: آخر تحديث

ما هو سر اللحظة؟

3
3
3

هيفاء صفوق

- لقد تحدث الكثير عن قوة اللحظة الراهنة بما تحتويه من معاني كثيرة ومختلفة ويطلق عليها أيضاً قوة الآن بما تتمتع به من قوة.

- في اللحظة الحالية يكمن فيها سر الأسرار من المشاعر والأحاسيس والأفكار، فيتجلى كل ما نؤمن به في اللحظة إن كان خيراً فخير وإن كان شراً فشر.

- كل ما نؤمن به سيظهر أمامنا وهي حصيلة كبيرة من البرمجيات والاعتقادات الخفية في داخلنا كيف تظهر ومتى تظهر فهي تظهر في اللحظة الراهنة الآن، وهذا يجعلنا نتأمل ما هو تفكيرنا الآن؟ ما هي مشاعرنا الآن؟ هل تفكيرنا في الماضي؟ هل تفكيرنا في المستقبل؟ هل نحن متواجدون الآن في هذه اللحظة أي في الحاضر؟ وهل صحيح أغلب الناس يعيش وهو مغيب بين الماضي والمستقبل؟

يجعلنا نطرح المزيد من الأسئلة هل طبيعة الحياة اليوم سلبت من الإنسان راحته وعيش اللحظة الحالية؟ هل طبيعة الحياة جعلته في حالة سباق وركض لا ينتهي؟

- ليس خطأ أن يخطط الإنسان لحياته ولمستقبله ويتعلم من أخطاء الماضي، فهذا هو المطلوب بأن يعيش حياة متوازنة بين تجربة الماضي والتخطيط للمستقبل دون إغفال نصيبه اليوم من هذه اللحظة الثمينة التي تجعله يدرك عمق وجوده في الحياة، لماذا؟ لأن في اللحظة الحالية يوجد فيها عبق الحياة ونستطيع فيها تغيير ما نريد واختيار ما نريد سواء كانت بأفكارنا أو مشاعرنا نستطيع الاختيار والتوجيه، وهذا يعني أن الله -عز وجل- أودع فيها كنوزاً عظيمة، وهي استشعار النعم التي فينا من سمع وبصر وتفكير وشعور واستنشاق الهواء والحركة والعمل نِعم كثيرة جداً لا تنتهي.

- اللحظة الراهنة تستطيع اختيارها بوعي وذكاء في الاستمتاع بها والقدرة على التعامل مع الظرف والموقف والفكرة والشعور الآن، ربما الظرف أو الموقف لا تستطيع تغييره فأنت لست مسيطراً عليه الآن، ولكنك تمتلك شيئاً عظيماً هو قدرتك الآن في كيفية التعامل معه، وقدرتك الآن في كيفية إدارة مشاعرك أو غضبك أو حزنك تجاه هذا الظرف أو الموقف.

- ما يغيب عن الأذهان كثرة الجلوس على أطلال الماضي فهو مرهق لذات وخاصة إذا كان الماضي مؤلماً أو إهدار الوقت أيضاً في المبالغة في التفكير في الغد أو المستقبل؛ ما يمنعنا من الاستمتاع بهذه اللحظة الحالية، لذا انتشر في عصرنا الحديث أمراض القلق والتوتر وهي اليوم في ازدياد.

هل هذا يعني ألا نخطط أو لا نفكر؟ أكيد بالطبع لا ولكن كم نعطي الوقت للتفكير سواء كان للماضي في تأمله أو ذكرياته، وكم نعطي الوقت للتفكير والتخطيط للمستقبل؟

- التوازن هو الحل لكل ذلك وفي الحقيقة الماضي لا هروب منه، ولكن لا يعلِّق الإنسان نفسه بخيوطه ليلاً ونهاراً فيمنع عنه سر اللحظة الحالية ولا أن يغلب على وقته الخوف من المستقبل فتضيع عنه اللحظة الراهنة.

- لنقترب أكثر ماذا تعني اللحظة الحالية، تعني أننا مدركون كل ما فيها ندرك أفكارنا الآن ونشعر بمشاعرنا الآن، ندرك ماذا يوجد فيها من خير كثير فنستمتع بها وإن كانت أيضاً هذه اللحظة الراهنة غير جيدة فإننا ندرك كل المشاعر غير الموزونة الآن فلا نهرب منها، بل ندرك من أين جاءت وكيف نتعامل معها الآن ثم نتحرر من كل المشاعر المؤذية.

- اللحظة الراهنة سر الأسرار، حتى الماضي نستطيع التعامل معه من خلال هذه اللحظة، فعندما نتذكر موقفاً مؤلماً من الماضي (الذكريات) لا نستطيع حجبها أو حذفها من عقل الإنسان، لكننا نستطيع حذف كل المشاعر تجاه هذا الماضي عن طريق هذه اللحظة الراهنة التي تسمح لنا بالتعبير عن كل المشاعر القديمة، وتسمح لنا تقبُّل هذه المشاعر، ثم لنا القدرة على التخلص والتحرر منها الآن، وهذا له العديد من التقنيات والاستراتيجيات التي تساعد في التخلص من مشاعر الماضي.

إذاً متى يتم التخلص؟ نستطيع التخلص من خلال هنا والآن وطبعاً بقرار واختيار الإنسان.

- هذا يجعلنا ندرك أهمية القدرة التي زودنا بها الله -عز وجل- بالعقل ومهارة إدارة التفكير والشعور.

لقد زودنا الله بحرية الاختيار نعم الاختيار، نحن لدينا القدرة على الاختيار كيف نختار الحياة التي نريد أن نعيشها، سواء كان بالإيجاب والتسليم لله والعمل والتفاؤل وتوسيع دائرة الفرح، أو باختيار دور الضحية والبكاء على الماضي وعدم الخروج منه؛ فيقع الإنسان في بئر اليأس والاكتئاب وفي كلتا الحالتين الإيجابية والسلبية فإننا نعيشها الآن، وهذا هو السر في كيفية التعامل مع هذه اللحظة الحالية بوعي ومهارة.

- الأكيد لكي نعيش اللحظة الحالية بسلام رغم كل ما فيها نحتاج العمل على عالمنا الداخلي، ما هي حقيقة اعتقادات عن أنفسنا وعن الحياة؟ كيف هي نظرتنا للحياة تشاؤمية أو تفاؤلية؛ لأن كل ذلك سينعكس على حاضرنا الآن.

- من يمتك قناعات جيدة متوازنة إيجابية في الحياة حتماً يستطيع التفاعل والتناغم مع هذه اللحظة الراهنة بسلام، والعكس من كانت قناعاته متشائمة أو سوداوية حتماً سيعيش لحظته الراهنة بسوداوية.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد