جهاز التنظيف «هوفر» ليس مجرّد مكنسة كهربائية عادية، بل آلة تنظيف جبارة، قوية الشفط، لا تترك شيئاً خلفها، تُواجه القذارة كما هي وتجرفها كلها.
نحن كربّات بيوت نلجأ إلى «هوفر»، حين نرغب في فزعة تنظيف عميقة، وليس مجرد تنظيف سطحي، بعد أن تبدأ ملامح هذه الحاجة تظهر بسبب كثرة الغبار والأوساخ، حينها نصل الى قناعة بأنه لا مجال للتأجيل أو التأخير،
وكما في البيوت، كذلك في الأوطان.
حين تتراكم طبقات الفساد، ويُصبح المسكوت عنه أثقل من المعلن، نحتاج إلى «هوفر» سياسي، إداري، ووطني لا يرحم الأوساخ المتجذرة، ولا يخاف من صرخات أصحابها.
في الكويت اليوم، هناك «هوفر» سياسي وطني يلاحق كل انواع الفساد في كل مكان ومجال، يشفط ويُفرغ، دون أن يُصاب بالإحباط من حجم ما تراكم.
نحن في الكويت اليوم، بعد كل ما شفنا وسمعنا وقرأنا، وصلنا الى قناعة بأن الفساد لم يعد بقعة صغيرة على ثوب الوطن، بل كاد أن يصبح ثوباً كاملاً مُثقلاً بالبقع.
المجاملات، المحسوبيات، تضخيم الوظائف، التعيينات المزاجية، المشاريع المعلّقة، الميزانيات المهدرة، ضياع الكفاءات، كلّها طبقات من الغبار الخانق، حان الوقت لمواجهتها بأداة أو جهاز تنظيف لا يعرف السكينة أو التباطؤ ولا التهاون.
ما يحدث اليوم هو حملة تنظيف شاملة وخطوات إصلاحية متتالية، قرارات إدارية، ومراجعات قانونية، ومساءلات، حتى اللهجة العامة للدولة أصبحت أكثر حزماً وقوة.
لا يختلف اثنان في الشارع الكويتي على ان الكل بدأ يشعر بجدية خطوات الإصلاح والتنظيف، فبدأ فتح الملفات، والكشف عن الأسماء، على أمل استعادة بناء الثقة بشكل تدريجي وعلى مهل.
وحتى تكون «هوفر» فاعلة، لا ينفع إفراغ الكيس في المكان نفسه بعد كل تنظيف، ولا يكفي أن نُصفّق عند تنظيف غرفة واحدة، فيما بقية البيت ما زال متسخاً.
التنظيف الحقيقي لا يُنجز بسرعة، ولا من خلال حملة متحمسة سريعة ومؤقتة.
قرار شجاع البدء بمسار محاربة الفساد بالعزم والقوة، والاستمرار به رغم كل أصوات التشويش، وحرب المصالح، بأساليبها القذرة، عن طريق وضع العوائق والعراقيل في طريق الإصلاح.
إن ما تحتاجه الكويت اليوم هو تنظيف العقول قبل الكراسي، والنوايا قبل اللوائح، والضمائر قبل الملفات.
ألا يستحق الشعب الكويتي، والكويت كلها، كويتاً نظيفة نقيّة بشكل نهائي لا مؤقت.
امضوا قدماً بمهمتكم الصعبة يا من وضع صاحب السمو ثقته فيكم من قيادات ومسؤولين، ونحن وراءكم نعينكم ونساعدكم حسب قدراتنا وإمكاناتنا، فما حققه بعضكم حتى الآن كان بمستوى طموح الوطن كله، فيما يحتاج الآخرون إلى مزيد من العطاء، وإلا لا مكان لهم في كويت نظيفة مبدعة متميزة.
شكر خاص لوزراء فرضوا أنفسهم على الساحة بجدهم وعزمهم وإقدامهم، وهم يعرفون أنفسهم، ويعرفهم المواطن الجاد مثلهم.
وزراءنا الأفاضل: من عمل منكم ليل نهار، من صمّم ونفّذ، من خرج للشارع، ارتدى بدلة العمل، وواصل الساعات بالساعات، من نفض برامج متخلّفة من جذورها، من تحدّى الصوت العالي، الذي وجد فيه خطراً على وجهته، من واجه تهديداً بالويل والثبور وعظائم الأمور، من أيقن منكم بأن قيادته وضعت ثقتها فيه، والشعب ينتظر منه نتاج هذه الثقة.. أنتم تستحقون منا التصفيق الحار، لأنكم أملنا اليوم في كويت الغد.
إقبال الأحمد