: آخر تحديث

جمال عبدالناصر: بين الإنجازات والإخفاقات!

1
1
1

حسين الراوي

يُعد الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر (1954 - 1970) واحداً من أبرز الزعماء العرب في القرن العشرين، حيث ارتبط اسمه بمشاريع قومية كبرى، وأحداث تاريخية مهمة. شخصيته الملهمة وخطابه القوي منحاه مكانة استثنائية بين الشعوب العربية، غير أن مسيرته لم تخلُ من سلبيات وأخطاء سياسية واقتصادية تركت أثرها العميق.

إيجابيات:

1 - الكرامة الوطنية والسيادة حيث أرسى مبدأ الاستقلال الوطني بقراره الشجاع في تأميم قناة السويس عام 1956، متحدياً الاستعمار الغربي.

2 - صمد أمام العدوان الثلاثي (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل)، وخرج منه أكثر قوة على الصعيد السياسي والشعبي.

3 - القومية العربية، حيث تبنّى مشروع الوحدة العربية، ورفع شعار التحرر القومي، ودعم الثورات وحركات الاستقلال في الجزائر واليمن وفلسطين وأفريقيا، وكان مؤثراً في حركة عدم الانحياز.

4 - العدالة الاجتماعية والإصلاح الداخلي، حيث أصدر قوانين الإصلاح الزراعي، ما أعاد توزيع الأراضي للفلاحين.

5 - أتاح التعليم المجاني حتى الجامعة، ففتح الأفق أمام أبناء الفقراء والطبقات المتوسطة. وشجع التصنيع وأطلق مشروعات كبرى مثل السد العالي ومجمع الحديد والصلب.

6 - المكانة الدولية لمصر، حيث جعل مصر ركيزة أساسية في حركة عدم الانحياز إلى جانب نهرو وتيتو.

سلبيات

رغم ما سبق، فإن الحقائق التاريخية تكشف عن سلبيات لا يمكن إغفالها...

داخل مصر

1 - النظام السياسي

- ألغى الحياة الحزبية وأنشأ نظام الحزب الواحد، وضيّق على الحريات والآراء المعارضة.

- مارس نظامه الاعتقالات بحق خصومه، خصوصاً الإسلاميين والشيوعيين.

2 - الاقتصاد الموجَّه

- توسع في التأميم حتى شمل المصانع والشركات الخاصة، ما أضعف الكفاءة وزاد البيروقراطية.

- عانت مصر من أزمات اقتصادية وديون متراكمة في أواخر الستينات.

3 - هزيمة 1967 (النكسة)

- خسارة سيناء والقدس والضفة وغزة والجولان، كانت ضربة قاسية لهيبته وللشعوب العربية.

- كشفت الحرب سوء تقدير الاستعداد العسكري وضعف المؤسسة العسكرية.

4 - تضييق الإعلام والحريات

-حُوّل الإعلام إلى بوق رسمي يمجّد النظام ويخفي الحقائق.

5 - السياسات الزراعية

- رغم فوائد الإصلاح الزراعي، إلا أنه أدى لاحقاً إلى تجزئة الملكيات وضعف الإنتاجية.

على المستوى العربي

1 - فشل الوحدة مع سوريا (1958 - 1961) نتيجة سوء الإدارة المركزية.

2 - التدخل العسكري في اليمن (1962 - 1967) استنزف موارد مصر البشرية والمالية.

3 - الصراع مع دول عربية، مما زاد من الانقسام العربي.

4 - الخطاب الثوري المبالغ فيه رفع سقف التطلعات، ثم تبخرت تلك الوعود بعد النكسة.

عالمياً

1 - الارتهان للاتحاد السوفياتي حدّ من استقلال القرار المصري.

2 - تأزيم العلاقات مع الغرب حرَم مصر من استثمارات وتقنيات كانت قد تساعد اقتصادها.

الإعلام كأداة ضغط

- استخدم إذاعة «صوت العرب» لتوجيه النقد اللاذع ضد أنظمة عربية مخالفة لنهجه، ما سبب توترات دبلوماسية حادة.

في نهاية السطور... إن الحديث عن عبدالناصر يستوجب الإنصاف، بعيداً عن الإعجاب الأعمى أو التقييم القاسي. فقد كان زعيماً ملهماً رفع راية الكرامة العربية وأطلق مشاريع اجتماعية كبرى، لكنه في الوقت ذاته ارتكب أخطاء جسيمة لا تنسى في الحكم والسياسة والاقتصاد.

وفي النهاية، يبقى عبدالناصر شخصية تاريخية اجتهدت وفق طموحاتها وإمكاناتها، أسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد