سياسيون صيادون عراقيون مصطفّون على أبواب الكونغرس الأميركي والسي آي إي، هذه الأيام، طلباً للفوز بمقابلة أي نائب أو أي سيناتور، أو حتى مدير مكتب نائب أو سيناتور، أو ليعرضوا عليه ولاءهم المطلق لأميركا، متعهّدين بأنهم، مقابل تعيينهم حكّاماً في العراق، سوف يكونون عند حسن ظنّ الرئيس ترامب، بأمانة وإخلاص، وليس كالناكرين للجميل الأميركي، حكّام المنطقة الخضراء الحاليين. أسوة بما فعله أسلافهم الجمهوريون (البوشيّون) حين التقطوا أحمد الجلبي وشلّته من المعارضين العراقيين السابقين، أيّام الوطني الموحّد الذي موّله وأداره السفير ريتشاردوني، ثم خلفه زلماي خليل زاده.
لكن هذه المقالة المختصرة تبشّر هؤلاء المتعلّقين بأذيال الجمهوريين بأنهم يحلمون أحلاماً لا تتحقّق. فالإشارات والتوقّعات والتسريبات تشي بأن أميركا ليست في عجلة من أمرها في العراق، وبأن النواب والشيوخ مأمورون باللعب بقشور المسألة العراقية، وبعدم الدخول الفعلي إلى لبّ الفاكهة العراقية التي لم يحن قطافها، حتى موعد يُعلن عنه في حينه.
والوهم الذي وقع فيه هؤلاء الصيادون العراقيون هو أنهم لو فازوا بخمس دقائق أو ربع ساعة لقاءً مع سيناتور أو نائب أميركي، فذلك لا يعني شيئاً ذا قيمة. فمن يعيش في أميركا يعرف أن من طبيعة عمل كل سيناتور أو نائب تفرض عليه أن يستقبل ضيوفاً، خصوصاً إذا كانوا قادمين من خارج أميركا، من باب العلاقات العامة، ليستمع إلى كل من يمكن أن يزيده معرفة بشأن جديد.
ولكنه إذا تواضع واستقبل ضيفاً أو ضيوفاً، لا يعني أنه قد اختار هذا الضيف ليكون عميله أو صديقه.
فمن الأمور العادية أن يحرص السيناتور أو النائب على حضور أي احتفال بعيدٍ أو بعرس، تدعوه لحضوره جالية من الجاليات الإثنية المقيمة في ولايته، للمجاملة، ولكسب المزيد من الدعاية والتأييد.
أما البيانات والتصريحات والتهديدات التي لا يتوقّف بعض النواب والشيوخ الأميركيين عن تطييرها في الهواء، عن دول خارجية لبلادهم مشاكل أو أزمات معها، فليست بالضرورة هي مواقف أميركية ناجزة.
وما يتعلّق بالعراق، هذه الأيام، فتصريحات هذا النائب أو ذاك السيناتور عن المسألة العراقية لا تعني أن الإدارة قد بلغت، فعلاً، مرحلة الفعل الميداني لقلب نظام الحكم العراقي الحالي بالقوة، وتنصيب وكلاء جدد.
وبالعودة إلى أيام الغزو في 2003، نتذكّر إصرار بوش ورامسفيلد وبريمر ومعاونيهم ومستشاريهم على تسليم العراق للمجموعات السياسية العراقية الحاكمة منذ 2003 وحتى اليوم، بالرغم من علمهم، علم اليقين، بأنها مرتبطة بإيران، بل إن بعضها إيراني بالولادة، وبعضها الآخر بالرضاعة.
يعني أن الجمهوريين (البوشيّين) لم يُخدعوا بأولئك العراقيين الذين سلّموهم الجمل بما حمل، ولم يكونوا جاهلين بارتباطاتهم وتوجّهاتهم وأهدافهم، السرّية والعلنية، حين فرضوهم حكّاماً على العراق.
ويخشى عراقيون متضرّرون من سلوك الحكّام الطائفيين الحاليين من أن يفعلها الجمهوريون الجدد، اليوم، فيرتكبوا الخطيئة نفسها، ويستبدلوا طائفيين بطائفيين، وفاشلين بفاشلين، ومتخلّفين بمتخلّفين، على غير إرادة الشعب العراقي الذي لن يقبل، هذه المرّة، بإعادة حليمة إلى عادتها القديمة بأي حال من الأحوال.
وأغلب الظن أن الرئيس ترامب، الذي كثيراً ما عاب على أسلافه الجمهوريين (البوشيّين) خطيئتهم الكبرى في العراق 2003، واتّهمهم بالغفلة والفشل وسوء التقدير، لن يرتكب الشيء نفسه ليندم، بعد عشرين سنة أخرى، كما ندم أسلافه الذين أخطأوا الاختيار.


