍ واحد، وبألسنة الملايين،
من الجنوب إلى الشمال، ومن الشرق إلى الغرب،
نقولها والعين على المستقبل، واليد في يد القيادة، والقلب مطمئنٌّ بوعد الله:
{إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}
اللهم أدم علينا نعم الأمن، والإيمان، والوحدة، والقيادة الحكيمة،
واحفظ لنا سلمان، وبارك لنا في محمد