ماجد قاروب
عالجت سورة النساء الشقاق بين الزوجين بقوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} [النساء: 35].
ويقابل ذلك نص المادة 110 من نظام الأحوال الشخصية (يستمع الحكمان إلى الزوجين ويتقصيان أسباب الشقاق، ويبذلان الجهد للإصلاح بينهما، ولا يؤثر في سير عمل الحكمين امتناع أي من الزوجين عن التعامل مع الحكمين).
المادة 111 ( إذا عجز الحكمان عن الإصلاح بين الزوجين، قررا ما يريانه من التفريق بينهما بعوض أو دونه.
وفي جميع الأحوال يجب ألا يزيد العوض الذي تدفعه المرأة على المهر، ويقدم الحكمان إلى المحكمة تقريراً يشتمل على جميع ما قاما به في سبيل الإصلاح بين الزوجين، والرأي الذي انتهيا إليه مع بيان الأوجه التي استند إليها).
فحين تكلم سبحانه وتعالى في سورة البقرة عن الفراق الذي سببه الزوجة وأن للزوج أخذ المال منها -وهو المذكور في قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُون} [البقرة: 229]- بيَّن في هذه الآية أن الطلاق الذي لم ينتج عن سوء عشرة ولا عن مشاكل زوجية يمكن للزوج أن يأخذ فيه شيئا من المرأة.
ويقابل ذلك نص المادة 95 من نظام الأحوال الشخصية (الخلع هو فراق بين الزوجين بطلب الزوجة وموافقة الزوج مقابل عوض تبذله الزوجة أو غيرها ) المادة 96 (لا يقع الخلع إذا كان بغير عوض، فإذا خالع الزوج زوجته بلا عوض فلا يعد خلعاً وتطبق أحكام الطلاق.
هنا يؤكد القرآن العلاقة بالمرأة علاقة وثيقة لا يمكن أن تخضع لهوى الزوج، فإذا أراد أن ينهي الحياة الزوجية واحتال على الحقوق المالية لزوجته، وأخذ ما أعطاها أو بعضه ليتزوج أخرى ويترك الزوجة الأولى للمصير المجهول، فيأتي القرآن ليعالج هذا العرض الجانبي والسلوك الطارئ على الحياة الزوجية بالتأكيد على المعاشرة بالمعروف، وأنه إذا لم يمكن ذلك فإن الحق يبقى محفوظًا لصاحبه فقال سبحانه: {وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينا وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 20، 21].
وقد جبر القرآن في آياته الكريمة خاطر المطلقة في قوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} (241) سورة البقرة، وقد بينت الآية الكريمة أن للمطلقات على أزواجهن الذين طلقوهن نفقة متعة الذى تعينهم على أعباء الحياة لمدة من الزمن لأن المعروف والإحسان هو أساس العلاقة بين الزوجين وأصبح لازماً على الرجل إكرام مطلقته من واسع فضله.
يجب أن يكون واضحاً بأن الزواج من ثانية ليس على حساب أي حق مادي أو معنوي على الزوجة الأولى وأبنائها إن وجدوا، فرغبة الرجل في الزواج من ثانية أو أكثر يجب ألا يكون بالتعدي على أي حقوق للزوجة الأولى.