عبدالعزيز الكندري
نعيش في عالم متغير، ولا مكان فيه لمن يتأخر، أو يسبح عكس التيار، خصوصاً في عصر الذكاء الاصطناعي، الذي سيدخل في كل مناحي الحياة: الصحة، التعليم، والاقتصاد، وسيكون هناك مساعدون شخصيون... حتى المنازل والسيارات ستكون ذكية، وستظهر وظائف جديدة، وسيزيد الطلب على المهارات، وكل شيء سيتغير، ونحن مازلنا في البداية لذلك من إحياء فكرة التكامل الخليجي، لاسيما أن هناك الكثير من العوامل المشتركة بين شعوب دول الخليج.
العالم يتغير حيث الدول العظمى وأصحاب النفوذ يتنافسون مع بعضهم البعض في العالم العربي، ومنطقة الشرق الأوسط ستكون بلا شك، بل هي في قلب الزلزلة، بسبب الجغرافيا والموارد، وفي الوقت نفسه ستكون الدول الضعيفة جسراً لتصفية حسابات الدول العظمى على أراضيها.
فلابد من التفكير في التحالف الخليجي وهناك فوائد كثيرة للتكامل بين دول الخليج، على المستوى الاقتصادي، مثل نمو التجارة البينية، حرية تنقل السلع، الخدمات، ورؤوس الأموال، إضافة إلى قوة تفاوضية أكبر في الأسواق العالمية، ودعم المشاريع المشتركة مثل سكة الحديد، الطاقة، والتحول الرقمي.
وأبرز مشاريع الشراكة بين دول الخليج ضمن إطار التعاون التي يتم العمل عليها حالياً، مشروع السكة الحديدية الخليجية، والتي تربط جميع دول الخليج، من الكويت إلى سلطنة عُمان، والتي تهدف إلى تسهيل النقل التجاري والركاب وتخفيف الاعتماد على الطرق البرية.
كذلك المشروع الإستراتيجي وهو الربط الكهربائي الخليجي، وهو مشروع يربط شبكات الكهرباء بين الدول الأعضاء، حيث يسمح بتبادل الطاقة وتقليل الانقطاعات، مما ساهم في توفير مليارات الدولارات.
ولا ننسى المشروع الإستراتيجي المشترك بين الكويت وسلطنة عمان، «مصفاة الدقم»، والذي يُعد من أبرز مشاريع الطاقة في المنطقة... وهي منشأة لتكرير النفط تقع في منطقة الدقم الاقتصادية الخاصة بسلطنة عمان، وهو مشروع مشترك بين شركة النفط العمانية وشركة البترول الكويتية العالمية، والطاقة الإنتاجية تكرير 230.000 برميل نفط خام يومياً، تعتمد على النفط الكويتي بشكل رئيسي كمادة خام. ويهدف إلى دعم التكامل الخليجي في قطاع الطاقة.
وهناك مشروع إستراتيجي مهم، حيث وقعت هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في الكويت قبل أيام، وبالتعاون مع وزارة الكهرباء والماء والطاقة المتجددة، وثيقة التزام بتنفيذ مشروع محطة الزور الشمالية لتوليد الطاقة للمرحلتين الثانية والثالثة، بتكلفة تتجاوز مليار دينار، مع تحالف يضم شركة أكوا باور السعودية ومؤسسة الخليج للاستثمار، ومدة التنفيذ 3 سنوات، والمشروع سينفذ بنظام PPP، وفق حصص بواقع 40 % للشركة المستثمرة و50 % للمواطنين الكويتيين، و10 % للجهات العامة التي يحق لها الاستثمار في هذا النوع من المشاريع.
وهذه المشاريع يجب أن يتم دعمها وزيادتها في قادم الأيام، خصوصاً أنها بين دول الخليج مباشرة، وأصبح التكامل الاقتصادي لا يقتصر على التجارة، بل في كل مناحي الحياة مثل، الطاقة، التعليم، والصحة. وما يجمعنا أكبر بكثير مما يفرقنا.
ومن نافلة القول، أن مستقبل دول الخليج واعد، خصوصاً في الجانب الاقتصادي، في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة، حيث غالبية دول الخليج وضعت رؤيتها للمستقبل، بالإضافة إلى الخطط التنموية الطموحة في الكويت، مثل «رؤية كويت جديدة 2035»، وإستراتيجيات التنويع الاقتصادي، والتي تسهم في خلق مصادر جديدة للدخل.
خلاصة القول، مادام هناك مواد أولية، مثل النفط والغاز، الذي يعتمد عليه العالم أجمع، ستشهد دول مجلس التعاون نمواً اقتصادياً في المستقبل، كل دولة من دول الخليج تتمتع بخصوصية في اقتصادها تختلف عن الأخرى، إضافة إلى المشاريع الكبرى المشتركة بين دول المنطقة.