: آخر تحديث

تحديث قياس التضخم

3
3
3

أعلنت الهيئة العامة للإحصاء عن نتائج مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك (Consumer Price Index – CPI) لشهر أغسطس 2025، وهو المؤشر الذي يُستخدم لقياس التغير في أسعار السلع والخدمات التي يستهلكها الأفراد خلال فترة زمنية محددة، وقد أظهرت النتائج ارتفاعًا سنويًا في المؤشر بنسبة 2.3 %، مقارنةً بشهر أغسطس من العام الماضي 2024.

من المهم الإشارة إلى أن الرقم القياسي لأسعار المستهلك لشهر أغسطس الماضي، قد تم وفقًا للمنهجية المُحدَّثة لاحتساب المؤشر، التي أطلقتها الهيئة مؤخرًا، والتي يُعول عليها أن تسهم في توفير بيانات أكثر شمولاً وحداثةً ودقةً لواقع معدلات التضخم في المملكة العربية السعودية.

القياس المحدث لأسعار المستهلك يتسم بالمرونة في مواكبة التغيّر في أنماط الإنفاق الاستهلاكي، وكذلك قياس تأثير تحركات أسعار السلع والخدمات في أسواق التجزئة على الإنفاق الاستهلاكي للأسر.

تجدر الإشارة إلى أن تحديث المنهجية الجديدة لمؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك يأتي ضمن جهود الهيئة العامة للإحصاء المستمرة نحو تطوير مؤشرات ومنتجا إحصائية شاملة، دقيقة وموثوقة، تواكب أنماط الاستهلاك الفعلية وتعكس واقع وتحركات الأسعار في الاقتصاد السعودي.

ويهدف هذا التحديث إلى دعم متخذي القرار والمحللين والمختصين في متابعة تطورات الأسعار والتخطيط الاقتصادي والاجتماعي بفعالية، من خلال الاستناد إلى بيانات حديثة وأكثر شمولية، تُسهم في صياغة السياسات الاقتصادية والاجتماعية، ورسم خطط التنمية المستدامة، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030.

وفي هذا السياق، أوضحت الهيئة العامة للإحصاء أن تطوير منهجية مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك جاء بهدف تعزيز دقة قياس معدلات التضخم الفعلي في الاقتصاد السعودي، بما ينسجم مع أفضل الممارسات العالمية والأدلة الاسترشادية الدولية ذات الصلة، حيث قد اعتمدت الهيئة في هذا التحديث على أحدث إصدارات تصنيف الاستهلاك الفردي حسب الغرض (COICOP 2018) الصادر عن الأمم المتحدة، مع إدخال مستويات جديدة لحساب المؤشرات واستخلاص النتائج، وربطها بالإصدار السابق (COICOP 1999) لضمان استمرارية السلاسل الزمنية للمؤشر.

ومن أبرز التحديثات التي تضمنتها المنهجية الجديدة، تطوير آلية جمع بيانات الأسعار وأوزان سلة المستهلك، وتنويع مصادر البيانات المعتمدة. فقد تم بناء الأوزان استنادًا إلى بيانات مسح إنفاق ودخل الأسرة لعام 2023، إلى جانب بيانات الإنفاق الاستهلاكي العائلي في الحسابات القومية، وبيانات منصة "إيجار"، بالإضافة إلى مصادر سجلية أخرى من عدد من الجهات ذات العلاقة.

كما شمل التحديث تعديل السنة المرجعية للمؤشر من عام 2018 إلى عام 2023، بما يضمن أن يعكس المؤشر بصورة أكثر دقة الواقع الفعلي لأنماط الإنفاق الاستهلاكي في المملكة.

وفي ذات السياق، وسّعت الهيئة العامة للإحصاء نطاق التغطية الجغرافية لنقاط البيع، بما يضمن شمولية التغطية السكانية وتنوع الفئات الاستهلاكية. وقد تم ذلك من خلال استخدام تقنيات الخرائط المكانية في تحديث تصميم إطار العينة، عبر مراجعة مستوى التغطية، وزيادة عدد نقاط البيع، وإعادة توزيعها بما يحقق الانتشار المناسب في مختلف مدن المملكة، وفقًا للكثافة السكانية والتمركز الحضري.

كما واعتمدت الهيئة منهجية "السلاسل المتحركة السنوية"، وهي منهجية إحصائية تتيح تحديث أوزان سلة مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك بشكل سنوي، استنادًا إلى نتائج الإنفاق الاستهلاكي النهائي للأسر المستخرجة من الحسابات القومية، بدلًا من الاعتماد على سنة أساس ثابتة بأوزان لا تتغير لعدة سنوات.

ويُسهم هذا النهج في بناء سلسلة زمنية أكثر اتساقًا ودقة، تعكس الواقع الاقتصادي بصورة أفضل، وتتمتع بمرونة أعلى في مواكبة التحولات السريعة في السوق.

وفي هذا الإطار، أوضحت الهيئة أن التوسع في التغطية شمل عددًا من الجوانب الرئيسية، أبرزها:

زيادة عدد متاجر التجزئة المشمولة في إطار المسح إلى نحو 82,000 متجر في التحديث الأخير، مقارنة بـ 32,000 متجر في المنهجية السابقة.

رفع عدد نقاط البيع التي تُجمع منها البيانات من 8,700 نقطة إلى 14,000 نقطة بيع، ما يعزز شمولية البيانات وجودتها.

توسيع سلة المستهلك لتشمل 582 بندًا وفق التصنيفات الحديثة، بدلًا من 490 بندًا سابقًا، وذلك استنادًا إلى أنماط سلوك المستهلك وتفضيلاته الفعلية.

زيادة عدد المدن المشمولة في التغطية من 16 مدينة إلى 23 مدينة، ما أتاح للهيئة نشر نتائج المؤشر على مستوى جميع المناطق الإدارية في المملكة.

ويُعد هذا التوسع خطوة نوعية تهدف إلى تعزيز دقة مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، وتمكينه من عكس الواقع الاقتصادي بشكل أكثر شمولًا وواقعية.

ويمكن القول إن الهيئة العامة للإحصاء قد بذلت جهودًا كبيرة خلال السنوات الماضية، منذ انطلاق رؤية 2030، للارتقاء بمنظومة العمل الإحصائي في المملكة، ضمن مساعيها المستمرة لتقديم مؤشرات إحصائية شاملة وموثوقة ودقيقة تواكب متطلبات التنمية الوطنية.

وبصفتي عضوًا في الفريق الاستشاري للتوعية الإحصائية بالهيئة، ومن الجانب الاقتصادي، أرى أن تحديث منهجية قياس التضخم يعكس واقع وتحركات الأسعار في الاقتصاد السعودي بشكل أكثر دقة، بما يُسهم في دعم متخذي القرار والمحللين والمختصين في متابعة تطورات الأسعار والتخطيط الاقتصادي والاجتماعي بفاعلية أكبر.

كما أود الإشارة إلى أن الهيئة تعمل حاليًا على تطوير عدد من المنتجات الإحصائية في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، بهدف تمكين راسمي السياسات وصنّاع القرار من اتخاذ قرارات مبنية على بيانات دقيقة، تُسهم في تحقيق مستهدفات التنمية المستدامة، والمضي قدمًا في تنفيذ خطط رؤية المملكة 2030.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد