: آخر تحديث

الأمن والاستقرار في الأفق البعيد!

7
7
6

خالد بن حمد المالك

الحرب الإسرائيلية الأمريكية مع إيران لم تنته بإيقاف قتال غير مكتوب، وحرب كلامية بين إيران من جهة، والثنائي أمريكا وإسرائيل من جهة أخرى، فلا زالت هناك شروط، ومطالب، واتهامات، وغموض فيما آلت إليه الضربات الأمريكية للمفاعل النووي الإيراني من نتائج.

* *

المعركة قادمة، ما لم تقبل إيران بالعودة إلى المفاوضات، والتسليم بخلوها وإخلائها من أي قدرات تسمح لها بأن تكون دولة نووية، وأن تكون خاضعة للتفتيش، وربما اشترطت أمريكا أن تكون ضمن فريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية المسموح له بالمراقبة والتفتيش، ودائماً القوي والمنتصر يملي شروطه.

* *

لا نتمنى أن تعود الحرب مرة أخرى، ولا أن تتكرر الاعتداءات ضد إيران والفلسطينيين والسوريين واللبنانيين، ولكن هذا قدر المنطقة أمام دولة محتلة، ولا تشبع من تكرار العدوان، وتدعمها في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية.

* *

غير أن ما نتمناه شيء، والواقع شيء آخر، بين ما هو على حق وكان يجب مساندته، وما هو ظالم وهو الذي يلقى الدعم والمناصرة والمعاضدة بكل الإمكانات من قبل أمريكا والدول الغربية، دون شعور بالذنب في دعمهم لإسرائيل دولة محتلة لأراضي الغير في منطقتنا.

* *

وكل المحاولات للتخلّص من هذا السرطان في جسم منطقتنا باءت بالفشل، في المقاومة عام 1948م وفي الحروب 1967م و1973م والمقاومة الفلسطينية الممتدة لأكثر من سبعين عاماً وإلى اليوم، ولا يحتاج من يفسر لنا الفشل وأسبابه بأكثر من مناصرة أمريكا والغرب لإسرائيل.

* *

حتى القبول والاعتراف بإسرائيل دولة على حدودها عام 1948م وفقاً للتقسيم ترفضه، حتى اعتراف العرب والفلسطينيين بالدولة اليهودية مقابل اعترافها بالدولة الفلسطينية على حدود 1967م لا يجد القبول منها، وأي مقترح يصب في خانة السلام والتعايش بين دولتين هو خيار مرفوض ولا تقبل به.

* *

الحل وفق التصور الإسرائيلي المدعوم من أمريكا أن يتم تهجير الفلسطينيين إلى أراض بعيدة أو قريبة، كما جرى ذلك عام 1948 حين تم إخلاء كل فلسطين لتكون هذه مساحة دولة إسرائيل إلى حين، كون إسرائيل لا تعترف بحدود لها، ولا تعلن عن ذلك، أي أنها لا تكتفي حتى بكل فلسطين لتكون هذه هي دولتها، فأطماعها تمتد إلى أكثر من ذلك.

* *

ولا تبتعد أمريكا والغرب عن التفكير الإسرائيلي الاستعماري البغيض، فهي مع دولة ولكن بلا حدود لها، دولة مفتوحة للتوسع على حساب جيرانها، كلما كانت هناك فرصة، كما فعلت بعد السابع من أكتوبر باحتلال مساحات من الأراضي في سوريا ولبنان، وهو ما فعلته باستيلائها على مواقع بعد حرب 1967م.

* *

كل دول العالم تحرَّرت من قبضة المحتل، كل مستعمر حمل عصاه على كاهله ورحل، إلا المحتل الإسرائيلي الذي بقي متمسكاً بأراض ليست له، معتمداً على قوى كبرى تدعمه بالسلاح والحماية السياسية، ومتى شعرت بضعفه شاركته في العدوان، وبررت له أفعاله الإرهابية والعنصرية، وتفهمت أطماعه في التوسع وامتداد النفوذ.

* *

وما يحدث اليوم فصل جديد، وليس آخر الفصول في ترجمة مستقبل إسرائيل في المنطقة، حيث التوسع، وزيادة رقعة الدولة اليهودية، باستخدام كل أساليب القهر والإذلال والعنصرية، والحرمان من أبسط الحقوق لتحقيق هدف استعماري كريه، وما يليه من فصول ستكون الأسوأ، والأكثر إيلاماً.

* *

حتى الاعتراف بإسرائيل والتطبيع العربي معها مقابل أن تقبل بخيار الدولتين يتم رفضه، ولا يجد من أمريكا التفهم والتأييد، بل إن أمريكا تهدد بعقوبات لكل من يعترف بدولة فلسطينية في الأراضي التي تحتلها إسرائيل، والمقصود هنا الضفة الغربية وقطاع غزة.

* *

وأمام ذلك، فلن يكون هناك سلام، ولا هدوء واستقرار، ما بقيت القضية الفلسطينية تراوح مكانها، وما دام الفلسطينيون متمسكين بأرضهم وحقوقهم المشروعة، فمتى نرى أمريكا تقود العالم بعدل وإنصاف، وتتعامل مع الجميع بما يجعلها مرجعية للسلام والأمن والاستقرار؟!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد