: آخر تحديث

حوارات جميلة

1
1
2

أقرأ هذه الأيام باستمتاع شديد كتاباً يحوي حوارات مع شاعر مهم، وأعرف عن نفسي أنني أستمتع جداً بقراءة ومشاهدة هذه اللقاءات مع الأدباء والفنانين، وسألت نفسي لمَ، ما المحرض أو الممتع في الاستماع إلى شخص يتحدث ويجيب عن الأسئلة، ووجدت إجابات كثيرة.

الاستماع إلى الأديب والفنان يتحدث عن نفسه، يفتح لك آفاقاً كثيرة، يجعلك تسير معه في درب الإبداع، وتتلصص على الطريقة التي يتبعها ليخلق إبداعاته، وتعرف من كثرة ما تقرأ أنهم مختلفون جداً، على قدر ما أنهم متشابهون، تعرف أن الإخلاص للفن، هو ما يميزهم جميعاً، أدرك الآن، أن المبدع الذي يصل، هو المبدع الذي يأتي إبداعه أولاً، قبل أي شيء آخر.

الحوارات أيضاً ممتعة لأنها تكشف لنا عن فترات من الزمن عاشها المبدع، كيف كانت أجواء المثقفين، وكيف كان الفن والأدب في الوقت الذي عاشه الفنان، يأتي ذلك بشكل حميمي وطبيعي وقريب. ليس من خلال قراءة مؤرخ، بل من خلال كلمات المبدع ذاته. التاريخ الشفهيّ الذي يخبرنا المبدع في حواره أغنى وأهمّ من أي مصدر آخر، وأكثر صدقاً بلا جدال. بالإضافة إلى المعلومات التي نعرفها عنه، كأنها سيرة ذاتية تقرؤها في مقابلة، وكلنا نعرف كم هي ممتعة قراءة السير الذاتية. حتى لو أن الفنان معاصر لنا، من خلال حديثه تكتشف دنيا وعلاقات المثقفين، وحالة الأدب والفن. حتى لو من وجهة نظره.

تتعرف أيضاً على وجهة نظره في الحياة، في الإبداع، في أمور كثيرة، وتتعلم وتفهم وتناقشه بينك وبينك وتنحاز لوجهة نظرك أحياناً أو تقتنع بوجهة نظره أحياناً أخرى دون الحاجة لمواجهته، أنت فقط تستمع، تتعلم الاستماع من قراءة الحوار.

وجهة نظر الأديب في الأدب قديمه وحديثه، تتعرف عليه في حواراته، ماذا يحب ومن يقرأ ولماذا، الأديب الذي لا يحب أن يمنح وصايا القراءة، تستطيع أن تحصل على هذه الوصايا من حواراته. كم من الكتب استدللت عليها وكم من الأدباء تعرفت عليهم من خلال هذه الأحاديث.

معارك المثقفين، التفاصيل الصغيرة التي لا يحتويها كتاب، ستجدها في حواراتهم، دعاباتهم، علاقاتهم، جنونهم، التغيرات التي طرأت على حياتهم وتفكيرهم، عنادهم، صلفهم، رحلاتهم، نضجهم أو عدمه، كل ذلك تستشفه من قراءة حوارات المبدعين. وعلى قدر ذكاء المحاور والطريقة التي يصوغ بها أسئلته، على قدر ما يصل إلى الأعماق البعيدة يستخرجها من المبدع.

هذه إحدى متع الحياة بالنسبة لي، جرّبوها واستمتعوا.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد