: آخر تحديث

مصر بين دافعين... وطني وقومي

2
2
2

عبدالله خلف

غزت القوات الفرنسية مصر في شهر مايو عام 1798، بقيادة نابليون بونابارت، على رأس جيش قوامه 38 ألف جندي، و2000 حصان، من الخيول المدربة على القتال، يمتطيها فرسان مزوّدون بأسلحة حديثة متفوقة على سلاح العثمانيين والمماليك.

المماليك كانوا يحكمون مصر تحت راية الدولة العثمانية. عاد نابليون إلى فرنسا وترك قواته في مصر سنة 1799م.

قاوم المصريون الغزاة الفرنسيين بمساعدة الإنكليز. كافح المصريون بدافع القومية والوطنية. تحرّك الانكليز طمعاً في استعمار مصر وقطع الطريق على الفرنسيين والألمان نحو طريق أفريقيا والهند.

دمّر الانكليز، القوات البحرية الفرنسية في خليج أبوقير، وشلوا أسطولهم المنيع. وهزمت القوات الانكليزية الفرنسيين في عكا ومنعت نابليون من الدخول إلى فلسطين... فخطب نابليون على أسوار عكا الخطبة «العبقرية» التي طالب فيها بأحقية احتلال اليهود لفلسطين.

منعت بريطانيا الفرنسيين، لكنها قامت بالدور نفسه في ما بعد، ففتحت المجال لليهود لاحتلال فلسطين.

انسحب الفرنسيون من مصر سنة 1801م... وزاد اهتمام بريطانيا بمصر بصورة تدريجية خلال القرن التاسع عشر. ونتيجة لوطنية الخديوي إسماعيل، ومقاومة النفوذ الأوروبي، عزله الإنكليز وقاموا بتنصيب ابنه توفيق.

حاولت مجموعة من الضباط بقيادة أحمد عرابي، إجراء بعض الإصلاحات الوطنية خلال عامي 1881م - 1882م، والحصول على مزيد من الاستقلال في وجه النفوذ الأجنبي ما دفع بريطانيا إلى غزو مصر.

قاوم المصريون في معركة التل الكبير، إلا أن الإنكليز بأسلحتهم المتطورة احتلوا مصر وقاموا بنفي أحمد عرابي، ورفاقه من الضباط وقوى التيار الوطني والقومية المصرية في أقطار مصر.

كان مثل بريطانيا في مساعدة الوطنيين لإخراج الفرنسيين من أرض مصر، كمثل قول الشاعر المتنبي:

ومَن يجعل الضرغام بازاً لصيده

تَصيّده الضرغامُ فيما تصيّدا

في عام 1918 تكونت لجنة وطنية برئاسة الزعيم سعد زغلول، وكان من خريجي الجامع الأزهر وأقرب الناس إلى الشيخ محمد عبده. كان من عبقرية زغلول، أن كوّن هذه اللجنة الوطنية وجعل معظم أعضائها من المسيحيين (الأقباط) وذلك لسد الباب أمام الإنكليز الذين خطّطوا لإفشاء روح الطائفية وفصل المسيحيين عن المسلمين لإقامة دولتين في مصر.

وأراد سعد زغلول، أن يوصل المطالب القومية المصرية إلى المحافل الدولية فعزم على السفر إلى باريس ليطالب الحلفاء باستقلال مصر، فاعتقله الإنكليز ونفوه إلى جزيرة مالطة. ثار الشعب المصري من مسلمين ومسيحيين في مظاهرات غاضبة، وفي الصحافة والتجمعات الأهلية. وأمام الإصرار الشعبي المتمثل في «الوفد» أفرج الإنكليز عن زعيم الحزب، فذهب سعد زغلول إلى باريس ولكنه مُنِع من دخول قاعة مؤتمر السلام فعاد إلى مصر، وألهبَ الإحساس القومي المصري ضد الوجود الإنكليزي... وانتزع المصريون استقلالهم بإرادتهم.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد