هيفاء صفوق
- ما تشهده المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة من الحراك الثقافي وفتح المجالات الثقافية المتنوعة من الحوارات الثقافية والأدبية والفنية ساهم في تبادل المعرفة والخبرة الثقافية والفكرية والأدبية والفنية، وساهم في إظهار المواهب الإبداعية على صعيد الكتابة والرواية والفنون التشكيلية والفنون البصرية، وإظهار جمال الفنون التراثية بألوانها وأزيائها وموسيقاها العريقة وتبادلها مع الثقافات المختلفة وإظهار هوية كل ثقافة بجمال بلدها ومنشآها التي تميزت فيه.
- هذا الحراك الثقافي لم يقتصر على المبدعين والمثقفين والموهوبين فهم يبحرون فيه ويجيدون ذلك وقد هيئة لهم تلك المساحات الواسعة والمكان الذي يظهرون كل تلك الكنوز التي يمتلكونها، بل امتد هذا الحراك الثقافي بشكل لافت بين أفراد المجتمع وانعكس بصورة واضحة بين مفرداته وكلماته وتعاملاته وازدهرت الذائقة الحسية والثقافية والأدبية مما انعكس على الناحية الفكرية والخروج من صندوق المغلق وقوقعة الحدود الوهمية وأصبحت هناك رؤية واسعة شاملة للحياة وللعالم أتاحت الفرصة لتذوق روائع الأدب الفكري والثقافي والحضاري والجمالي.
- الفكر والثقافة هي بوابة عبور من المحدودية إلى الأوسع في الرؤية والوعي والإدراك والشمولية والتنوع مما ساهم في اتساع رؤية العالم والحياة بشكل مختلف وتقبل الثقافات الأخرى وملامسة جمالها وتفردها، مما سمح أيضاً لبناء فكري وثقافي داخلي للفرد غني بالإبداع وبروز أجمل ما لديه.
- نجد في اختلاف الفكر والثقافات كل بيئة لها هويتها الخاصة بها وتبادل هذا الحراك يلغي الحدود والحواجز الوهمية ويعلم كيفية التعامل الإنساني والجمالي بين الأفراد الذي نجح في تعريف معنى التناغم والتكامل والترابط بين الأفراد مع بعضهم، وزاد مساحة التعرّف أكثر بلغة الجمال والذوق التي ستكون بارزة في أي حراك ثقافي سنجده في الموسيقى، والكتابة، وتنوّع الفكر وأطروحاته وفلسفاته، والفنون التشكيلية في تنوع مدارسها ولغة ألوانها وهويتها، وتبادل الحكايات والقصص الأدبية والتراثية، كل ذلك حتماً ينعكس على الذوق العام بكلماته وأسلوبه وطريقة عيشه واحترام المختلف عنه، وتوسع الرؤية الجمالية في الحياة.
- كما أن الحراك الثقافي ينمي الحس الإنساني والحس الجمالي والذوق فيجعل الإنسان أديباً في الحوار والكلام ويجيد التطلع لجماليات الحياة ويكتسب التنوع في الطرح وتقبل الاختلاف، وينمي المهارات الفكرية وتوسيع الرؤية في كل شيء فيرتقي الأفراد في النضج المعرفي والاجتماعي، ويساهم هذا الحراك في نمو الذائقة الفنية واستشعار جمال الثقافات الأخرى فيحول هذا الاختلاف إلى توسع في النمو الإدراكي والبصري فيصبح غني بالمعلومات عن الفنون والأدب والتراث ومتفتح ومتقبل. - نجد انعكاس الثقافة بشكل إيجابي بكل مجالاتها الأدبية والفنية على تعامل الأفراد مع بعضهم وطريقة العيش المشترك رغم الاختلاف لأن الاختلاف لن يكون حاجزاً بعد اليوم، مما يزيد من الوعي الإنساني والجمالي والذوق والرقي الحضاري ومن هنا ترتقي المجتمعات بالتكامل وتكمل بعضها لأنها السمة البشرية والإنسانية للإنسان.
- نجد الأسرة في مجتمعنا استفادت الشيء الكثير في المشاركة الأسرية والمجتمعية في الاندماج مع هذا الحراك الثقافي والاستفادة من الفعاليات المتنوعة وحضورها معاً، فجمعت أفراد الأسرة معاً في الحوار والمناقشة والمشاركة وقرَّبت وجهات النظر أو حتى قبوله والخوض والحضور المشترك في هذه الفعاليات بكل مجالاتها كالمسرحيات والسينما والندوات الثقافية والحفلات الموسيقية والمعرض الدولي للكتاب سواء كان في الرياض أو جدة أو في مناطق أخرى كل ذلك يعزِّز الصلة المجتمعية والوعي الاجتماعي والإنساني والثقافي وحينما توجد المعرفة والثقافة والفن والأدب تزدهر اللغة الإنسانية الطيبة بين الأفراد.