: آخر تحديث

فن التسوق

2
2
2

هل دخلت يوماً إلى "السوبر ماركت" وفي ذهنك هدف نبيل، يتمثل في شراء غرض واحد، فقط غرض واحد لا غير؟ بالطبع فعلت! لكن السؤال الحقيقي هو: هل خرجت فعلاً بهذا الغرض الوحيد؟ الإجابة، في معظم الحالات، هي ضحكة مكتومة، وعربة تسوق مثقلة بخمسين شيئاً لم تخطر لك على بال!

مرحباً بك في عالم "فن التسوق من السوبر ماركت"، حيث تُصبح رحلة الغرض الواحد مغامرة ملحمية تنتهي بفاتورة مفاجئة وخزائن ممتلئة بأشياء لا تدري متى اشتريتها!

تبدأ القصة دائماً بنوايا صافية. "سأدخل، آخذ الخبز، وأخرج!" تهمس لنفسك بثقة، لكن ما أن تطأ قدماك أرض السوبر ماركت، حتى تتحول إلى متاهة من الإغراءات، الرائحة العبقة للمخبوزات الطازجة، الألوان الزاهية للفواكه والخضروات، وبدون سابق إنذار تتذكر أنك "بحاجة ماسة" لعلبة بسكويت لم تكن تعلم بوجودها، أو صنف غريب المذاق وعدت نفسك بتجربته منذ زمن.

لا تكمن المؤامرة في المنتجات وحدها، بل في تصميم المتجر نفسه، فمن الذي قرر وضع الحليب في أقصى زاوية، بينما تتبعثر الشوكولاتة والعروض الجذابة في كل ممر تمر به؟ إنها استراتيجية عبقرية لضمان مرورك بكل الإغراءات. ثم تأتي العروض السحرية: "اشترِ قطعة، واحصل على الثانية مجاناً!"، في لحظة واحدة، تتحول من مشتر لغرض واحد إلى مقتنص "صفقة العمر" التي ستوفر لك المال -حتى لو لم تكن بحاجة للقطعة الثانية على الإطلاق- وهكذا، تمتلئ سلتك بمنتجات "توفيرية" لم تكن على قائمة مشترياتك الأساسية.

وبينما تسير في الممرات، قد تجد نفسك فجأة أمام قسم الأدوات المنزلية، أو الألعاب، أو حتى الأزهار، تتساءل: "ما الذي أتى بي إلى هنا؟"، ومع كل "اكتشاف" جديد، تُضاف قطعة أخرى إلى عربتك، ثم تأتي لحظة الحقيقة عند صندوق الدفع، حيث تُطالع الشاشة بارتياب بينما تتصاعد الأرقام، فتومئ برأسك للمحاسب وكأنك تقول "نعم، هذه كلها لي.. ولا أعرف كيف حدث ذلك!"، تخرج من المتجر، وعربتك تفيض بالمشتريات، تنظر إلى كيس الخبز الذي جئت من أجله في قاع العربة، وتدرك أنك نجحت في مهمة واحدة، وفشلت في مئة أخرى، كل ذلك بروح رياضية وابتسامة ساخرة.

وبالطبع لم أستطع طوعاً أو كرهاً أن أذكر رفقاء رحلة التسوق، الزوجة والأبناء الأعزاء، وعيونهم التي تلمع مع كل صنف جديد أو يوجد نظيره في عربة التسوق، والإلحاح وربما الغضب تارة والبكاء تارات أخرى عن رفض شراء صنف أو أصناف لسنا في حاجة إليها، ولكن في النهاية يكون الرضوخ ربما عن طيب خاطر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد