في الغرب، بخاصّة في بريطانيا، ارتبطت صورة المناضل السياسي، والحقوقي الإنساني، من منطقة الشرق الأوسط، بصنفٍ مُحدّدٍ من التيارات السياسية والجماعات العقائدية.
بريطانيا هي «الأم» الرؤوم لاحتضان الجماعات الإسلامية ومن يلوذ بهم من النشطاء من التيارات الأخرى، وحين يُثبت لهم أن هذا الخطيب أو الناشط الإسلامي هو جزء من سلسلة نهايتها أعمال «إرهابية» في الشرق الأوسط، يُقال نحن نحتضن نشطاء من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان.
حسناً... نماشي هذا الخطاب، ماذا لو نشط عربيٌ أو مسلمٌ آخر، ضد هؤلاء النشطاء، هل يكون بدوره يمارس حريته في التعبير والنشاط؟!
بجملة أوضح، لو ركّز شخص يقيم في لندن على مناهضة أنشطة «الإخوان» وبقية أصولييّ لندن... هل هذا حقٌ أصيل وسائغ؟!
تابعوا هذه الحكاية الجديدة، قبل أيام ألقى البوليس البريطاني القبض على شاب مصري في لندن يقاوم أنشطة «الإخوان»، بخاصة في التجمهر أمام السفارات المصرية، ورفع شعارات معادية للدولة المصرية، بدعوى أنها تحاصر الفلسطينيين!
وبعد أيام من الاعتقال تمّ الإفراج عن الشاب المصري، واسمه أحمد عبد القادر، وشهرته «ميدو»، من دون إبداء أسباب واضحة معلنة.
وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، اتصل بجوناثان باول، مستشار الأمن القومي البريطاني، للإفراج عن الشاب، وقال الوزير المصري إن وزارة الخارجية تتابع قضية «ميدو»، وتريد التعرّف على نتائج التحقيقات وسرعة الإفراج عنه.
تعود الواقعة إلى قبل أيام، حيث أعلن الشاب المصري أحمد عبد القادر، رئيس ما يعرف بـ«اتحاد شباب مصر في الخارج» من مقرّه في بلجيكا، عن استمرار مبادراته التطوعية برفقة شباب آخرين لحماية السفارات المصرية في الخارج والتصدي لمحاولات جماعة «الإخوان» استهداف السفارات المصرية.
هذه صورة جديدة على العقل السياسي والأمني البريطاني، حيث استخدم الأسلوب هذه المرّة بصورة عكسية، وصار هناك ناشطٌ آخر، غير الناشط الذي يعرفون.
أنا لا تهمّني نوعية القضية التي قُبض فيها على الشاب المصري ميدو - موضوع أزمة غزة - أنا يهمّني المبدأ نفسه، أي المساواة في خطاب الحقوق والنشاط السياسي في بريطانيا ولندنها، بين إسلامييّ لندن وخصومهم، وعدم احتكار صورة النشاط على لونٍ سياسي معيّن.
نجح «الإخوان» ومن يطوف حول كوكبهم في الغرب، في احتكار الصوت المسلم، ومثالُ ذلك احتكار قضية «الإسلاموفوبيا» وصار من ينتقد «الإخوان» والإسلاميين، في الغرب والشرق، هو من المتهمين بكراهية المسلمين، كل المسلمين، بدعوى «الإسلاموفوبيا» وأذكرُ في هذا الصدَد الناشطة الأميركية الليبرالية كارين عطيّة وأمثالها، في اتهام كل من يهاجم النائبة الأصولية ذات الأصل الصومالي إلهان عمر بأنّه عدو الإسلام والمسلمين!
«ميدو» عمل مشاكل في مصر... «ميدو مشاكل»!