علي الزوهري
بعد عام من الدعم السياسي والتكنولوجي وسلسلة من اللقاءات التي عكست الانسجام المتبادل، ظهر للعيان هذا الأسبوع ما بدا يوماً ما أنه من المستحيل حدوثه، فحليف الأمس إيلون ماسك بات كما يبدو ظاهراً عدو اليوم للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
العلاقة بين ترامب وماسك توترت بشكل كبير، حيث تحولت من تحالف تكتيكي في الماضي إلى عداء علني شهده العالم، مدفوع باختلافات أيديولوجية وتنافس على تصدر المشهد الأمريكي، نقطة تفاقم الخلاف جاءت عندما هاجم ماسك مشروع ترامب المالي الأهم، المعروف باسم «مشروع القانون الواحد الكبير والجميل»، وهو مقترح ضخم للضرائب والإنفاق ينتظر موافقة مجلس الشيوخ، بشأن ما وصفه بالإنفاق غير الضروري، وطالب المواطنين بالضغط على ممثليهم لرفضه، والذي سيتأثر به قطاع السيارات الكهربائية بشكل مباشر من خلال الحوافز والرسوم الضريبية.
وحسب الروايات، فإن ماسك على علم بذلك، لكنه أنكر. ومن المتوقع استمرار هذا الخلاف بعد خروج ماسك من الإدارة الحكومية التي شكلها ترامب خلال بداية تشكيل الحكومة أثناء توليه.
وشمل هذا الخلاف المعلن للجميع، من بين أحداث أخرى، سلسلة من الاتهامات المتبادلة لرجل أمريكا وصاحب النفوذ الأقوى في العالم، ليكشف عن حجم الصراع الحالي بين السلطة والمال، ربما لعدم الوصول للمصالح المشتركة المتفق عليها مسبقاً، أو الوعود التي قطعها ترامب في حال وصوله للرئاسة، ليقول ترامب إن ماسك «فقد عقله»، ليبدأ صراع جديد بين السلطة والمال.
هذه الفترة الزمنية الحرجة أصبحت تتقاطع فيها المصالح التكنولوجية والمالية، مدعومة بالخطابات الرنانة والمثيرة للجدل، لتتطور وتأخذ منحنى آخر على منصات التواصل الاجتماعي بين قوتين تتنافسان على التأثير في الرأي العام الأمريكي والعالمي، وليفشل كل التوافق الاستراتيجي الذي كان يجمعهما وفرضته الظروف المحيطة بالانتخابات السابقة، فكلاهما يريد أن يستقل بالنفوذ ويفرض سيطرته، الأول سياسته الاقتصادية التوسعية، والآخر التكنولوجية الاقتصادية التوسعية التي تتعارض مع قرارات الدولة، وخاصة الجمركية، فماسك يطمح لإعادة تشكيل العالم الرقمي وفقاً لمصالحه، التي تتضارب مع مصالح ترامب للحصول على السلطة الأكبر؛ لذلك جاء هذا الصدام الذي فاجأ العالم في مشهد مليء بالتناقضات وسط الفوضى السياسية والاقتصادية العارمة في أمريكا المعاصرة، وبين السلطة والتأثير، وبين الخطاب الرئاسي وشبكات العلاقات العامة.