: آخر تحديث

خارطة طريق للقاء ترامب مع قادة دول عربية وإسلامية

2
1
1

قدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس خطابًا سياسيًا أمام المؤتمر الدولي من أجل التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين، يؤسس لأرضية دبلوماسية متكاملة تنطلق منها أطراف وازنة في المجتمع الدولي عبر التزام فلسطيني واضح بخطوات إصلاحية ملموسة داخل هياكل السلطة الفلسطينية لتكون مسارًا نحو دولة متجسدة على الأرض بقوة القانون، مما يسحب الذرائع من أصحاب الميليشيات والأيديولوجيات اليمينية المتطرفة من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، في سبيل أن ينعم الشعب الفلسطيني بحقه في تقرير مصيره؛ سواء بالوجود على أرضه أو بتحقيق السلام من خلال إقامة دولته المستقلة بجانب دولة إسرائيل.

الالتزامات التي عبر عنها الرئيس عباس تمثل خارطة طريق عربية شاملة، تسبق اللقاء المرتقب اليوم بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقادة دول عربية وإسلامية (السعودية، الأردن، مصر، الإمارات، تركيا، قطر، إندونيسيا، وباكستان)، وهو ما سيمنح قادة هذه الدول ورقة ضغط ستفرغ العقبات الأميركية من مضمونها من خلال إيجاد أبعاد سياسية واستراتيجية مشتركة تصب في نهاية الزخم الدبلوماسي الحالي بالدفع لتحقيق إرادة الشعب الفلسطيني، ودعم حقوقه المشروعة وفق قرارات الشرعية الدولية وصولًا لسلام حقيقي بين شعوب المنطقة.

هناك حقيقة يجب التمسك بها فلسطينيًا قبل أي شيء آخر، إدارة الرئيس الأميركي ترامب لن تستطيع إدارة ظهرها لدول عربية وازنة في الساحة الدولية حليف لها في منطقة الشرق الأوسط أو في القارة الأوروبية، فقط من أجل إرضاء حكومة يمينية إسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو، لم يتبق من عمرها في سدة حكم تل أبيب سوى أقل من عام، ولن تستطيع إدارة ترامب الذهاب نحو تنفيذ مشاريع سياسية دون شراكة حقيقية مع دول المنطقة ضمن رؤية سياسية واقعية تحقق السلم والأمن والاستقرار التي تسعى إليه الولايات المتحدة من منظور الحفاظ على مصالحها في الشرق الأوسط.

ما سبق ينطبق أيضًا بشكل أو بآخر على بنيامين نتنياهو، الذي يدرك في هذه اللحظات أن المقامرة بعلاقات دولة إسرائيل مع دول العالم سيكون الثمن لإرضاء أقطاب حكومته اليمينية المتطرفة، فالعالم ليس الولايات المتحدة فقط، وهو ما يضعه وائتلافه الحكومي أمام واقع موجة الاعترافات المتلاحقة بالدولة الفلسطينية وما تمثله من تصحيح لمسار التاريخ والصراع، وفشل لمشاريع التصفية ومحاولات إزاحة القضية الفلسطينية، وفق نهج ومنطق كرس قوة العلاقات الدولية ودبلوماسيتها، استوعبت كلمات كافة قادة الدول المشاركة في المؤتمر الدولي على منبر الأمم المتحدة، ولم تستطع واشنطن بمنعه أو عرقلته.

مجدّدًا، وضوح معطيات الالتزامات السياسية الفلسطينية يخلق هامشًا لتعديل رؤى وصفقات أميركية طرحت سابقًا، خاصة وأن التعويل على تقدم سياسي مكتسب من قبل إدارة الرئيس ترامب في فترة ولايته الرئاسية الثانية، بعد أن أنتج الصراع في الشرق الأوسط معادلات سياسية أنهت مشاريع ومحاور إقليمية، فالحديث الآن يدور حول "مبادئ" ينطلق منها ترامب بالتوافق مع أطراف عربية وإسلامية لإنهاء الحرب على غزة، والمتركزة في جوانبها على إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين، وإنهاء الحرب، وانسحاب الجيش الإسرائيليّ من القطاع، وخطة شاملة بشأن "اليوم التالي" تمنح السلطة الوطنية الفلسطينية دورًا في القطاع.

توظيف لقاء الرئيس ترامب مع قادة ثمانية دول عربية وإسلامية سيوفر فرصة ذهبية كانت مفقودة منذ أكثر ما يقارب عقدين لكسر جمود عانت منه القضية الفلسطينية بسبب انغلاق أفق أيديولوجيات يمينية (ميليشيات وأنظمة حكم) عاثت بمصائر الشعوب بمزيد من الحرب والدمار من أجل تحقيق أوهام وجودية أو توسعية لن تشكل شرق أوسط جديد.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.