: آخر تحديث

موجة الاعترافات وصخرة التطرف الإسرائيلي

1
1
1

رشاد أبو داود

اليوم تقف إسرائيل نتانياهو في واد من الدم والدمار، والعالم في واد من الورد والأمل بالسلام للشرق الأوسط والعالم.

لقد تلقى نتانياهو صفعة طالما حذره منها مسؤولون إسرائيليون، وأكدوا له أنه يقود إسرائيل إلى الهلاك. والهلاك يبدأ بالعزلة الدولية على الصعيد السياسي والاقتصادي وحتى الثقافي والفني والرياضي.

نتانياهو يهدد بمواجهة موجة الاعترافات بالدولة الفلسطينية بإجراءات على الأرض «حين أعود من واشنطن.. انتظروا» كما قال. وما لم يقله أعلنه المستوطن المتطرف سموترييش وزير المالية «بأن إسرائيل ستعلن ضم الضفة الفلسطينية» (يهودا والسامرة).

ثمة دلالات تاريخية مهمة لإعلانات الاعتراف الرسمية الأولى بدولة فلسطين، نعني بريطانيا وأستراليا وكندا، وكأن الإعلان واحد صادر من لندن؛ فأستراليا وكندا دولتان مستقلتان، لكنهما ملكيتان دستورياً يرأسهما -رمزياً- الملك البريطاني باعتبارهما من بين 15 دولة من دول الكمنولث التي تشترك مع المملكة المتحدة بالولاء للتاج البريطاني.

فمن عاصمة التاج لندن وُضعت اللبنة الأولى لإنشاء الدولة العبرية وطناً قومياً لليهود في فلسطين من خلال وعد بلفور عام 1917. وكأن التاريخ يعيد نفسه، ولكن هذه المرة ليصحح ما اعوج منه طيلة عشرات العقود، فينصف الشعب الفلسطيني ويتبنى قضيته العادلة.

في هذه الأيام تتوالى الاعترافات بالدولة الفلسطينية أثناء اجتماعات الدورة الثمانين للأمم المتحدة، خاصة من الدول الأوروبية، في مقدمتها فرنسا، التي ظل معظمها حليفاً لصيقاً لإسرائيل يمدها بالمال والسلاح تحت وطأة الشعور بالذنب على ما اقترفه هتلر في الهولوكوست.

لكن ما رآه العالم من وحشية حكومة نتانياهو من جرائم ضد الإنسانية، وإبادة جماعية، وتطهير عرقي في غزة، تقارب وحشية هتلر، أيقظ الشعوب والحكومات على الحقيقة التي نجحت إسرائيل في إخفائها منذ تأسيسها عام 1948 تحت شعارات «الحمل الوديع»، و«واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط»، و«الجيش الذي لا يُقهر».

خطوة الاعترافات جاءت متأخرة، ولكن أن تأتي متأخراً خير من ألّا تأتي أبداً، وهو القول الذي يقال إن أصحابه هم الإنجليز الذين أتوا في طليعة المتأخرين.

لا يمكن التقليل من أهمية موجة الاعترافات بالدولة الفلسطينية، رغم أن هناك من يراها كلاماً في الهواء، لم يذكر حدود «الدولة الموعودة» ولا كينونتها ولا تاريخ إقامتها، وأنها جاءت إبراءً للضمير حيال المجازر الإسرائيلية في غزة، وتعويضاً عن العجز الدولي في كبح جماح نتانياهو وحكومته الفاشية.

يستشهد هؤلاء بما يجري على الأرض من محو أغلب مدن غزة، وتهجير ممنهج للأهالي، وقتل متعمد للمدنيين كما أوردت «الغارديان» -استناداً إلى بيانات جمعتها منظمة «أكليد المستقلة لتتبع الصراعات»- أن نحو 15 من كل 16 فلسطينياً قتلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي كانوا مدنيين.

وكان قد أعلنها أحد مندوبي أمريكا في مجلس الأمن صراحة «الحقيقة على الأرض لا توجد دولة فلسطينية للاعتراف بها، مؤتمر حل الدولتين سيطيل أمد الحرب في غزة، نؤكد مجدداً حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها، قرارات الاعتراف جائزة لحماس، الحرب ستتوقف عندما تفرج حماس عن الرهائن، ندعم بناء غزة جديدة ترفض العنف وترحب بالسلام».

توم برّاك مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص إلى سوريا والدبلوماسي المخضرم يقول: «السلام وهم، الهيمنة هي الهدف، لا تصدقوا باعة الوهم».

ها هو ذا الرئيس ترامب يعلن على منبر الأمم المتحدة أنه يريد وقف الحرب في غزة والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين فوراً.

نتذكر أن العالم سمع هذا الكلام مراراً ولم يتحقق في أية مرة، فهل يتحقق هذه المرة؟ ننتظر نتائج اجتماعه مع قادة دول عربية وإسلامية بعدما عرض خطة جديدة بشأن السلام.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد