يقول إيهود أولمرت، رئيس وزراء إسرائيلي سابق (2006–2009) في مقال نشر في هآرتس: ما نفعله في غزة هو حرب دمار وقتل عشوائي بلا حدود، وإجرام بالمدنيين، ويتم ذلك نتيجة سياسة حكومية مملاة عن علم وشر خبيث، وبلا إحساس بالمسؤولية. نعم نحن نرتكب «جرائم حرب». فكيف يقول «نتانياهو»، علنا وبكل صراحة، انه يجب تجويع غزة، وأن يحرم مليوني إنسان من الاحتياجات الإنسانية الأساسية. نعم هناك «إرهابيون»، وعلينا محاربتهم، لكن ما تقوم به الحكومة ليس حربا على حماس، بل يبدو الأمر أكثر واكثر وكأنها حرب سياسية من رئيس وزراء ومجموعة من البلطجية الذين يمثلون الحكومة الإسرائيلية.
* * *
ويتساءل المؤرخ والمفكر اليهودي الإسرائيلي «إيلان بابيه»: لماذا يصبح المفكرون أغبياء عندما يدافعون عن إسرائيل؟ ملاحظة ذلك أمر مثير للدهشة، خاصة عندما نرى أكاديميين وسياسيين كبارا وصحافيين مازالوا يؤيدون حكومة إسرائيل الحالية، مع أنهم أناس واعون ومتعلمون ومتمكنون للغاية في أي موضوع يهم العالم، ونحترم طريقتهم في الحديث والمعرفة التي جلبوها معهم، ولكن ما أن يأتي الأمر لإسرائيل حتى يدفعونا لأن نتساءل: كيف أن أكثر هؤلاء تمكنا وفهما يصبحون أغبياء إلى حد ترديد السردية الإسرائيلية من دون اي نقد، ولا مراعاة للقدرات التي يظهرونها عند التحدث عن أي شيء آخر، وهذه ظاهرة يتطلب الأمر بالفعل البحث فيها، وهذا ما نسميه الغباء الأخلاقي Moral Stupidity، فهذا أمر لا يصدق، وفي منتهى الغباء، والألمان هم الأكثر سوءا في ذلك، ولا أعلم إن كان هناك من أجرى محادثة مع مثقفين ألمان حول سبب دعمهم لإسرائيل، حتى اليوم. فهذا بالفعل أمر محرج ويحتاج لتحليل وفهم، وهو يشبه الاستعداد لإهانة نفسك وأنت تعتقد أنك مفكر وباحث وصحافي، ومع هذا على استعداد لإرضاء دولة ترتكب إبادة جماعية يومية ضد شعب آخر.
* * *
وفي خطابٍ لاذع أمام مجلس الأمن تعلق بما يقترف في غزة من جرائم، قدّم جراح الصدمات الأمريكي الدكتور فيروز سيدهوا وصفًا مباشرًا لانهيار نظام الرعاية الصحية في غزة، مستشهدًا بمهمتيه الطبيتين في خان يونس، حيث قال: «لستُ هنا كصانع سياسات، بل كطبيب يشهد على التدمير المتعمد للرعاية الصحية، واستهداف زملائي، ومحو شعب كامل»! واصفًا العمليات الجراحية التي تُجرى على أرضيات قذرة من دون تخدير، والأطفال الذين يموتون لأسباب يمكن الوقاية منها وكل ذلك بسبب الحصار الإسرائيلي للإمدادات الطبية. وبتفاصيلٍ مؤثرة، روى كيف عالج نساء حوامل تم تقطيع أرحامهن وبتر أجنتهن إلى نصفين (!!) وكشف سيدهوا أن 83% من المسعفين الأمريكيين في غزة أفادوا برؤية أطفال مصابين بطلقات نارية في الرأس أو الصدر. «هذا ليس فشلاً للنظام، بل تم تفكيكه بشكل ممنهج من خلال انتهاكات القانون الدولي». وندد الدكتور سيدهوا بالمجاعة التي صنعها الإنسان والتي تقتل الآن مدنيين أكثر مما تقتله القنابل.
بلغت شهادته ذروتها مع حادثة الإصابات الجماعية في 18 مارس في مستشفى ناصر، حيث وصل للمستشفى 221 مريضاً مصاباً صباح أحد الأيام، تبين أن 90 منهم قتلى عند الوصول، نصفهم تقريباً من الأطفال، قتلوا نتيجة هجوم لم يستطع أي نظام صحي محاصر تحمله، حيث يحفظ الآباء ملابس أطفالهم للتعرف على رفاتهم. وأضاف، كاشفاً عن التكلفة النفسية للحرب: نصف أطفال غزة تقريباً الآن ميولهم انتحارية، ويتساءل بعضهم: «لماذا لم أمت مع عائلتي؟».
ناشد الدكتور سيدهوا المجلس تطبيق سبعة إجراءات، بما في ذلك حظر الأسلحة، واصفاً تقاعسهم بأنه «دليل على انهيار الضمير العالمي»، بينما يواجه آخر أطباء غزة وجيل من الفلسطينيين الفناء. وختم شهادته قائلاً: «لا يمكنك ادعاء الجهل، عندما لا يعود الأطفال يرغبون في الحياة».
ثم يأتي كاتب كويتي مشبوه ويطالب الفلسطيني بالاستسلام.. لمصيره!
أحمد الصراف