الالتزام بما تقرره اكثرية المصوتين (انتخابات.. برلمان.. استفتاءات...) قاعدة ديمقراطية ملزمة. ولكن هذه القاعدة ذات اشكاليات يُستحسن التوقف لدى بعضها، من ذلك مثلاً ان هذه القاعدة تتكيف مع الانظمة الانتخابية المختلفة. فمثلا ان هيلاري كلنتون حصلت على حوالي مليوني صوت اكثر من ترامب، ولكنه هو الذي نجح بسبب طبيعة النظام الانتخابي الامريكي، الذي يميز بين الولايات، فيمنح بعضها نقاطا اكثر من سواها. وفي الانتخابات الفرنسية الماضية حصل حزب اليمين المتطرف على اصوات اكثر من اقصى اليسار، ولكن عدد مقاعد اليسار تجاوز عدد مقاعد حزب اليمين المتطرف.. اما الانتخابات النيابية العراقية الاخيرة التي فشل فيها المالكي، فقد استحدثوا له سابقة عجيبة، غير ديمقراطية وهي اعتبار الاكثرية، اكثرية برلمانية، لا اكثرية المصوتين في الانتخابات.. الاشكالية الاخرى، هي ان الاكثرية قد تكون على خطأ في موقفها.. واذا ذهبنا بعيداً فان هتلر جاء بأكثرية تشبه الاجماع، فكانت بداية مسلسل الكوارث. وكذلك الانتخابات العراقية الاولى، التي استخدموا فيها اسم السيستاني وجعلوا دعم انتخاب الاحزاب الشيعية فرضاً دينيا . فبرهنت الاحزاب الفائزة فيما بعد على سوء ادائها في السلطة وهكذا ايضا مع الاكثرية التي جاءت بالإخوان في مصر. ومثل ذلك الاستفتاء البريطاني على الانفصال عن الاتحاد الاوربي، حيث جاء خيار الاكثرية مضراً بكل من بريطانيا والاتحاد الاوربي. وهكذا اليوم عن تصويت عدة ملايين من الفرنسيين على اختيار أحد المرشحين من الحزب الجمهوري (اليمين الوسط) حيث اختارت كمرشح لأكثريتهم فرانسوا فيون،اليميني الشعوبي، البعيد عن تراث شيراك وسياساته، والأقرب الى اليمين المتطرف، برغم انه، في الوقت نفسه يدعو لبعض الاجراءات الجيدة في مجال الامن والهجرة مثلاً.
وبالعودة للعراق والأكثرية البرلمانية التي قررت منع الخمور، ثم، هاهي نفسها تحرق الدستور، فتقرر منح مليشيات الحشد الشعبي صفة قانونية مع الحصانة، وكأنهم يقتدون بإيران الفقيه في كل شيء، من زواج المتعة، والى احلال المليشيات تدريجيا محل الجيش والشرطة الاتحادية كما الوضع الايراني مع حراس الثورة والباسيج، وحيث دور الجيش ثانوي. واما حكومة العبادي فقد صارت خيمة لسلطة حزب الدعوة وزعيمها ولقاسم سليماني.