: آخر تحديث

عقدة الأسماء الكبيرة

3
3
3

هناك من يظنّ أن الأسماء الكبيرة جبال لا تُلمس،
وأن الاقتراب منها يحتاج تصريحاً،
وأن الحوار معها مغامرة،
والاختلاف معها جريمة،

وهكذا تولد “عقدة الأسماء الكبيرة”.
فحين يتحوّل الاسم إلى ظلّ أطول من صاحبه،
وحين يُعامَل البشر مكانة لا عقلاً،
وتاريخاً لا منطقاً،
وصدى لا صوتاً.

فالمشكلة ليست في الكبار،
بل في “العقدة” التي تُصنّعها أعين ترى الهالة ولا ترى الإنسان،
فتُضخّم الاسم وتُقلّص الفكرة،
تمدح اللقب وتنسى القيمة.

فالقيمة تصنع الاسم، وليس العكس.

وهذه العقدة لا تقتصر على مجال واحد،
حيث تجدها في الأدب حيث يُصفّقون للاسم لا للنص،
وفي الإعلام حيث يُروَّج للواجهة لا للمضمون،
وفي الفن حيث يُقدَّس السطوع ولو كان بلا موهبة،
وفي الرياضة حين تُحمى النجومية لا الأداء،
وفي العمل حين تُرفَع الكراسي ولا تُرفَع الكفاءات،
وفي المجتمع حين يصبح اللقب أهم من الأخلاق.

فالاسم الكبير الحقيقي لا ينتظر من يحميه أو يبرّر له،
ولا يهاب النقد،
ولا يهرب من اختلاف راقٍ.

فالكبار يزدادون لمعاناً حين تُناقَش أفكارهم.

ولأن العقدة تُعمينا،
نصفّق قبل أن نسمع،
ونؤمن قبل أن نفهم،
ونمشي خلف الاسم لا خلف الفكرة،
فنصير جماعة تُقدّس الواجهة،
وتنسى أن المضمون هو الحقيقة.

ولأننا نرتجف أمام اللمعان،
وننسى أن الضوء قد يكون خدعة،
وأن بعض البريق ليس إلا ورقاً لامعاً على معدن زائف.

والمفارقة؟
أن أعظم الأسماء بدأت صغيرة،
تتعثر وتقوم،
تُخطئ وتتعلّم،
حتى صار وزنها من عملها،
لا من مديح الناس.

ولكسر هذه العقدة،
فلنتعلّم أن نسأل،
أن نناقش،
أن نُخطئ أمامهم بلا خوف،
وأن نراهم كما هم،
بشراً، مهما كبر اسمهم.

فلا أحد أكبر من الحقيقة،
ولا اسم أعلى من الفكرة،
ولا قيمة تدوم،
إلا قيمة العمل حين يُمتحَن بالنور.

 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.