: آخر تحديث

المفاوضات النووية بين إيران وأميركا: مأزق أم انفراج؟

1
1
1

في الأشهر الأخيرة، تصاعدت التوترات والنقاشات حول المفاوضات النووية بين إيران وأميركا. يأتي ذلك في وقت اتخذ فيه كبار المسؤولين في النظام الإيراني مواقف متناقضة حول هذا الموضوع. ففي 12 آذار (مارس) 2025، أعلن المرشد الأعلى للنظام الإيراني، علي خامنئي، موقفه الرافض لعرض التفاوض الذي قدمه الرئيس الأميركي، قائلاً: "إذا كان الهدف من التفاوض هو رفع العقوبات، فإن التفاوض مع هذه الإدارة الأميركية لن يؤدي إلى ذلك، بل سيزيد من تعقيد العقوبات وسيزيد الضغط علينا".

جاء هذا التصريح في وقت حذَّر فيه الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني من خطورة الأوضاع داخل البلاد، قائلاً: "الوضع في غاية الخطورة، وكلما تقدمنا، أصبح أكثر سوءًا وصعوبة".

وأشار روحاني إلى الأزمة الاقتصادية الحادة وتصاعد الاستياء الشعبي، مؤكداً أن الجدل الدائر حول التفاوض لا يجب أن يتحول إلى خلاف داخلي، حيث قال خلال اجتماع مع بعض أعضاء حكومته السابقة: "نحن نتجادل حول ما إذا كان يجب أن نتفاوض أم لا! ما هذا الجدل؟ ثم يتم ربط الأمر بأن المرشد الأعلى يعارض التفاوض، في حين أنه لا يعارضه بشكل مطلق، بل قد يرفضه اليوم وفق الظروف الحالية، لكنه قد يوافق عليه بعد بضعة أشهر وفق ظروف جديدة!".

إقرأ أيضاً: النظام الإيراني يقترب من مواجهة دولية في ملفه النووي الساخن

هذه التصريحات التي تعكس القلق المتزايد بين المسؤولين الإيرانيين، قوبلت بردود فعل قوية من الأوساط المقربة من خامنئي. فقد صرَّح أحمد علم الهدى، ممثل المرشد وإمام الجمعة في مشهد: "هناك عناصر اخترقت نظامنا، تسعى لدفعنا نحو التفاوض مع أميركا. نحن نخشى أن تكون هناك مؤامرة وراء هذا الأمر".

هذه التناقضات والصراعات الداخلية تعكس الأزمة العميقة التي يواجهها النظام الإيراني، حيث تسببت العقوبات الدولية في شلل الاقتصاد الإيراني، في ظل تزايد السخط الشعبي. ومن جهة أخرى، جاءت الضربات الأميركية الأخيرة على مواقع الحوثيين في اليمن كرسالة واضحة إلى طهران بأن واشنطن جادة في مواجهتها للتهديدات الناجمة عن أذرع إيران في المنطقة.

في ظل هذه التطورات، يرى العديد من المراقبين أن استمرار الجمود في المفاوضات النووية قد يؤدي إلى مزيد من الضغوط على النظام الإيراني. وفي هذا السياق، قالت مريم رجوي، رئيسة منتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، إن النظام الإيراني لا يمكن أن يغير سلوكه عبر المفاوضات، مؤكدة أن أي تراجع منه يعني تسريع سقوطه، لكن توقع مثل هذا الأمر ليس سوى وهم. وأضافت أن خامنئي صرّح في 4 شباط (فبراير) بأن "المفاوضات ليست عقلانية، ولا ذكية، ولا شريفة".

إقرأ أيضاً: حکام طهران والخوف من التأثير المتزايد للمقاومة الإيرانية

وأشارت رجوي إلى أنَّ النظام الإيراني استخدم المفاوضات، على مدى العقود الأربعة الماضية، كأداة للخداع من أجل مواصلة برامجه النووية وسياساته التدميرية في المنطقة. وأكدت أن "المطلب الأساسي للشعب الإيراني، والحل الوحيد لأزمة إيران، هو إسقاط النظام وتغييره". لكنها شددت على أن سقوط النظام لن يحدث تلقائيًا، موضحة أن "العقوبات الدولية كان لها تأثير كبير في إضعاف النظام، لكنها وحدها لا تكفي للإطاحة به، فهناك حاجة إلى مقاومة منظمة وقوة فاعلة على الأرض لتحقيق هذا الهدف".

في ظل هذه الظروف، يبدو أن المفاوضات النووية بين إيران وأميركا أصبحت أكثر غموضًا من أي وقت مضى. فالنظام الإيراني لا يريد الانخراط في أي حوار قد يؤدي إلى تقويض هيمنة المرشد علي خامنئي على منظومة الحكم، لكنه في الوقت ذاته، يدرك أن استمرار الجمود قد يفتح الباب أمام تطورات داخلية وخارجية غير متوقعة. وبالتالي، فإن أي قرار بشأن المفاوضات سيكون له تداعيات عميقة بل مصيرية على مستقبل النظام الإيراني في الداخل الإيراني ودوره في المنطقة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.