كنت في مسرح الجريمة عندما قصف النظام البعثي مدينة حلبجة بالأسلحة الكيمياوية، واستشهد جراء هذه الجريمة البعثية البشعة الآلاف من النساء والشيوخ والأطفال، مخلفة آثاراً صحية واجتماعية كارثية لا تزال مستمرة حتى اليوم.
بدأت الجريمة في تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً، وتحولت حلبجة خلال ساعات إلى مدينة الأشباح، ومتحف لجثث الأبرياء بعد أن رقدت بصمت وجفونها مسدولة ومحروقة بالسموم البعثية.
حلبجة لا تزال تعاني من آثار السموم
إنَّ الطائرات التي شاركت في ضرب حلبجة المغدورة انطلقت من قاعدة البكر وقاعدة صدام وقاعدة كركوك، حسب شهادة العميد جودت مصطفى النقيب، الذي كان آنذاك يشغل منصب مدير إدارة السلامة الجوية في القوة الجوية العراقية، وكان أحد ضباط غرفة العمليات في يوم الجريمة 16 آذار (مارس) عام الأنفال.
وبالرغم من مرور كل هذه السنوات، إلا أن حلبجة لا تزال تعاني من تبعات السموم، ولا يزال أهالي هذه المدينة المنكوبة وضواحيها وجميع القرى التي أمطر النظام البعثي عليها السموم يشعرون بمضاعفات السموم القاتلة وأعراض مرضية مزمنة خطيرة.
أخيراً...
إنَّ الأرقام والخسائر والأضرار من الناحية البيئية والبشرية وانعكاساتها المدمرة والشاخصة على المدينة ليست فقط شبيهة بل أكثر شراسة وضرراً من إبادات مماثلة في العصر الحديث. ومن هذا المنطلق، أناشد الرأي العام العربي والعالمي والمحلي والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان أينما وجدوا، أناشدهم أن يعملوا على توسيع دائرة التضامن مع حلبجة المحروقة بالسموم البعثية، والعمل الجاد من أجل التحريم الشامل للأسلحة الكيمياوية، واعتبار يوم 16 آذار (مارس) يوماً عالمياً لمنع استخدام الأسلحة الكيمياوية والقنابل العنقودية والنابالم.
كما علينا جميعاً أن نعمل لفضح الشركات الأجنبية التي زودت النظام البعثي بالأجهزة والمعدات اللازمة لإنتاج السموم القاتلة، ونطالبها بتقديم التعويضات عن تلك الأضرار الجسيمة التي لحقت بكوردستان أرضاً وشعباً في عام الأنفال، باعتبارها شريكة النظام البعثي في جرائمه ضد الإنسانية وجرائم الحرب والإبادة الجماعية.